قول في الاستقامة المنطقية

قول في الاستقامة المنطقية
نعرّف الإنسان العاقل بأنه إنسان منطقي، والمنطقي هو الذي حين يفكر عقلياً فإنه يلتزم بقواعد الواقع التي صارت مبادئ العقل نفسه.

ومن أهم مبادئ المنطق التي صارت مبدأً عقلياً عدم الوقوع في التناقض في الوقت نفسه ومن الجهة نفسها.

فإذا قال أحد ما بأني أكره الدكتاتور وأحب ذاك الدكتاتور فهو متناقض في الوقت نفسه ومن الجهة نفسها.ماذا يعني أن لا تتناقض في الوقت نفسه وفي الجهة نفسها؟

فإذا قلت أنا أحب النار حين تصبح أداة للمتعة والطبخ والنور وأكره النار إذا تحولت إلى أداة تعذيب في سجون الطاغية.فأنت لا تتناقض.

لكنك إذا أعلنت كرهك لكل الدكتاتوريين وحبك لدكتاتور فأنت متناقض منطقياً بالضرورة.

إذا كان هناك مثقف ما يعلن بأنه علماني وكتب شعراً يدافع فيه عن حرية الإنسان ومؤيد في الوقت نفسه للدولة الدينية اللاهوتية كالدولة الإيرانية ،فهو غير مستقيم منطقياً.لأن المبدأ الثالث المرفوع في المنطق يقول لك إما وإما.

وإذا رفعت جماعة ما شعاراً بأنها ضد الاحتلال ولكنها مع احتلال وطنها،فهذه جماعة تفتقد إلى الاستقامة المنطقية.

إن أسوأ مظاهر  خرق الاستقامة العقلية التي تعج بها بعض خطابات الوسخ التاريخي تلك الخطابات المتعلقة بالميليشيات الأصولية.

فكل من يقيم فارقا بين أصولية سنية عنفية أو سلمية وأصولية شيعية عنفية أو سلمية ومنحاز طائفياً لا تتوافر فيه الاستقامة العقلية .فأحمد الأسير وحسن نصرالله شيء واحد من حيث الماهية.

كل من يرفض دولة الخلافة يجب أن يرفض بالضرورة دولة ولاية الفقيه.كل من  يقبل بدولة ولاية الفقيه يجب أن يقبل بدولة الخلافة.أما أن تقبل واحدة وتذم أخرى،فأنت تخرق المنطق،فضلاً عن إنك متخلف عقلياً.ولهذا فمن يقبل بعمامة خامنئي والسستاني ليس من حقه أن يرفض عمامة البغدادي والجولاني.

لكن الاستقامة المنطقية الآن هي الدفاع عن الدولة الحديثة دولة الحرية.دولة الحق الفردي والجماعي.دولة الشعور بالأمن الفردي الجماعي.دولة تلبية الحاجات والحفاظ على الكرامة الإنسانية.دولة الدستور الذي يؤكد هذا كله.والسلطة المنتخبة الساهرة على تنفيذ ذلك.وهذا دفاع عن منطق التاريخ الذي لا يتعارض مع المنطق العقلي.

فهزيمة الميليشيات الهمجية ذات المرجعية الإيرانية المتطفلة على المسار التاريخي العربي الراهن في اليمن و العراق و سوريا ولبنان، وهزيمة أي ميليشيات أخرى متطفلة يساوي في أهميته هزيمة الدكتاتوريات. وهذا أمر في غاية الأهمية لمستقبلنا المنشود.

بقي أن أشير إلى مسألة تغيب عن كثير من الناس ألا وهي العلاقة التي تقوم بين المنطقي والأخلاقي،فالمنطقي الذي يفكر  هو في الغالب شخص أخلاقي،ولهذا ترى جميع الطغام خالين من القدرة على التفكير المنطقي.ألا بئس المثقف الطغامة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات