أيتام إدلب.. قصص مؤلمة وواقع مأساوي يسلبهم طفولتهم

أيتام إدلب.. قصص مؤلمة وواقع مأساوي يسلبهم طفولتهم
خلفت الحرب الدائرة في سوريا منذ أكثر من عشر سنوات جيشا من الأطفال الأيتام الذين فقدوا أحد الوالدين أو كليهما ، ولم يبق لهم من معيل أو سند يحتويهم أو يربط على آلامهم وهمومهم التي فاقت أعمارهم بكثير ، وأثقلت كاهل أجسادهم الصغيرة الغضة ، وزادت معاناة أولئك الأطفال مع موجات النزوح والتهجير والأزمات الاقتصادية والصحية التي تجتاح المنطقة ، في ظل غياب أي جهة تهتم بهم أو ترعاهم .

قتل والدا الطفلة هدى الأبرش (١١عاما)وأخواها قبل نحو ثلاثة أعوام عندما قُصف منزلهم بغارة جوية ، فانتقلت لتعيش مع أختها الصغيرة ذات الثلاث سنوات في منزل عمها قبل أن ينزحوا جميعا من مدينتهم معرة النعمان إلى مخيم السلام بباريشا، وفي البداية كانت معاملة زوجة عمها جيدة لكن سرعان ماتغيرت بعد النزوح بسبب سوء وضعهم المعيشي، وظروف نزوحهم القاسية، فيما اقترحت زوجة عمها عدة مرات إرسالها وأختها إلى الميتم لكن عمها رفض الفكرة رفضا قاطعا .

تقول هدى في حديثها لأورينت نت :“أشعر بالإحراج لأن معظم مشاكل عمي وزوجته بسببنا، فلا يكاد يمر يوم علي من دون أن أبكي فيه أو أفكر فيه بأبي وأمي ، أحاول جاهدة رعاية أختي الصغيرة وتعويضها بعضا من حنان الأم وعطف الأب اللذين حرمت منهما مدى الحياة ” 

ترك المدرسة لأجل العمل وتأمين النفقات

الطفل محمود العبيد (٩ أعوام ) من بلدة خان السبل بريف إدلب الجنوبي استشهد والده في الحرب الدائرة، ويعيش مع والدته وأختيه الصغيرتين في مخيمات مشهد روحين، اضطر لترك المدرسة وبات يقضي معظم وقته متنقلا بين الشوارع وعلى قارعة الطرقات عارضا على المارة أن يشتروا منه بعض الجوارب وعلب البسكويت كي يربح القليل من المال ويعطيه في نهاية اليوم لأمه .

يقول محمود لأورينت نت: إن عمله شاق ويعاني بسببه ألما شديدا في قدميه بسبب الوقوف والمشي طيلة النهار ،ولكن ليس باليد حيلة فهو مضطر للعمل لينتج مايسد به الرمق، بحسب تعبيره .

وليس لدى عائلة محمود أي دخل إضافي سوى عمل ابنهم باستثناء سلة غذائية شهرية تصلهم كغيرهم من العائلات، وحال هذا الطفل كحال مئات الأيتام في إدلب وريفها الذين ظلوا دون كفالة بعد وفاة آبائهم ليعيشوا فريسة دخل محدود ومصير مجهول .

وتقول والدة محمود :“يحزنني كثيرا أن ابني ترك المدرسة رغم أنه كان متفوقا بدراسته، بحثت مرارا عن أي عمل دائم لي لأعمل وأعيده لمدرسته لكن دون جدوى، ففرص العمل معدومة وخاصة أنني لاأملك شهادة، أعمل في أي شيء يعرض علي، عملت في الأراضي الزراعية وقطاف المحاصيل ولكن عملي توقف مع دخول فصل الشتاء "، وتصمت الأم قليلا ثم تضيف بغصة وبعيون ملأتها الدموع :“في بعض الأحيان أتمنى الموت لأنه بات أرحم من هذه الحياة ”.

الأيتام في صفوف العسكر

غير أن ظروف الحرب القاسية من فقر ونزوح وانعدام فرص العمل، دفعت العديد من الأيتام للانتساب إلى أحد الفصائل العسكرية المقاتلة من أجل كسب المال اللازم للإنفاق على العائلة بعد مقتل الأب أو اعتقاله من جهة، وبدافع الانتقام من هذا النظام الذي قتل وهجّر واعتقل من جهة ثانية .

سمير الخطيب (١٦عاما) من جبل الزاوية اعتقل والده في عام ( ٢٠١٤) وبعد عام وصلهم خبر مقتله تحت التعذيب في سجون نظام أسد، ويؤكد سمير بأنه كان يكبر ويكبر معه حب الثأر لوالده، وعندما أتيحت له الفرصة انتسب إلى حد الفصائل العسكرية المقاتلة في المنطقة، وتلقى تدريبا على حمل السلاح.

تقول والدته :“على الرغم من حاجتنا الماسة للمال الذي يحصل عليه ابني جراء عمله، إلا أنني أتوسل إليه كثيرا وأطلب منه أن يتركه خوفا عليه من أن يتعرض لمكروه، خسرت والده، ولاأريد أن أخسره هو أيضا ”، بحسب تعبيرها.

بدورها المختصة في الدعم النفسي والاجتماعي فريدة الكشتو (٤٥عاما)، ترى أن تجربة فقد أحد الأبوين أو كليهما من أقسى التجارب على الطفل، وتجعله يشعر بالخوف والضعف والوحدة وفقدان الأمان، فضلا عن فقدان الثقة بنفسه وبالآخرين، وكلما كان الطفل صغيرا زادت وطأة الحدث عليه، وخاصة في فقدان الأم التي تلازم الطفل في فترة طفولته وتعمل على رعايته.

وتؤكد المختصة في حديثها لأورينت نت، على ضرورة التنسيق بين جمعيات رعاية الأطفال الأيتام، والعمل على زيادة اندماجهم في المجتمع، وتقديم الدعم الكافي لأسرهم أو ذويهم غير القادرين على تحمل المسؤولية، والعمل على حمايتهم، وتلبية كافة احتياجاتهم من رعاية طبية وغذائية وصحة نفسية بالإضافة للدعم المادي، وخاصة في مخيمات النزوح التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة.

ووفق إحصائية  لفريق (منسقو الاستجابة) بلغ عدد الأطفال الأيتام في مناطق شمال غرب سوريا (١٩٨,٦٣٢)طفلا دون سن الثامنة عشرة ، فيما وصل عدد النساء الأرامل دون معيل إلى ٤٦,٨٩٢)امرأة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات