أيّ نصر يريده مخلوف من السويداء؟ ألم يصنع الأمن كل هذا الواقع؟ أوليست العصابات منهجهم القذر دائماً؟ هل يريد مخلوف العودة إلى حكم سوريا مع رهطه بنصر ما.. أم هل قدم بتفاهمات ما مع مافيات إيران لضمان مرور شحنات المخدرات وتدفق حبوب الهلوسة ومكابس الكبتاغون بسلاسة؟ أم هي محاولة للجم وإسكات مجتمع ساخط، بات يعرف تماما ما جرى وما يجري ومن يقف وراءه !؟...
مجتمع يعلم مدى الخراب والدمار والعجز ويعلم جيدا أن المرحلة التي تلت هي ابتزاز فاق أي حد لتركيع من تبقى من مقاومين، ومن ثم العمل على التملص من الجرائم فيما لو عاد المجتمع الدولي تحت ضغط سياسي ما للمحاسبة.
ليست السويداء غير جزء من سوريا فيها كل الشتات وكل الفوضى وإنهاك كبير من مقاومة العين للمخرز.. وما يجري ليس جديدا. فالذاكرة الجمعية لن تنسى قط داعش القرى الشرقية المصنّع. وكل قاصٍ ودانٍ في السويداء يدرك أن فرقة الرضوان في الريف الشرقي جاهزة إذا اكتمل سنياريو ما، وتهيأ مخرج مبدع وبلا ضمير على وزن نجدت أنزور، لأن تصعق السويداء بمسرحية أو فيلم آكشن غاية في الدراماتيكية.
يعلم الناس هنا أن ماحصل من حرب شوارع في الأسبوعين الأخيرين من شهر تشرين الثاني المنصرم، واستهدف حوانيت الذهب في وضح النهار، ما هو إلا ضغط لتسوية طالما كانت قائمة بين الأمن وتجار المدينة، وهي متعلقة بالإتاوة غير العادلة والتي طالما كانت منهجا وأسلوبا قائما بقوة الأمر الواقع والتشليح.. ومن ثم لن تستطيع المدينة أن تقاوم وقد كانت المقدمات: اقتلوا المدنيين قبل المقاومين.. الجميع جاهز لتسوية ما واستنباط أساليب للحياة مناسبة لما نريده للسويداء.
وأما ما جرى في (تل جنجلة) والقتلى الشباب فتلك حكاية السيطرة الإيرانية على مجمع فيه كل الإدارة والسيطرة والتخطيط. في (تل جنجلة) أحجية لمشروع احتلالي قذر فيه من الفضائح والأكاذيب ما يخزي دولا وأنظمة.. وهنا عليك كمراقب أن تفهم أحداث السويداء لا كمنطقة فساد تمارس العبث ويجب تأديبها، كما يريد أن يصور الأمر نمير مخلوف؛ الأمر هو اقتتال بين عناصر النفوذ، ومعسكر اعتقال وتعذيب كبيرين وإن الانحلال المشهود والقوى الشاذة المتقابلة هو ناتج عن فقدان حركة ناضجة للمقاومة والإحساس أن سوريا باتت كل شيء إلا دولة.. وما مخلوف إلا دور جديد يحاول فرض السيادة وشريعة القوى المتقابلة والمتقاتلة، وهو يغطي كل ذلك بحجج التأديب ليتفه شرعية المقاومة ولو كانت جنينية.. وواقعيا إن التوصل إلى تسوية مع هذا الوضع يبدو ضربا من وهم أو خيال!
أهالي السويداء قالوا اللاءات المعروفة:
- لا لقتل إخوتنا السوريين
- لا تسوية منفردة على غرار التصالحات في مناطق معينة
- لا لهيمنة إيران ولا روسيا ولا الأمن
ومع أن الأخير بجعبته الكثير من وصفات الالتفاف والخبث والدهاء، إلا أن الإقناع لن يحصل ،وأهل الجبل الذين باتوا أقلية الأقليات يعلمون مدى الخداع الذي بات يمارس.. وبات الجميع ينتظر المشهد الذي يلي.. ولكن يقينا يتملك الجميع أن مقاومة ما استطاعوا لها سبيلا ستستمر وإن بحثاً عن تأطير لمساعي التحرر من
وفي خاتمة القول نعيش حالة طوارئ واستنفار ونعي أن حصارا ما سيكون وسيخلق ذلك اقتتالا، وممكن أن ينجح الإغراء المالي إلى حين، ولكن من اليقين أن نقول لايمكن أن تنقلب السويداء على ذاتها لا تاريخياً ولا جغرافياً ولا تركيباً نفسياً وعقائديا، وأن مايجري في السويداء اليوم يؤكد أننا لسنا أقلية طائفية بل جزء حقيقي وأساس من سوريا الأم، وأننا نسعى لتأميم سوريا أي العودة إليها كأمة، وأن حوصلة السويداء باتت خطة مكشوفة بل سخيفة.
التعليقات (1)