جامعات الشمال: ربع الطلاب عاجزون عن إكمال التعليم والمنح لا تغطي المحتاجين

جامعات الشمال: ربع الطلاب عاجزون عن إكمال التعليم والمنح لا تغطي المحتاجين
ارتفاع رسوم التسجيل في جامعات المناطق المحررة بالتزامن مع ازدياد معدلات الفقر في الشمال السوري، جعلت قضية المنح الدراسية مطروحة وبقوة. إذ على الرغم من وجود عدة جهات تقدم منحاً كاملة أو جزئية، إلا أن عدم وجود معايير واضحة للحصول على هذه المنح، بالإضافة إلى محدودية عددها مقارنة بالعدد الكبير من الطلاب المحتاجين إلى المساعدة، يجعل برامج المنح محل جدل مع بداية كل عام دراسي.

وغالباً ما يتركز الجدل حول انتقائية برامج المنح بحيث تكون في خدمة فئات معينة من الطلاب، مع توجيه اتهامات بتوظيف هذه البرامج لتحقيق أهداف دعائية من قبل بعض الجهات المانحة، التي تقول بدورها إنها لا تستطيع تغطية جميع المتقدمين للحصول على هذه المنح، بسبب وجود عدد كبير جداً من المتقدمين الذين تنطبق على أغلبهم شروط الحصول عليها، ما يدفعها للمفاضلة بينهم على أساس الأشد حاجة.

منح جامعة إدلب

بلغ عدد المنح المستفاد منها في العام الدراسي السابق في جامعة إدلب الحرة (قطاع عام) نحو ثلاثة آلاف منحة خاصة بالرسوم.

وحسب مصدر خاص في الجامعة، فإن "هيئة الزكاة" التابعة لحكومة الإنقاذ تكفلت برسوم التسجيل عن ألفي طالب، بينما قدمت جمعية "الوابل الصيب" منحاً للقسم الأكبر من الطلاب الألف الآخرين، والبقية حصلوا على منحهم من خلال عدة جمعيات ومنظمات، مثل "فريق ملهم التطوعي" و "مؤسسة مداد" و "منظمة بنفسج"، بالإضافة إلى تكفل تجار من المنطقة بالمصاريف الدراسية لعشرات الطلاب سنوياً.

لكن عدداً من الطلاب ممن تواصلت معهم "أورينت نت" أكدوا أن المنح التي تقدمها جامعة إدلب، وكذلك "هيئة الزكاة" التابعة لحكومة الإنقاذ، مخصصة في أغلبها، إن لم يكن كلها، للعناصر والموظفين في "هيئة تحرير الشام" و "حكومة الإنقاذ" والمؤسسات التابعة لهما، وأن الأمر ذاته ينطبق على المنح الخاصة بأبناء الشهداء والمصابين.

وبهذا الخصوص تقول الطالبة حسناء، التي كانت حالتها السبب الرئيسي في فتح "أورينت نت" ملف التعليم في المناطق المحررة، عبر تحقيق من ثلاثة أجزاء: حاولت جاهدة الحصول على أي منحة تساعدني على التسجيل في الجامعة هذا العام لكنني فشلت، فشروط المنح المحددة في جامعة إدلب لا تنطبق علي، لأن والدي ليس مقاتلاً في هيئة تحرير الشام، وليس موظفاً في حكومة الإنقاذ، كما أنه ليس جريحاً أو معاقاً.

وتضيف: تواصلت مع العديد من المؤسسات والمنظمات التي تقدم منحاً للطلاب الفقراء، بما في ذلك فريق ملهم التطوعي الذي أعلن عن منحة بهذا الخصوص ووضع رابط إلكتروني للتسجيل عليها، إلا أنني لم أحظَ بأي فرصة، على الرغم أن عائلتي تصنف من بين الأشد فقراً، إضافة إلى أننا نازحون، مافوّت علي فرصة التسجيل هذا العام، وربما بشكل نهائي.

معايير المنح

لا ينكر محمود حسانو، منسق شمال سوريا في فريق ملهم التطوعي أن عدداً غير قليل من المسجلين على طلب المنحة لم يحصلوا على ردّ إيجابي، لكنه يؤكد أن هذا سببه العدد المحدود من المنح التي وفرها الفريق، في وقت تقدم أضعاف هذا العدد من الطلاب للحصول عليها.

 

ويقول في تصريح لـ"أورينت نت": الفريق يعتمد على الحملات والتبرعات بشكل كامل، فنحن عندما نقف على مسألة ما تتطلب توفير المال، نطلق حملة تبرعات تخصص لهذه المسألة تحديداً، وما نجمعه نصرفه على ما جمعناه من أجله.

ويضيف: عندما وجدنا أن هناك حاجة لمساعدة الطلاب الأشد فقراً من أجل دفع رسوم التسجيل في الجامعات بشمال سوريا، أطلقنا حملة بهذا الخصوص، لكن الاستجابة لم تكن كبيرة كما يحصل في التفاعل مع قضايا أخرى، وعليه لم نستطع تلبية سوى 400 طالب من أصل 1400 طالب سجلوا في رابط المنحة.

وحول المعايير التي تم على أساسها اختيار المتقدمين المقبولين قال حسانو: المعيار الأول حول الحالة المادية للطالب المتقدم، ومن ثم متوسط الدرجات، فالأفضلية للطالب الذي حصل على مجموع أعلى عندما يكون بنفس الوضع المادي مع الطالب الآخر.

لكن هذه المعايير المبسطة ليست وحدها المعتمدة بالنسبة لبقية المؤسسات، خاصة المتخصصة منها في مجال التعليم، ولذلك فهي تلجأ إلى وضع معايير أكثر تعقيداً، أو أكثر شمولية، كما تفعل وزارة التعليم في الحكومة المؤقتة.

تدخل حكومي وشعبي لا يغطي الحاجة 

وحسب رئيس الحكومة عبد الرحمن مصطفى، فإن برنامج المنح الخاص بالحكومة يشمل إعفاءات وتخفيضات في الرسوم الجامعية لأبناء الشهداء ولزوجاتهم ولذوي الاحتياجات الخاصة وأبناء معتقلي الثورة، وللزوجين الطالبين وأي طالبين من عائلة واحدة، بالإضافة إلى التدخل الطارئ الذي يحصل في كل مرة تكون هناك حاجة، كما جرى عندما سددت الحكومة رسوما متأخرة عن 400 طالب العام الماضي، ما سمح لهم بتقديم الامتحانات.

ويقول مصطفى لـ"أورينت نت": نعلم أن ما نقدمه غير كافٍ، لذلك تعمل الحكومة في الوقت الحالي على تأمين دعم إضافي من أجل مساعدتها على تخفيض الرسوم في جامعة حلب بالمناطق المحررة، وهناك خطط بذلك عند وزارة التربية والتعليم تعمل على إنجزاها.

ومع ذلك لا يغطي البرنامج المقدم من قبل الحكومة المؤقتة وجامعة حلب الحرة سوى عدد محدود من الطلاب الذين يحتاجون إلى المساعدة في تغطية رسوم ونفقات التسجيل، الأمر الذي دفع بالعديد من المؤسسات والمنظمات المختصة بدعم قطاع التعليم إلى المساهمة في ذلك.

أبرز هذه الجهات مؤسسة مداد التي تعدّ الداعم الرئيسي لجامعة حلب الحرة، فهي وإلى جانب المبلغ الكبير الذي تقدمه كمنحة للجامعة سنوياً، فإن لديها برنامجاً خاصا بالمنح، شمل أكثر من 800 طالب العام الماضي، ولا يقتصر فقط على منح التسجيل والرسوم كما يقول مدير البرامج في المؤسسة محمد جليلاتي.

جليلاتي أكد لـ"أورينت نت" أن خطة المؤسسة تهدف إلى أن تشمل منحة التسجيل 1500 طالب هذه السنة. بينما تأخذ على عاتقها مؤسسات أخرى مساعدة الطلاب الآخرين الذين لا يستفيدون من برامج المنح التي تقدمها "مداد"، مثل منظمة بنفسج (40 منحة) و مؤسسة الراود (350 منحة) وفريق ملهم التطوعي وغيرهم.

لكن مع ذلك لا تكفي كل هذه المساهمات في القيام بأعباء حاجة الطلاب في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة إلى دفع رسوم التسجيل في الجامعات، الأمر الذي يدفع بعض الناشطين والفعاليات الاجتماعية، عند بداية كل عام دراسي، إلى إطلاق حملة لجمع التبرعات من أجل المساهمة في تسجيل الطلاب الذين لا يستطيعون دفع هذه الرسوم ولم يشملهم أي برنامج منح.

وفي هذا الإطار أطلق ناشطون حملة قبل أسبوعين في محافظة إدلب ساهم فيها عدد من التجار والمغتربين، كما كان لافتاً تخصيص بعض أصحاب حقول الزيتون جزءاً من محصولهم للمساهمة في هذه الحملة، الأمر الذي ساهم في حل مشكلة عدد من الطلاب أيضاً، إلا أنه وبالمقابل بقي المئات من الطلاب الآخرين بدون مساعدة، ما يعني عدم قدرة أغلبهم على التسجيل، حيث يؤكد القائمون على جامعتي حلب الحرة وإدلب، أن ربع عدد المسجلين في الجامعتين لا يستطيعون دفع الرسوم ما يجعلهم غير قادرين على متابعة التعليم الجامعي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات