موسم الزيتون في المحرر.. شكوى حاضرة ودعم غائب

موسم الزيتون في المحرر.. شكوى حاضرة ودعم غائب
في أواخر شهر تشرين الأول من كل عام، يبدأ موسم قطاف الزيتون الذي ينتظره غالبية سكان الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، إلا أن هذا الموسم قد شهد تأجيل الكثير من المزارعين قطاف محاصيلهم لأسباب عديدة.

ويعتمد معظم سكان ريفي إدلب وحلب على ثمار الزيتون كمصدر أساسي للرزق، إلا أن خسارتهم مساحات واسعة من الحقول جراء حملات نظام أسد وميليشياته العسكرية، إضافة إلى أسباب مناخية وأخرى اقتصادية، قد تسبب كل ذلك بانخفاض معدل الإنتاج على مستوى الثمار والزيوت.

 

وبحسب إحصائيات رسمية فإن أكثر من 600 ألف عائلة سورية تعتمد على محصول الزيتون بشكل مباشر أو غير مباشر كمصدر رزق، كما يعد السوريون من أكثر الشعوب استهلاكاً لزيت الزيتون بنسبة تتراوح ما بين 5 إلى 6 ليترات للفرد الواحد سنوياً.

تأجيل جني المحصول

ويشكو سكان المناطق الخارجة عن سيطرة نظام أسد في الشمال السوري المحرر من انخفاض إنتاج الزيتون هذا العام مقارنة بالعام الماضي نتيجة ارتفاع تكاليف العناية بالأشجار لاسيما الأسمدة وغياب مشاريع الدعم، فضلاً عن زيادة أسعار الوقود وغيرها من التكاليف التي زادت من معاناة الفلاحين.

 

وخلال حديثه لـ"أورينت نت" أوضح (أبو زكور) من سكان بلدة معارة الإخوان بريف إدلب وصاحب أحد حقول الزيتون، أن غالبية المزارعين قد أخروا موسم قطاف الزيتون هذا العام، بسبب قلة الأمطار وتأخر نضوج الثمار، بينما يفضل آخرون انتظار تخفيض رسوم عصر الزيتون.

وأضاف.. لقد كان فصل الصيف قاسياً على الأشجار هذه السنة، مقابل شح مياه الأمطار الذي تسبب أيضاً بقلة منسوب مياه الآبار وجفاف التربة، إضافة إلى غلاء المحروقات، الأمر الذي أثر على إنتاج الأشجار حيث فضل معظم الفلاحين تقليل ساعات تشغيل الآبار للري.

كما أشار "أبو زكور" إلى أن تراجع منسوب مياه الأمطار قد أثر بشكل مباشر على إنتاج الزيت هذا الموسم، موضحا أن الموسم الماضي كان كيس الزيتون ينتج صفيحة سعة 16 ليتراً، أما هذا الموسم فيحتاج إلى كيسين تقريباً للحصول على صفيحة زيت، وذلك بسبب عدم تشبع حبة الزيتون بالمياه وجفاف عروق الأشجار.

وتعدّ المناطق المحررة شمال غرب سوريا من مناطق الإنتاج الأساسية لثمار الزيتون، حيث تشكل ما يقرب 40 في المئة من إجمالي المساحة المزروعة من الزيتون في سوريا.

تراجع الإنتاج

ولا يوجد إحصائية دقيقة سواء لدى نظام أسد أو لدى سلطات المحرر فيما يتعلق بكمية إنتاج الزيتون لهذا العام، لكن التقديرات الأولية تشير إلى انخفاضه بمقدار النصف تقريباً، بحسب "باسم الصالح" مدير عام الزراعة والثروة الحيوانية في الحكومة السورية المؤقتة.

وبيّن أنه توجد في المناطق المحررة أكثر من 40 مليون شجرة زيتون موزعة على 24 مليون شجرة في حلب و14 مليون شجرة في إدلب، إضافة إلى وجود 6 ملايين شجرة في طور الإثمار، حيث بلغت كمية الإنتاج الموسم الماضي 180 ألف طن من الزيت بمعدل 48 في المئة من كمية الزيت السوري تنتج في المناطق المحررة (حلب وإدلب)، و300 ألف طن من الزيتون.

وأشار صالح في حديثه لـ"أورينت نت" إلى أن قلة الإنتاج سوف تؤثر على المنتجين والمزارعين سلباً، إضافة إلى المستهلك الذي لم يعد بإمكانه شراء صفيحة الزيت سعة ١٦ ليتراً، بعد تجاوز سعرها عتبة الـ ٤٥ دولاراً أمريكياً، أو من خلال تجهيز المؤونة الموسمية من تخليل الزيتون.

لماذا انخفض الإنتاج هذا الموسم

وذكر المهندس "نزيه القداح" معاون وزير الإدارة المحلية لشؤون الزراعة في الحكومة السورية المؤقتة أن العديد من الأسباب ساهمت في انخفاض إنتاج الأشجار الموسم الحالي، كالقطع الجائر للأشجار بغرض التدفئة والحرائق والحرب التي أثرت على أكثر من مليون شجرة مثمرة، وأخرى موسمية ظهرت آثارها هذا العام، متمثلة بالعوامل المناخية والاقتصادية.

وأوضح قداح أن انخفاض إنتاج الموسم الحالي جاء نتيجة قلة الأمطار بشكل رئيسي، التي انخفض معدل هطولها إلى النصف عن المعدل السنوي العام، وعدم هطول الأمطار بانتظام وعلى مدار أشهر الحمل والإنتاج، حيث شهد شهر شباط الماضي هطولات مطرية وفيضانات وبعدها انقطع المطر، الأمر الذي أثر على الزراعة عموماً.

وعن العوامل الاقتصادية لفت قداح إلى أنه كان هناك ارتفاع في المدخلات التي يتم شراؤها بالدولار الأمريكي، مثل الأسمدة والمبيدات والمحروقات، وبالتالي زيادة التكاليف على المزارعين وعدم قدرة الكثيرين منهم على تأمينها، فضلاً عن غياب المشاريع الخاصة بدعم مزارعي الزيتون، واقتصار الدعم على بعض المساعدات المتعلقة بتوزيع أسمدة أو مبيدات، وهي مشاريع خجولة لا تلبي حاجة القطاع، وهذه أيضاً كانت من العوامل المباشرة في تراجع كمية الإنتاج.

 

وبيّن أن منتجات الزيتون تمثل مصدر الرزق الرئيسي بالنسبة للكثير من سكان الشمال السوري المحرر، إذ يعدّ من المحاصيل التي يعم خيرها على الجميع، ومع استمرار تجاهل معاناة المزارعين وتركهم يواجهون الآفات الزراعية وارتفاع الأسعار والتكاليف والمتغيرات المناخية التي تنذر بموجة جفاف شديدة، فإن حجم خسائر هذا القطاع مرشح للزيادة وبالتالي تضرر جميع السوريين.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات