كيف سيؤثر إلغاء منصب مفتي سوريا على أموال الوقف السني؟

كيف سيؤثر إلغاء منصب مفتي سوريا على أموال الوقف السني؟
أعاد إلغاء أسد لمنصب "مفتي الجمهورية" أموال وممتلكات الأوقاف "السنّية" إلى واجهة النقاش في الأوساط السورية، وتحديداً لجهة تأثير الخطوة التي عززت صلاحيات "المجلس العلمي الفقهي" على إدارة هذه الأموال الطائلة.

ورغم أن مرسوم أسد الذي نص على إلغاء منصب المفتي، لا يحمل جديداً بخصوص إدارة الأوقاف الموكلة أساساً لـ"مجلس الأوقاف المركزي"، إلا أنه في واقع الحال يكرّس سلطة وزارة أوقافه على أموال الوقف، ويعزز تفرّد الوزير محمد عبد الستار السيد بالمشهد الديني وإدارة أموال الأوقاف.

وبما أن "القانون رقم 31" لعام 2018 كان قد أسند إدارة أموال وأملاك الوقف إلى "مجلس الأوقاف المركزي" الذي يرأسه وزير الأوقاف ويتولى مهمة عاقد النفقة وآمر التصفية والصرف لنفقات الوزارة، والممثل الشرعي والقانوني للأوقاف الإسلامية، فإنه لا علاقة للمفتي أساساً بإدارة الأوقاف، وهو ما ينسحب بدوره على "المجلس العلمي الفقهي" الذي تسلم مهام المفتي، بموجب مرسوم أسد الأخير.

زيادة فساد وزارة الأوقاف

لكن ما أثار مخاوف البعض من المرسوم الأخير، أنه حسم حالة الصراع بين المفتي السابق أحمد حسون والوزير محمد عبد الستار السيد، لصالح الأخير، ما يقود حكماً إلى زيادة حدة الفساد في إدارة الوقف السني.

وهو رأي اتفق معه الكاتب الصحفي إياد الجعفري، موضحاً لـ"أورينت نت" أنه: لم يكن لحسون أي نفوذ قانوني في مسألة إدارة أموال وأملاك الوقف السني، لكن ذلك لا يعني أنه لم يكن صاحب نفوذ غير مباشر، بحكم الطريقة التي تدار بها البلاد.

وأضاف الجعفري أنه بطبيعة الحال فإن الفساد موجود في إدارة العقارات الوقفية، لكنه فساد لا يحمل صبغة طائفية، وإنما هو فساد النخبة الدينية "السُنية" الموالية للأسد والتي تتمتع بثقته، وذلك في إشارة منه إلى التحذيرات من فتح المجال لإيران للسيطرة على أموال الأوقاف بعد إلغاء منصب المفتي.

واستدرك بقوله: وسبق أن منحت وزارة الأوقاف بالفعل عقارات وقفية، لتصبح تحت سيطرة مؤسسات ومراجع شيعية، بضغط من نظام الأسد وذلك خلال نصف قرن من حكم البلاد.

إيران سبقت المرسوم

ولم تحتج إيران إلى الكثير من القوة حتى تضع يدها على جزء واسع من أموال وعقارات الوقف السني الموزعة في كل المحافظات السورية، وفي مراكز المدن الرئيسية في دمشق وحلب على وجه التحديد.

وعن ذلك يوضح عضو "هيئة القانونيين السوريين" المحامي عبد الناصر حوشان، أن إيران بدأت منذ سنوات بالسيطرة على أموال الوقف السني، مستغلة "القانون 31" الذي يمنح "مجلس الأوقاف المركزي" الحق بتأسيس شركات تجارية مملوكة له من نوع شركات الأموال، تعمل وفق أحكام قانون التجارة والشركات والقانون المدني ومنها الشركات القابضة، لصالح الوزارة.

ويوضح لـ"أورينت نت" أن "القانون 31" يجعل أملاك الوقف تحت تصرف أكثر من وزارة منها الإدارة المحلية والبيئة والثقافة والسياحة، بعد تمثيل وزارة الأوقاف لديها، ما يتيح  لكل هذه الجهات إصدار قرارات الاستملاك والاستبدال لدواع بيئية أو سياحية أو ثقافية، وبالتالي إخراج أموال الوقف من دائرة منع البيع إلى جوازه باعتبارها لم تعد أملاكاً وقفية، ما يمكن الشركات ورجال الأعمال الإيرانيين من التوغل في سوق الاستثمار واستئجار أراضي وعقارات الوقف السني.

ويشير حوشان إلى أن القانون نفسه أجاز لغير السوري الذي يتخذ موطناً مختاراً له في سوريا، التعاقد على الأملاك العامة ومنها أملاك الأوقاف، وحدد للوزير الذي يترأس "مجلس الأوقاف المركزي" مسؤولية إتمام ذلك، كما يتهم وزير أوقاف أسد محمد عبد الستار السيد، بأنه من أهم الأذرع "السنّية" التي تعتمد عليها إيران لتنفيذ مشاريعها المذهبية في سوريا.

ولا تتوفر أي أرقام تحدد قيمة أموال وممتلكات الوقف الديني في سوريا، غير أن الواضح من التجربة العراقية، أن إيران ومن خلال ما يُعرف بـ"الوقف الشيعي" استحوذت على جزء كبير من أملاك السنّة "الوقف السني".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات