رسائل وأهداف واشنطن من الاغتيالات الصامتة في الشمال السوري..؟!

رسائل وأهداف واشنطن من الاغتيالات الصامتة في الشمال السوري..؟!
على ما يبدو أن القناعة التي وصلت إليها واشنطن والدرس الأبرز الذي تعلمته في مواجهاتها المباشرة والمفتوحة مع ما تسميه: الشبكات والمجموعات الجهادية والإرهابية (داعش والقاعدة) وغيرها من الجماعات، والتي انتشرت كالنار في الهشيم في كل من "سوريا والعراق واليمن" وشمال إفريقيا ودول متعددة أخرى.. الدرس الذي تعلمته أنه ليس بالضرورة أن يتطلب جيوشاً تقليدية وحرباً كلاسيكية أو وجوداً عسكرياً ميدانياً كبيراً بالقض والقضيض على الأرض؛ لمكافحته وتفكيكه والقضاء عليه، وذلك نتيجة للتكالف الباهظة التي ستنجم عن هذا الأمر، وما سيصاحبه من تهديدات وخسائر بشرية ومادية ومعنوية كبيرة، قد يطول أمدها جداً في بعض الأوقات. والمثال على ذلك: النتائج التي وصلت إليها القوات الأمريكية في أفغانستان؛ إذ إنه وحسب إحصاءات رسمية أمريكية فالوجود الأمريكي في هذا البلد وحده، أدى إلى مصرع نحو "2448" جندياً أمريكياً، ومقتل "3846" من المتعاقدين مع القوات الأمريكية، وقدّر عدد الإصابات بنحو "20660" جندياً أمريكياً أثناء القتال، إضافة إلى الخسائر المادية الكبيرة والتي قدرت بأكثر من "ترليوني دولار" كتكاليف للحرب، ناهيك عن الخسائر بأرواح الأفغان التي تجاوزت "240" ألفاً من القتلى! 

عملياً فإن القيادة المركزية الأمريكية ووكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي ايه"، ومن خلال قواعدها المنتشرة في المنطقة ودول العالم واعتماداً على المعلومات الاستطلاعية و الاستخباراتية الإلكترونية والفضائية الدقيقة، وأيضاً المعلومات التي تصل عن طريق العملاء والجواسيس؛ قد باتت من بعيد وعلى نار هادئة   تنفّذ كافة عمليات ملاحقة واصطياد العناصر والقيادات التي تتبع لتنظيم القاعدة وتنظيم داعش، والمرتبطين بهم كتنظيم "حراس الدين" في كثير من البلدان، بما فيها الجغرافيا السورية... باستخدام تقنيات الطائرات المسيرة المذخَّرة الحديثة...! 

لا شك أن العمليات التي تنفذها الطائرات الأمريكية المسيّرة في الشمال والشمال الشرقي السوري، وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها القوات التركية والجيش الوطني وهيئة تحرير الشام "جبهة النصرة"، والتي تطال من خلالها: قيادات جهادية ميدانية بارزة باتت كثيرة جداً.. تعني عملياً من خلال قراءة ما بين سطور تلك العمليات والاغتيالات الممنهجة، أن واشنطن تريد تسجيل النقاط وتوجيه رسائل لأنقرة مفادها: أن مناطق سيطرتها ونفوذها باتت تعج بمثل هؤلاء وتستقطبهم، وأصبحت ملاذات وقواعد ومنطلقات آمنة لهم، يمارسون ويخططون فيها لنشاطاتهم الإرهابية المتعددة؛ وبات من الضروري لتركيا التعامل مع ذلك! 

من خلال الرصد و تتبع الأهداف والاغتيالات التي يتم تنفيذها من قبل واشنطن في الشمال السوري، وتبعيات المستهدفين وأسماءهم وجنسياتهم، فإننا نلاحظ أن واشنطن تركز في اغتيالاتها والعمليات التي تنفذها في الشمال السوري، على: أفراد و قيادات تنظيم "حراس الدين" الذي انشق عن "هيئة تحرير الشام" ؛ بسبب رفض قياداته إقدام "هيئة تحرير الشام" على الانفصال والانسلاخ عن تنظيم "القاعدة الأم" في "تموز" "2016" ؛ فأعلن: تنظيم حراس الدين بعد ذلك عن تأسيسه في "27 "شباط "2018" بقيادة "أبو همام الشامي" واتخذ من الريف الغربي لإدلب؛ والريف الشمالي الشرقي للاذقية؛ مناطق لوجوده وممارسة نشاطاته الميدانية؛ ضد قوات النظام وميليشياته.. ! 

من  ناحية ثانية: ومن خلال متابعة العمليات الأمريكية التي تستهدف عناصر المجموعات الجهادية المتشددة؛ في شمال وشمال غرب سوريا، فيمكننا ملاحظة: الفرق والتباين الواضح والكبير؛ بين الإستراتيجية الأمريكية و الإستراتيجية الروسية في التعامل الميداني مع تلك الجماعات . إذ تقوم “الإستراتيجية الروسية" على الاستهداف التدميري و"العشوائي”؛ واستخدام الذخائر العمياء للتعامل مع الأهداف، التي غالباً ما تتسبب بمقتل الكثير  من المدنيين بمختلف فئاتهم وأعمارهم؛ وذلك ربما أعزوه لسببين اثنين: 

1_ عجز الروس عن تأمين الطرق والوسائل التي تأتيهم بالمعلومات الاستخبارية الدقيقة لتوجيه ضرباتهم إلى أفراد تلك المجموعات؛.!؟ 

2_ لأنهم لا يريدون ذلك. ولا يهمهم الجرائم المرتكبة؛ أو أعداد المدنيين الذين يتساقطون نتيجة استهدافاتهم؛ وبتصوري :أن هذا هو الأرجح والأصح غالباً ..! 

بالمقابل تركّز عمليات القيادة المركزية الوسطى، ووكالة الاستخبارات الأمريكية في إستراتيجيتها على استهداف قيادات الجماعات الجهادية، التي تعتبرها واشنطن خطراً عليها؛ وتقف عائقاً في طريق مكافحة الإرهاب والقضاء عليه . ولذلك فهي تعتمد: على عمليات تتبع واصطياد القيادات المشكِّلة لحجر الزاوية؛ في نشر أفكار التنظيم وتقوية وتوسيع  شبكات تجنيده، وبالتالي هذا يعني :القدرة على شل الفاعلية للتنظيمات الجهادية، ومنعها من النمو والاستمرار والانتشار.! 

لكن، ومع هذا الاختلاف والنتائج المتباينة؛ في الإستراتيجيتين؛ فهناك أمر قد يعزز شكوكنا حول أية إمكانيات ومساعدات فد تكون واشنطن تتلقاها بشكل مباشر أو غير مباشر، من قبل هيئة تحرير الشام أو مباشرة من القوات التركية، بما يسمح للأمريكان بمتابعة هؤلاء واستهدافهم حتى لو كانوا تحت الأرض! أو يتنقلون على درجاتهم النارية وبدقّة بالغة..! 

إن أية عملية من عمليات الاغتيال التي تنفذها واشنطن، وتستعمل فيها الطائرات المسيرة في تنفيذ هذه المهام، هي وبكل ماتعنيه الكلمة عمليات صعبة ومعقدة! وأحياناً لا بد أن تكون خاطفة؛ نظراً للاضطرار في بعض الأوقات للتعامل مع معلومة استخباراتية عن هدف ما متحرك تبحث عنه واشنطن يتطلب من أصحاب القرار المرونة والسرعة العالية في تقدير الموقف واتخاذ الإجراءات اللازمة؛ للتعامل الآني واللحظي مع هذا الهدف وعدم فقدانه..!   

ختاماً.. اذاً ما هي الخطوات الضرورية والواجب اتخاذها وإجراؤها من قبل القوات الأمريكية والتي تسبق أي عمليات مخططة للاغتيال ستقوم بتنفيذها؟ 

1_الحصول والوصول إلى المعلومة الاستخباراتية اللازمة من المصادر "الموثوقة".!  

2_التحقق من المعلومات الاستخباراتية، والتأكد من عدم وجود "فجوات" وأخطاء فيها؛ لأن الأخطاء تؤدي إلى زيادة احتمالات سقوط "المدنيين" الأبرياء؛ وهذا عملياً ماتخشاه الإدارة الأمريكية، والذي بدوره سينعكس على صورتها وتأجيج المشاعر العدائية لها في مناطق نفوذها..!

3_التحضير والإعداد الجيد للعملية والطائرة المستخدمة فيها للتنفيذ.. 

4_الاستعداد الدائم لغرف العمليات: لتحليل المعلومة الاستخباراتية المتلقاة والتأكد منها ما أمكن، وإصدار التعليمات للجهات المختصة: للتعامل معها ضمن الوقت المناسب! 

5_تأمين حماية الكردورات الجوية التي ستستخدمها الطائرات المنفِّذة للعملية في الذهاب والعودة؛ وخاصة أن الأجواء السورية مزدحمة بطيران أصحاب النفوذ المختلفة أجنداتهم واستراتيجياتهم..!

6_تذخير الطائرة بالصواريخ والأسلحة المناسبة للتعامل مع الهدف حسب طبيعته (أشخاص؛ عربة؛ دشمة.. الخ) مع الحرص على التعامل مع الهدف دون إحداث أضرار جسيمة؛ وخاصة في صفوف المدنيين في المحيط الذي يقع فيه الهدف؛ وغالباً ما تستخدم هذه الطائرات نماذج معدلة من صواريخ "هيل فاير" (الجحيم)  من طراز "R9X" او السلاح السري المسمى 'نينجا" اللذين يعتمدان في تصميمهما على وجود شفرات قاسية متحركة تهشم الهدف داخل الآليات التي يستخدمها المستهدفون عادة في تحركاتهم ..!

التعليقات (1)

    HOPE

    ·منذ سنتين 4 أشهر
    الانتقائيه التي تتبعها اميركا في استهداف الجماعات الاسلاميه الراديكاليه دليل ان ليس كل ما يدعى التطرف الاسلامي قد يضر بمصالحها؟؟؟ مثلا.. الجولاني لا تخاف منه بل يتفذ اجنده ما؟ مثلا ..انهاء حكم سفاح دمشق ممكن ولكن ... ؟؟ مثلا ... التطرف الشيعي الذي لا يقل عن التطرف السني (داعش والقاعده و من لف لفيفهما) في مرحلة ما لا ضرر منه؟؟؟ اللاعب الاكبر و الاقوى من يحدد و يختار ..
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات