في استحالة التسوية بين الحرية والاستبداد.. فما الحل إذاً؟!

في استحالة التسوية بين الحرية والاستبداد.. فما الحل إذاً؟!
ينطوي مفهوم التسوية على معنى فض النزاعات البشرية، سواء كانت نزاعات فردية أو نزاعات جماعية أو نزاعات دولية.

إنها - أي التسوية – تعني أن هناك خلافا بين طرفين على أمر ما وحله يكون بالتراضي بينهما. 

ولكن هناك أنواع من النزاعات ولكل نوع من الأنواع ذي علاقة بإمكانية التسوية أو استحالتها. وهنا تكمن المشكلة في النظر إلى التسوية.

فالنزاعات الحدودية نزاعات تكون غالباً قابلة للتسوية، وبخاصة إذا كانت الحرب مكلفة للطرفين، وغير قادرة على حل النزاع. وأساس التسوية هنا أن يكون الطرفان قد اعترفا ببعضهما، أي بامتلاك كل طرف جزءاً من الحق. وعندها يعلن الطرفان بأنهما قدّما تنازلات مؤلمة درءاً لنشوب الصراع المسلح.

والتنازلات المؤلمة هنا تعني بأن كل طرف يعتقد بأنه تنازل عن جزء من حقه للآخر.

إذاً دعوني أعرّف  التسوية على أنها حل لنزاع حول الحق. لكن الحق هنا حق واقعي، وليس ادعاءً، وهذا هو الذي يجعل التسوية ممكنة. لأنها اعتراف الطرفين بحقوق بعضهما البعض. ولكن عندما يكون هناك صراع بين الحق واللاحق فالتسوية عندها تكون مستحيلة.

فالحق في الحرية والديمقراطية والكرامة نقيضه اللاحق في ممارسة العبودية والاستبداد والإذلال للآخر. تخيل أن يكون هناك تسوية بين العبودية والحرية وبين الديمقراطية والاستبداد وبين الكرامة والذل. التسوية هنا لا تجري على تضاد كهذا. بل إن مبدأ الثالث المرفوع في المنطق هو منطقها:إما وإما ولا وسط بينهما.

هذه المقدمة المنهجية ضرورية جداً جداً لفهم إمكانية التسوية أو استحالتها. فالعمل السياسي ليس عملاً رغبوياً قائماً على الوهم والجهل. السياسة في أحد تعريفاتها فن تحقيق الممكن.

فالتسوية التي يسعى – ظاهرياً - إليها العالم في الصراع الدائر بين حق الشعب السوري في الحرية والديمقراطية من جهة والباطل المطلق للدكتاتورية والاستبداد من جهة أخرى تسوية مستحيلة.

أي عقل قاصر هذا الذي يعتقد بإمكانية تسوية بين بنية دكتاتورية متخلفة بكل أدوات عنفها ومدعومة من أسوأ سلطة لاهوتية تحكم إيران، وبنية جديدة مأمولة لسوريا الديمقراطية؟!

أي تسوية ممكنة هذه بين بنية متخلفة دمرت ثلاثة أرباع البلاد وشردت الملايين واستدعت ميليشيات الوسخ التاريخ لاحتلال الشام، وشعب يتوق للحرية والكرامة الإنسانية ويسعى نحو قطيعة مع نصف قرن من الظلام والانحطاط؟

وبالمناسبة إن خامنئي وسلطته المتخلفة القروسطية، وميليشيات الوسخ التاريخي والجماعة الحاكمة البدائية، كل هؤلاء لن يرضوا بأي ممكن يسلبهم واحداً بالمئة من "اللا حق" الذي يملكونه. وكل من يعتقد غير ذلك فهو واهم.

ويسألونك ما الحل إذاً؟

في هذه اللحظة لا حل، وتفسخ جثة البنية الحاكمة عملية مستمرة ولكنها قد تطول إلا إذا توحدت إرادة المعذبين على اختلاف انتماءاتهم.

التعليقات (3)

    فضل

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    ابداع وكلمة حق

    محمد

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    سؤال ربما يكون مفيدا، هل من الممكن و المفيد أن تكتب عن ناصر مصر ك شخص و مرحلة و دور في تأسيس الواقع العربي اليوم و كيفية تطويره؟ شكرا

    اذا توحدت ارادة المعذبين على اختلاف انتماءاتهم

    ·منذ سنتين 3 أشهر
    عندما ترفعنا كسوريين عن مفهم الانانيه و رضيناا ان نكون يدا واحده ابهرنا العالم!!! ولكن وجد من بيننا من تامر وطعن ثورتنا وطمع بامارة هنا ومكسب مادي هناك وسلطه ووعود فارغه من داعمين . اذا كان النظام في سوريا قتل جسد الثوره وهجر المدنيين فما يسمى قادة الفصائل قتلوا الروح واصبح السوريين بسبب طمع هؤلاء مشتتين في اصقاع الارض يجاهد للنجاة بنفسه و عائلته. قدرة الله وحدها من توحد هؤلاء المعذبين!! شكرا لك د. احمد
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات