دراسة تحذر من كارثة تهدد السوريين و3 مؤشرات تؤكد اقترابها

دراسة تحذر من كارثة تهدد السوريين و3 مؤشرات تؤكد اقترابها
دقّت دراسة بحثية حول الأمن الغذائي في سوريا ناقوس الخطر، محذّرة من أن البلاد تمضي نحو مجاعة استناداً لمجموعة مؤشرات، ما قد يتسبب بتعميق  الكارثة الإنسانية التي يكابدها السوريون حالياً بسبب نظام أسد وجرائمه.

وقال مركز السياسات وبحوث العمليات في دراسة جديدة نشرها معهد الشرق الأوسط للدراسات، إن الأوضاع الإنسانية في سوريا تستمر بالتدهور، مدفوعة بثلاثة عوامل، فيما تتنامى الحاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة لتجنب حدوث مجاعة.

الجفاف الشديد

أولى تلك العوامل تتمثل بالجفاف الشديد الذي تعاني منه البلاد حالياً، والذي وصفته المفوضية الأوروبية بأنه أسوأ جفاف تعاني منه سوريا منذ 25 عاماً.

وتُظهر بيانات مؤشر الهطول الموحد خلال الفترة من تشرين الأول 2020 إلى آذار 2021 أن جميع أنحاء البلاد عانت أساساً من ظروف أكثر جفافاً من المعتاد، ولاسيما المناطق الرئيسية المنتجة للقمح في شمال شرق سوريا.

 

وكانت الكتلة الحيوية لمزروعات الحبوب منخفضة أو معدومة بمناطق الشمال الشرقي، ولا سيما في محافظة الحسكة حيث من المتوقع أن تكون النتائج وخيمة، خاصةً مع تقدير  خبراء الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 50٪ من الأراضي المزروعة في الحسكة يمكن أن تموت نتيجة الجفاف.

بالإضافة إلى الكتلة الحيوية للحبوب، تختفي الكتلة الحيوية للنباتات بشكل عام، إذ يُظهر مؤشر الغطاء النباتي الطبيعي لشمال شرق سوريا مستويات سلبية بشكل ملحوظ، وكذلك الحال بالنسبة لشمال غرب البلاد.

واستبعدت الدراسة أن تكون البلاد قادرة على تعويض ذلك من خلال الريّ، إذ إنَّ  16-17٪  فقط من الأراضي المزروعة حالياً تُروى وفقاً لأحدث البيانات، كما تقلصت كمية المياه المتدفقة عبر نهر الفرات نتيجة تدني مواسم الأمطار في تركيا فضلاً عن استثمار الأخيرة المستمر في السدود التي أصبحت مركزية بشكل متزايد لإنتاج الطاقة في تركيا، ما انعكس سلباً على كمية المياه التي تصل إلى شمال شرق سوريا. وعلى سبيل المثال،  كانت مستويات المياه في سد الطبقة اعتباراً من حزيران 2021 عند 20٪ من مستواها الطبيعي.

كما ساهم سوء الإدارة الزراعية التي انتهجها نظام أسد في تفاقم الوضع الحالي  من خلال استنزاف احتياطيات المياه الجوفية بشكل مفرط وإطلاق العنان للرعي الجائر المستمر، ما تسبب بالتصحر.

انعدام غير مسبوق للأمن الغذائي

ثاني العوامل التي تُنذر بالمجاعة يتمثل في تفاقم انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد وتراجع القدرة على إطعام الأهالي لمستوى غير مسبوق.

وفقاً لبيان صادر عن برنامج الأغذية العالمي (WFP) ، يعاني حوالي 12.4 مليون شخص (ما يقرب من 60٪ من السكان) من انعدام الأمن الغذائي، ولا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية، وهذا "هذا هو أعلى رقم مسجل في تاريخ سوريا، بزيادة قدرها 57 في المائة منذ عام 2019 "، بحسب البيان.  

علاوة على ذلك، كانت الأمور تزداد سوءاً بشكل مطَّرد في السنوات القليلة الماضية، مع زيادة متوسط تكلفة سلة الغذاء المرجعية القياسية على الصعيد الوطني شهرياً بين آب 2019 وأيار 2021.

وتبرز خطورة الوضع من خلال إحصائيتين رئيسيتين: أولهما، ارتفع المتوسط الوطني لأسعار المواد الغذائية بأكثر من 200٪ من منتصف عام 2020 إلى منتصف عام 2021، فيما وثقت الثانية ارتفاعاً بنسبة 61٪ في رقم الأسر التي أبلغت عن استهلاك غذائي فقير أو في حدوده الدنيا خلال الفترة الممتدة بين أيار 2020 ومثله من العام 2021.

وأشارت الدراسة إلى أنه من غير المرجَّح  أن يستورد النظام المواد الغذائية التي يحتاجها الأهالي، نظراً لأن احتياطياته من العملات الأجنبية تكاد تكون معدومة، وحتى روسيا، حليف النظام الأقرب إلى جانب إيران، لم تنفذ الصفقة التي وقعتها مع النظام لتصدير 1.5 مليون طن من القمح إلى البلاد بحلول نهاية عام 2021 بسبب نقص الأموال.

يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار الغذاء العالمية إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد، حيث قفزت بأكثر من 30٪ في العام الماضي وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو).  

تراجع تمويل المساعدات الإنسانية

أما العامل الثالث فيتمثل بانخفاض التمويل الإنساني لسوريا بينما ارتفعت الحاجة للمساعدة إلى أعلى مستوى في أي وقت مضى.  

ومنذ حزيران 2021، تم تسليم ( 0.63 مليار دولار) أي 15 ٪ فقط من مبلغ 4.2 مليار دولار الذي طلبته الأمم المتحدة لسوريا لعام 2021، مقارنة بـ 1.4 مليار دولار من 3.8 مليار دولار (أي 37٪) المطلوبة لعام 2020 عن ذات التوقيت. وعلى الرغم من الاحتياجات المتزايدة، فإن تمويل المانحين لسوريا اعتباراً من 25 تشرين الثاني 2021 عند أدنى مستوى له منذ 2014.

ويُعزى ذلك إلى استجابة الحكومات في جميع أنحاء العالم للانكماش الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا، حيث كانت المبالغ المخصصة للمساعدات أول ضحايا تلك الاستجابات.

وبحسب الدراسة، يقدم برنامج الغذاء العالمي مساعدات غذائية إلى أكثر من 5 ملايين شخص في جميع أنحاء سوريا شهرياً، لكنه اضطر مؤخراً نتيجة نقص التمويل إلى تقليل الحصص الغذائية الشهرية التي تتلقاها العائلات، وخفض البرنامج كذلك عدد السعرات الحرارية من سِلاله الغذائية في أيلول 2021 بسبب انخفاض الموارد. وكان هذا الخفض الثالث على التوالي.فيما يحتاج البرنامج بشكل عاجل إلى ما يقرب من 480 مليون دولار للأشهر الستة المقبلة.

3 توصيات

وأوصت الدراسة الحكومات المانحة بتركيز جهودها على ثلاثة صعُد: أولها زيادة المساعدات الإنسانية لسوريا لتلبية الحد الأدنى الذي تطلبه وكالات الأمم المتحدة، وخاصة برنامج الأغذية العالمي.

والثاني ضمان وصول المساعدات إلى السكان المتضررين وعدم ترك نظام أسد يستأثر بها وهذا يشمل ضمان أن  يكون سعر الصرف المطبق على تحويلات الأمم المتحدة يطابق السعر الحقيقي في السوق السوداء.

والثالث ضمان تجديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود إلى شمال غرب سوريا، أو إيجاد آلية بديلة دائمة لإيصال المساعدات إلى تلك المناطق دون أن تدخل من نظام أسد.

 

وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث أكد مؤخراً أن أكثر من 90% من إجمالي عدد السكان في سوريا يعيشون تحت خط الفقر، مشيراً إلى أن كثيراً منهم يُضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة للغاية لتغطية نفقاتهم.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات