باستخدام الأطفال.. طريقة جديدة للتهريب إلى تركيا

باستخدام الأطفال.. طريقة جديدة للتهريب إلى تركيا
شهور عدّة استغرقها (عبد الله) للوصول إلى تركيا، قاطعاً رحلة من بيروت مروراً بحمص ومناطق الشمال السوري، ومن ثمّ إلى الجنوب التركي حيث يستقر الآن، رحلةٌ لم تكن رخيصةً أبداً، إذ تجاوزت تكلفتها 4000 آلاف دولار، حملت ما حملته من المخاطر في سبيل الوصول، مع استخدام المهربين لكافة الوسائل بهدف الوصول.

لا يتورع المهربون عن استخدام أيّ وسيلةٍ في سبيل الحصول على الأموال، خصوصاً وأنّ آلاف السوريون يُريدون الهرب من كافة سلطات الأمر الواقع، إن كانت تحت حكم أسد أو غيره بكافة مُسمّياتها، ليجد المهربون بأولئك أكياساً من الدولارات تمشي على الأرض كما يقول عبد الله، وفي سبيل الحصول عليها باتوا مُستعدين لاستخدام كافة الوسائل.

الأطفال طُعم لحرس الحدود

لم يكن يخطر على بال أحد أن تصل الأمور بمهربي البشر في الشمال السوري لاستغلال الأطفال بعمليّات التهريب، ويؤكد نُشطاء من الشمال السوري المحرر أنّ المهربين باتوا يستخدمون الأطفال كـ "طعم" في عمليّات التهريب.

وأكّد النشطاء أنّ المهربين يقومون بإرسال الأطفال إلى الأماكن التي يوجد بها عناصر حرس الحدود التركية (الجندرما) ليقوموا بإشغالهم، وهناك يبدأ حرس الحدود الأتراك بملاحقة الأطفال وإرسالهم إلى الداخل السوري، في الوقت الذي يقوم به المهربين بإرسال الأشخاص المُراد تهريبهم إلى الداخل التركي إن كان في مناطق التي يُسيطر عليها الجيش الوطني، أو تلك التي تُسيطر عليها ميليشيا الجولاني.

وأكّد مُراسل أورينت نت في الشمال السوري أنّ المهربين يستغلون الأطفال في عمليّات التهريب إلى الجانب التركي، وأضاف: "في حال إلقاء القبض على الأطفال من قبل حرس الحدود التركي يُطلق صراحهم عن طريق المعبر الحدودي".

طرق الموت

مُهرِّب "تائب" يقول لأورينت نت إنّ العبور إلى تركيا عن طريق التهريب، يكلف الشخص 800 دولار تقريباً، وفي المناطق التي تُسيطر عليها ميليشيا الجولاني يتم قطع وصل بقيمة (100) دولار تذهب لتلك الميليشيا، وذلك كوصل من أجل السماح بالتهريب يقول: "يتم التعامل بهذا الخصوص بين المهرب ومكتب قطع الوصل، وحالياً العبور متوقف بسبب طبيعة الجو المشمسة، فمنذ قرابة خمسة أيام تم عبور قرابة 1500 شخص إلى تركيا، نتيجة أجواء الضباب، وكما إنّ العبور وقت الضباب أفضل من الحصول على إذن، لأنه سيقع ضحية السماسرة".

المهرب "التائب" الذي اختار اسم أبو محمد (اسم مستعار)، أكّد أنّ منطقة العلاني بريف سلقين بالقرب من نهر العاصي تُعتبر أفضل مكان للتهريب، كما إن مناطق شمال حلب أكثر صعوبة من المناطق الحدودية  شمال إدلب، وذلك بسبب طبيعة المنطقة الجبلية وانتشار الأحراج بكثرة فيها.

وشرح أبو محمد لمراسل أورينت كيف تتم عمليّات التهريب: "السماسرة كثر، ويتاجرون بالناس، منذ أيام عبر شخصان إلى تركيا، أحدهم دفع 2000 دولار، والآخر دفع 750 دولاراً فقط، تكلفة الأول كانت مُرتفعة بعد أن أوهمه المهربون أنّه حصل على إذن عبور، غير أنّ الإذن غالباً ما يُكلف قرابة الـ 3500 دولار أمريكي، وهو الآن متوقف حالياً".

وتابع: "يدفع بعضهم 5000 آلاف دولار للعبور بشكل رسمي من معبر باب الهوى"، وأكّد أبو محمد أنّ المهربين باتوا يخشون توقيف الأشخاص الداخلين لتركيا عن طريق التهريب بعد عبورهم إلى تركيا، "منذ عدّة أيام بعد أن عبر عدّة أشخاص بينهم نساء ودخلوا إلى تركيا، تمّ توقيفهم في مدينة أضنة التركية وإعادتهم إلى إدلب عن طريق معبر باب الهوى الحدودي".

"مافيا" مُتكاملة

تبدأ طرق التهريب عادةً من مناطق النظام ويُديرها ضبّاط في ميليشيا أسد، ويؤكد عبد الله أنّه وبعد عبوره منطقة وادي خالد؛ استُقبل في سوريا من قبل ضباط في ميليشيا أسد، قاموا بإسكانه وعائلته في مكانٍ آمن، ليتم بعدها نقلهم إلى مدينة حلب.

وأضاف عبد الله: "في مدينة حلب أبقونا في قرية نبل تحت حماية أفراد من الميليشيات الشيعيّة التي تنشط في تهريب البشر، وبعد عدّة أيام تم نقلنا إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني، وبالطبع عن طريق أحد الضباط، الذي قام بإيصالنا إلى الداخل التركي عن طريق بعض المهربين المتعاملين معه".

إذن؛ صراع مُستمر لا يتوقف وتطويرٌ للأدوات، هذا هو الحال بين المُهربين وبين الجمارك أو حرس الحدود في كافة دول العالم، غير أنّ الحال في سوريا وخصوصاً في الشمال يختلف عن بقيّة تلك الدول، بعد أن عاد المهربون لأساليب أكثر من بدائية بعمليّات تهريب البشر، التي باتت تدرُّ عليهم أموالاً أكبر من تلك التي تدرها تجارة المخدرات.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات