مجموعة من الناجيات من سجون النظام، اجتمعن ضمن رابطة خاصة في مدينة معرة مصرين شمال إدلب، وتشاركن المعاناة والأهوال، ويتشاركن اليوم المواساة وينطلقن منها لكسر معاناة مابعد الاعتقال. أورينت نت زارت التجمع والتقت القائمين عليه وكان التحقيق التالي.
حوى الحوسة: تسع سنوات لا أحتسبها من عمري!
لم تستطع كتم حزنها وحبس دموعها، وهي تدلي لنا بشهادتها عن أسوأ أيام حياتها عاشتها في زنزانات الموت، الناجية (حوى الحوسة) تروي تفاصيل حكايتها وتقول "كنا بالشام مثل أي عائلة تسعى للعيش بسلام، قبل أن يعتقل زوجي من قبل المخابرات، ويداهم عناصر النظام بيتنا بحجة التفتيش عن ممنوعات، والتعرض لنا بالإهانة والكلمات النابية، ليتم بعدها اعتقالي مع ابنتيّ تسع سنوات وسبع سنوات لمدة شهرين، لم احتسبها من عمري بسبب وحشية النظام وقسوة التعذيب بدون تفريق بين رجل أو امرأة، وكان زوجي قد خرج من السجن أثناء اعتقالي وذهب للمناطق المحررة في إدلب، ولحقت به فور إطلاق سراحي، وعن طريق بعض الأصدقاء تعرفت على تجمع الناجيات في معرة مصرين وساعدوني كثيراً في تحسين وضعي المعيشي حيث افتتحت مشروعي الخاص "بيت مونة" والحمد لله مستورة" .
حسناء بدران: في فرع فلسطين مات كثيرون!
السورية الناجية (حسناء بدران) تتحدث لأورينت نت عن اعتقالها لأكثر من خمس مرات من قبل أفرع النظام في إدلب ودمشق بتهم جنايات الإرهاب "أصعب الأفرع تعذيبا هو فرع فلسطين سيئ الصيت الذي توفي فيه كثير من المعتقلين، ما يعيشه المعتقلون هناك من أهوال لا يمكن تخيله. التفنن في تعذيب الناس وابتكار أفظع الأساليب لتحطيمهم شيء لا يصدق.. لكنني والحمد لله تمكنت من العودة إلى إدلب والتعرف على تجمع الناجيات وتسجيلي فيه بشكل رسمي، وقدم لنا مساعدة مادية وتدريبات ممتازة وتأمين جرع دوائية لابني المصاب بالسرطان، الأمر الذي شكل لي دعماً واضحاً، كان له الأثر الإيجابي البارز لمتابعة العيش".
سلمى سيف: هدفنا إعادتهن للحياة
كانت فكرة متواضعة، وتوسعت شيئاً فشيئاً، هكذا بدأت السيدة (سلمى سيف) مديرة التجمع قائلةً "بدأت الفكرة عام 2018 تحت مسمى "معتقلات ولكن" ضم 42 ناجية، وتوسع ليشمل 124 ناجية حالياً، وكان بالعام 2019 تم عقد أول مؤتمر للتجمع وانتخاب اسم " ناجيات" وفي عام 2020 تبلورت الفكرة بشكل جيد ضمن أُطر واضحة المعالم، وآلية عمل متماسكة ونظام داخلي، هدف التجمع الأساسي والأسمى هو المطالبة بالمعتقلين والسعي لإخراجهم من السجون وإيصال صوتهم والنظر بحال من حالفه الحظ بالخروج من المعتقلات والمساعدة على تأهيلهم وإعادتهم للحياة كفاعلين حقيقيين في المجتمع، وجعل الناجية قادرة على إيصال صوتها والعمل على جزئية تخصها وتحقق ذاتها من خلالها، وإيقاف استغلال قضية المعتقلات من قبل بعض المنتفعين منها، ويضم التجمع ناجيات من كل المحافظات السورية، وليس حكراً على مكان معين أو محافظة مخصصة، وكل الخدمات المقدمة منه عبارة عن تبرعات خاصة من أصدقاء أو فاعلي خير، جمعهم حب المساعدة والإيمان بقضية المعتقلين".
رابط إلكتروني وخط تواصل مباشر
يرتاد المركز عشرات الناجيات يومياً للاجتماع وتبادل الحديث والخبرات عبر عدة أنشطة ثقافية أو مشاريع تنموية صغيرة من شأنها مساعدة المرأة الناجية، بعد أن تكون قد سجلت مسبقاً بالتجمع واطلعت على شروطه وخدماته والتي تحدثت عنها السيدة (سلمى سيف) مديرة التجمع بقولها: "حقق التجمع قفزة نوعية وميزة توضيحية لأهمية التجمع من خلال عقد عدة تشاورات مع منظمات المجتمع المدني للتعريف به، ويتم الانضمام عبر رابط إلكتروني يحتوي بعض المعلومات الأساسية أو خط التواصل المباشر، وتحديد موعد للتأكد من صحة البيانات واستكمال المعلومات الضرورية، والتي من أساسها أن يكون جرم الاعتقال لا يمس بالآداب العامة أو الجرئم الموصوفة، وإنما يجب أن يكون سبب الاعتقال بتهم ضد النظام كالتظاهر وغيرها، وتمكنا خلال العام المنصرم من تنفيذ حزمة تدريبات متقدمة كالتوثيق والقانون الدولي، ومهارات التواصل وإدارة المشاريع والتصوير، الإسعافات الأولية والتمريض والحماية وتصفيف الشعر والتجميل، لإكساب المنتسبة للمهارات والخبرات لصنع مشروعها الخاص، إضافةً لدفع الأقساط الجامعية لمتابعات التحصيل العلمي".
ويأمل القائمون على التجمع بمزيد من الدعم والرعاية ليتم استقطاب أعداد جديدة للناجيات، وتوسيع حزم التدريبات والخدمات المقدمة.
التعليقات (4)