رحلة مميتة..سوريان يرويان تفاصيل معاناتهما على الحدود البيلاروسية البولندية

رحلة مميتة..سوريان يرويان تفاصيل معاناتهما على الحدود البيلاروسية البولندية
روى مهاجران سوريان يدعيان يوسف وحسام قصة معاناتهما منذ خروجهما من سوريا حتى وصولهما إلى مركز إيواء بالقرب من الحدود البولندية تديره جمعية "فونداسيون ديالوغ".

وقال المهاجر السوري يوسف لموقع "دي دبليو" الألماني، ذهبنا إلى بيلاروسيا من موسكو على نحو غير شرعي، مضيفاً خرجنا من سوريا إلى لبنان بشكل قانوني، ثم ذهبنا من لبنان إلى موسكو بالطائرة، وقام أشخاص بتأمين التأشيرة وبطاقات السفر، وكلفنا الأمر نحو أربعة آلاف دولار أمريكي (حوالي 3500 يورو)، وكنا سندفع مبالغ إضافية بعد وصولنا إلى بيلاروسيا ثم إلى ألمانيا، وكانت الخطة تقتضي بأن نمشي مسافة 700 متر فقط بعد عبور بولندا، ثم نجد سيارة تقلنا إلى ألمانيا.

وتابع يوسف: "كنا ثلاثة التقينا بالشخص الرابع الذي سيعبر الحدود البولندية معنا في شقة شخص مرتبط بمن أمّن لنا تأشيرة الرحلة، وأقمنا عنده أربعة أيام ورتب لنا أمر الذهاب من موسكو إلى بيلاروسيا على نحو غير شرعي، حيث بدلنا 3 سيارات وأمضينا نحو 10 ساعات على الطريق حتى وصلنا إلى مدينة في بيلاروسيا، أقمنا فيها يوما وفي الخامسة من صباح اليوم التالي، انطلقنا باتجاه النقطة الحدودية.

وأشار إلى أن المهربين قالوا لهم لا تقلقوا من حرس الحدود البيلاروسي، سيساعدونكم على العبور، مردفاً أول ما اقتربنا من السياج الحدودي البيلاروسي، جاء حراس بيلاروس نحونا، عدنا إلى الخلف مسافة متر تقريبا، كنا مطمئنين لأن المهرّب أخبرنا ألا نخاف، قال لنا على العكس هم سيساعدونكم، إن قبضوا عليكم فالأمر طبيعي، لكننا فوجئنا، بدؤوا يصرخون، ويأمرون أن نركع، وبينما أحاول النزول على ركبي، باغتتني أول ضربة، نفر الدم من أنفي وفقدت الوعي، أخبرني صديقي بعد أن استيقظت أن الحارس ضربني مرة ثانية، ضربني بقدمه على وجهي في المرتين، كنت أنزف وشعرت أن كسراً أصاب أنفي، وتورمت عيناي، وكُسر سنان.

وأوضح أن الحرس أخذوا نقوده ورموا جواز سفره وضربه بعنف شديد،" لم نعرف أنهم يريدون نقودا، لم أعرف حينها، لكنني فهمت بعدها، إن كنا أعطيناهم 200 دولار كانوا سيوصلونا إلى الحدود البولندية، لا يعرف هذا الأمر سوى من حاول العبور مرة واثنتين وثلاثة".

المنطقة الفاصلة

اصطحب الحرس البيلاروس يوسف وحسام ومن معهم إلى المنطقة الفاصلة بين الحدودين، المنطقة الممنوعة، ويقول حسام طلبت المساعدة من البولنديين، قلت لهم لدينا مصاب ينزف هل تساعدونا؟ فأجابوا لا نستطيع مساعدتكم فأنتم على الطرف الآخر، لكن رموا لنا عصيرا وماء وشعلة تساعدنا على إيقاد نار، وأمضينا ليلنا حول النار، وفي صباح اليوم التالي عدنا إلى جانب الحرس البيلاروسي.

وخاطب حسام حرس الحدود قائلا: "نريد الذهاب إلى بلدنا، قالوا لنا اذهبوا إلى بولندا ومن هناك إلى بلدكم.. بقينا في المكان حتى بات عددنا كبيرا بين 75 و150 شخصاً، وفي المساء وضعنا الحرس في شاحنات مغلقة وضعونا عند نقطة يعرفونها، رفعوا السياج بسهولة وقالوا لنا اعبروا.

عبر الأصدقاء الأربعة إلى الطرف البولندي، وسرعان ما افترقوا عن بعضهم، فأعداد العابرين كبيرة جدا، والليل حالك في تلك المنطقة المكتظة بالغابات.

وتابع حسام لم ألتقِ بأصدقائي ولم أعرف ماذا حل بهم، كنت أنتظر كل يوم في الغابة طلوع الشمس، وأمشي باتجاه الشمال، حتى وصلت إلى مرحلة لم أعد فيها قادرا على إكمال المسير فأنا مريض سكري وضغط. أخرجت هاتفي واتصلت برقم الطوارئ (112). وصلت إلى المستشفى شبه منتهٍ، تابع الطبيب حالتي وبعدها حوّلني حرس الحدود إلى مركز الإيواء بالقرب من الحدود البولندية.

في حين قال يوسف: بعد عبورنا السياج البولندي اجتمعنا بمهاجرين عراقيين اثنين، أكملنا طريقنا الصعب سويا، كنت أمشي وراء صديقي ممسكا بحقيبته، كأعمى لم أعرف ماذا أصاب حسام، فقدنا أثره. لقد فقدت الإحساس بالوقت والزمان في الغابة. كنت غير قادر على الأكل أو الشرب بسبب إصابتي. أنزف، وأتنفس من فمي، وكلما استرحنا وجلست غبت عن الوعي. أتذكر أنني أصبت برجفة حاولت التحكم بها، كنت أعض على لساني لأخفف الألم وأكمل المسير.

لم يدرك يوسف الظلمة من النور، كان يرى هيئات غير واضحة، ويسمع أصوات وشوشات لا يستطيع تمييزها، بات وكأنه يهلوس.

وصل يوسف إلى مرحلة لم يستطع فيها إكمال المسير وقرر أنه سيسلم نفسه إلى الشرطة البولندية، وخرج إلى شارع رئيسي، رأته الشرطة، حوّله حرس الحدود إلى المستشفى.

وحوّل حرس الحدود يوسف وحسام إلى مركز الإيواء الذي يعمل فيه طبيب يدعى قاسم بالقرب من الحدود البولندية. يقيم هناك أكثر من 40 مهاجرا بينهم نساء وأطفال. وفق مدير مركز الإيواء، ميشال غاويل Michal Gawel.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات