مأساة السوريين رهناً لاتفاقهم.. اجتماعات مفصلية بين إيران وتركيا

مأساة السوريين رهناً لاتفاقهم.. اجتماعات مفصلية بين إيران وتركيا
الصديقان اللدودان؛ ربّما هو التوصيف الأدق لعلاقة الجارين إيران وتركيا؛ يختلفان في كافة القضايا.. ويتفقان، تفرّقهما السياسة حيناً ويجمعهما الاقتصاد أحايين أخرى، من ليبيا إلى لبنان وسوريا والعراق ودول الخليج وصولاً إلى أذربيجان ودول آسيا الوسطى، جميعها ملفّات فرّقت الجارين، غير أنّ خلافهما كان واضحاً للعلن في سوريا بدايةً ومن ثمّ في أذربيجان.

تطوّرت الخلافات بين الجارين ووصلت في بعض الأوقات إلى حدِّ النزاع المسلح وإن لم يكن على أراضيهما، وهو ما بدا جليّاً في مدينة إدلب غرب سوريا عندما تدخلت تركيا إلى جانب المعارضة السورية وقتلت العشرات من المرتزقة الإيرانيين أواخر شهر شباط وأوائل شهر آذار عام 2020.

في الشمال الغربي الإيراني وتحديداً في المثلث الحدودي (أذربيجان – إيران – أرمينيا) اشتدّ سعير المعارك في إقليم ناغورنو كاراباخ بين أذربيجان التركية الشيعيّة وأرمينيا المسيحية؛ وبدافع العرق والمصلحة تدخلت تركيا إلى جانب أذربيجان، أما الولي الفقيه الإيراني فأصدر فتوىً حرم من خلالها القتال هناك، وأكّد أنّ أرض ذلك الإقليم غير إسلامية وحرّم القتال بها.

في خضمِّ هذا التنافس بين الدولتين تحوّلت سوريا تارةً إلى ورقة للتهدئة وتاراتٍ أُخر  للتصعيد، وتأتي اللقاءات المتواصلة بين إيران وتركيا كحاملٍ لهذه العلاقة، فما إن تتوتر تلك العلاقات أو تقترب لدرجة عدم السيطرة عليها، حتى يبدأ الجانبان بزيارات مكوكيّة لتهدئة الأجواء وانتظار المزيد من الوقت والمكاسب على الأرض لفرض شروطٍ تفاوضيّة جديدة.

اجتماعات طهران

أوّل أمس؛ زار وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو العاصمة الإيرانية طهران، مؤكداً أنّ المرحلة المقبلة ستشهد عقد اجتماعات مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان حول الملف السوري، وإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، مُعبراً عن أمله بعقد اجتماعات رفيعة المستوى مع إيران بشأن سوريا. 

وكشف جاووش أوغلو عن زيارة سيقوم بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى طهران، وسيلتقي خلالها نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي؛ لبحث مجمل القضايا الثنائية والإقليمية، يقول جاووش أوغلو: "قمنا بهذه الزيارة للتباحث في كل الملفات المتعلقة بلقاء القمة المنتظر مع إيران، ونسعى لأن يكون موعد القمة الإيرانية التركية نهاية هذا العام"، وتوقّع مراقبون أن تسفر زيارة أردوغان عن تحولات مهمة في العلاقات بين البلدين.

القمّة التي تحدّث عنها جاووش أوغلو والتي ستعقد قبل نهاية العام، تتزامن وعقد جولة جديدة من مفاوضات أستانا، حيث قال وزير الخارجية الكازخي مختار تلوب يوم أمس اليوم الثلاثاء: "أكدنا استعدادنا لإجراء مفاوضات بشأن سوريا في 20 من كانون الأول المقبل، تلقينا مذكرة رسمية من الجانب الروسي، والآن ننتظر تأكيد الأطراف الأخرى، وعندها فقط سنبدأ بإرسال دعوات رسمية للاجتماع".

وكشف تلوب عن اجتماع مُرتقب لوزراء خارجيّة الدول الضامنة لمسار أستانا (تركيا وإيران وروسيا)، ونتيجةً للضغوط التي تتعرض لها الدول الثلاث من قبل أمريكا، وحالة الحراك السياسي الكبير التي تشهدها المنطقة برمّتها، كلُّ ذلك يشي بأنّ اتفاقاً ما يُحضّر لسوريا، ومن المتوقّع أن تصل تلك الأطراف إلى تسويةٍ ما، خصوصاً بين تركيا وإيران.

وبانتظار تسوية تحقن ما تبقّى من دمائهم، يبقى السوريون أسرى تفاهماتٍ دوليّة، لا ناقة لهم بها ولا جمل، فكافة قضايا المنطقة ابتداءً من الغرب الإفريقي وليس انتهاءً بدول آسيا الوسطى باتت تؤثر على مصيرهم، وارتبطت القضيّة السورية بشكلٍ عضوي بكلِّ تلك القضايا، بل إنها أصبحت قضيّة جزئيّة بالمقارنة مع البقيّة، ويؤكد مراقبون سوريون أنّه لا ضير أن يدعو السوريون اليوم لحصول تفاهمات بين الدول الفاعلة في القضيّة السورية علّ مأساتهم تنتهي بحصول تلك التفاهمات.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات