لم يعودوا أغلبية:الأسد يصدر مرسوم إقصاء السنّة من عاصمة الأمويين!

لم يعودوا أغلبية:الأسد يصدر مرسوم إقصاء السنّة من عاصمة الأمويين!
دون خجلٍ أو وجل؛ أصدر نظام الأسد مرسوماً ربّما هو الأخطر منذ وصوله وأبيه إلى السلطة قبل 50 عاماً، ألغى الأسد الابن منصب المفتي العام للجمهورية العربية السورية واستبدله بالمجلس العلمي الفقهي الذي يضمُّ أعضاءً من كافة الطوائف، فمنصب المفتي الذي اختص به أهل السنّة والجماعة أنفسهم منذ تأسيس هذا المنصب قبل مئة وسبعة وثلاثين عاماً، ليفتح الأسد الابن بهذا المرسوم الباب مصراعيه لبقيّة الطوائف -التي لم تكن تُشكِّل مجتمعةً قبل الثورة أكثر من ستة عشر بالمئة من نسبة السوريين- لتُشارك في عمليّة الإفتاء، وتتحول الطائفة السنيّة من أمة إلى مجرد طائفة أخرى من ضمن الطوائف الموجودة في البلاد.

وبغض النظر عن أنّ منصب المفتي ومنذ تسلط الأسد وأبيه على سوريا تحوّل إلى منصبٍ لتنفيذ رغباتهم، غير أنّ منصب المفتي بقي مرتبطاً بالجمهورية العربية السورية، وليس مفتياً لأهل السنّة والجماعة، أي إنّه يُمثل الدولة الرسمية ولا يُمثل لوناً طائفياً، كما في لبنان مثلاً أو في العراق.

دُبِّر بليل

الكاتب المتخصّص في قضايا الجماعات والتّيّارات الفكريّة الإسلاميّة محمد خير الموسى قال في حديث لأورينت نت إنّ هذا المرسوم هو أخطر مرسوم أصدره بشار الأسد منذ توليّه السلطة وإلى اليوم فيما يتعلق بالمؤسسة الدينية، وهذا المرسوم ينطوي على أمرين اثنين: "الأمر الأول هو إزالة مرجعية المذهب السني من الإفتاء، فمرجعيّة المذهب السني أصبحت في مهب الريح، كما إنّ المرسوم لم يُلغِ فقط منصب الإفتاء العام، بل ألغى أيضاً منصب مفتي المحافظات والمدن".

وتابع: "المفتي العام يمثل مذهب الدولة الرسمي، وهذا المذهب منصوص عليه في قوانين الأحوال الشخصيّة والكثير من القوانين، إزالة هذا المنصب وتحويله إلى المجلس العلمي الفقهي يكون فيه السنة جزءًا وطرفاً كالدروز والإسماعيلية والعلوية، ولا سيما المرجعيّات الشيعية، وهذا يعني أنّ المذهب السني لم يعد مرجعيةً لمذهب الدولة، وأصبح السنة في سوريا ليسوا أكثرية، بل طائفةً من الطوائف".

وأكد الموسى على أنّ النظام يعمل تحت الهيمنة الإيرانية بطريقة أنّ المرجعيّة الشيعية الإيرانية دخلت إلى مفاصل القوانين وبطريقة قانونيّة، وستقوم بإصدار تشريعات وقوانين إضافة إلى تكريسها كمرجعية شعبيّة لإصدار الفتوى، وهذا نوع من أنواع التغول الإيراني الذي بدأ من عدّة سنوات على المؤسسات الفقهيّة والدينية في سوريا.

أما الخطورة الأخرى وبحسب موسى فهي تضمين القضاء الشرعي للمجلس العلمي الفقهي، يقول الموسى: "القاضي الشرعي الأول الأصل به أنّه لا يكون تحت سلطة تنفيذية، أين نحن من مبدأ فصل السلطات في الدولة حتى يكون القاضي تحت إدارة سلطة تنفيذية من سلطات الدولة وهو الوزير".

وأردف: "أما الخطورة الأخرى هي أن يوكل للمجلس العلمي الفقهي مهمة خطيرة من مهمّات القاضي الشرعي الأول وهي إثبات الأهلّة، نحن نعلم أن مسألة إثبات الأهلة قد تبدو عاديّة، لكن هناك خلاف جذري في إثبات الأهلّة بين المرجعيّة السنّة والمرجعيّة الشيعة، فهل ستصوم سوريا بعد اليوم على مرجعيّة مذهب ولاية الفقيه وتفطر عليه، هذا سؤال مهم!".

الأمر الآخر والحديث للموسى هو دخول القاضي الشرعي على المجلس الفقهي، وهذا يعني أنّ قانون الأحوال الشخصيّة الذي يتبع للقضاء الشرعي والذي صمد عن التغيير على مدار عقود، أصبح اليوم سهلاً للتغير وللمحو، بشكل كبير جداً بناءً على وجود هذه المرجعيّة متعددة الطوائف والهويّات، يقول الموسى: "نحن أمام حالة من المحو الهوياتي والمحو المرجعيّاتي في سوريا إذا لم يتم تدارك الأمر، ويأتي هذا المحو الهوياتي بعد التغيير الديموغرافي الذي جرى على قدم وساق على مدى عشر سنوات".

وعن الحل الذي يراه، يؤكد الموسى على أنّ المؤسسات العلمائية القائمة يجب أن تقوم بسدِّ الفراغ، وتقوم بدراسة الآثار السلبيّة التي ستنتجها هذه القوانين والعمل على إيجاد آليات معالجة ومواجهة من خلال إيجاد مرجعيّات إفتائيّة ومرجعيّات شرعيّة لمواجهة ما يجري: "نحن بحاجة إلى استنفار الجهود العلمائية في سوريا حتى تلك التي خارج سيطرة النظام، وتكاتفها وحشد جهود العلماء في الأمّة لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد الهويّة السورية والمرجعيّة السورية".

لا بديل عن المرجعيات السنيّة

وبما أنّ المرجعيّات الإسلامية السورية موجودة بغالبيّتها خارج الحدود بعد رفضها القمع الذي مارسه النظام بحق السوريين، يعتقد الموسى أنّه لا بدّ من تكريس فكرة المرجعيّة التي لا ترتبط بالمكان، بل ترتبط بالأفكار، يقول الموسى: "ترتبط بقدرة أي مجلس على أن يكرس نفسه مرجعيّة للشارع السوري، لا سيما وأنّنا نعلم أنّ الشارع السوري مُتدين بطبيعته، وإشعاره بأنه مُستهدف بهويّته ومستهدف بمرجعيّاته وتديّنه وعقيدته، هذا يُعطي قدرة على اكتسابه لصف المرجعيّة ولو كانت خارج الحدود".

الباحث بمركز عمران للدراسات محمد منير الفقير قال في حديث لأورينت إنّه وبعد تهجير نصف سُنّة سوريا وتدمير حواضرهم وإصدار قوانين لإلغاء الملكيّات، يخرج النظام اليوم بقوانين لإلغاء حالة الإفتاء السنيّة، ليس فقط المفتي العام، بل المفتين المحليين، يقول الفقير: "النظام يعبث بالهوية الديموغرافية والعمرانية والاجتماعية والدينية، وإذا نظرنا إلى الموضوع في سياقه المُتكامل باتت الدولة تتدخل بالدين والقضاء الشرعي، الأصل ألّا يكون المفتي محسوباً على الحكومة، ولا القضاء الشرعي محسوب عليها، يجب أن يُعبر عن المجتمع المدني، ما يجري استكمال للتأمين".

وأكد الفقير على أنّه ينبغي على المجلس الإسلامي السوري وحتى اليوم بخلافاته وتركيبته واهتماماته ليس بمستوى الحدث، يفترض أن يأخذ المجلس الإسلامي هذا الدور ويُحافظ على الهوية الدينية والاجتماعية: "المجلس الإسلامي السوري لم يشعر بعد أنّ المكوّن الذي يُشكل أكثريّة الشعب السوري مهدد بوجوده وثقافته وقيمه".

وأشار الفقير إلى أنّ تركيز النظام على الأكثرية دون النظر إلى باقي المرجعيّات الدينية كالبطاركة أو شيوخ العقل، من الواضح النظام يستهدف هذا المكون، وهناك مُحاولات لإنهاء حالة الأكثرية في هذا البلد، وإنهاء هذه الحالة يعني شيئاً واحداً فقط، هو (لبننة سوريا) أي تحويل سوريا إلى مجموعة من المكونات المُتساوية نسبياً فيما بينها، وصولاً إلى حالة الحرب الأهلية التي لم تحدث بعد في سوريا، لكن عندما تتحول سوريا إلى لبنان، ستنشب هذه الحرب، الأكثرية دائماً تُحدث توازناً وتحافظ على اللحمة الوطنية، أخطر شيء جرى حتى الآن هو تحويل الأكثرية إلى طائفة من الطوائف.

عملية التغوّل الإيراني في سوريا والتي بدأت منذ انطلاق الثورة السورية وارتماء أسد في الحظن الإيراني، دفع ملالي قم إلى استغلال هذا الأمر بكافة صوره ليكون العام 2018 وتُظهر إيران وجهها الحقيقي، ويقول المحامي السوري عبد الناصر حوشان في تصريحات لأورينت إنّ التأسيس لقرار إلغاء منصب المفتي يعود إلى عام 2018 عندما صدر القانون "31 " الذي سُمي حينها بقانون تنظيم وزارة الأوقاف، وبموجب هذا القانون تمّ تأسيس مجلسين الأول حمل اسم المجلس العلمي الفقهي، والثاني المجلس المركزي للأوقاف، وضمّ الأول 30 عضواً من كافة المذاهب الإسلامية، وهنا تكمن الخطوة.

وتابع حوشان: "في الحالة العادية يوجد مذهب رسمي واحد في سوريا وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وعلى الرّغم من وجود طوائف أخرى كالإسماعيلية والدروز والشيعة، فهم كانوا يمتلكون مرجعيّاتهم الخاصة، بعيداً عن موضوع الإفتاء أو مقام الإفتاء.

وأكد حوشان أنّه ومنذ صدور هذا القانون فتح الباب لتلك الطوائف بأن تكون شريكة بعملية إصدار الفتوى من خلال تكريسهم كأعضاء بالمجلس العلمي الفقهي، وبالتالي أصبحت تلك المرجعيات ولا سيما الشيعية منها مرجعيّات رسمية وشريكة في إصدار الفتوى.

أما الأخطر من ذلك وبحسب حوشان فإنّه وفي الشهر الخامس من عام 2011 أصدر وزير الأوقاف قراراً اعتبر فيه عشر مرجعيّات شيعية مرجعيّات شيعية رسميّة في سوريا، يقول حوشان: "نحن في سوريا تعايشنا مع الطوائف الموجودة في سوريا، الأمر الخطير هو تكريس حالة التشيّع التابعة لولاية الفقيه، وهذا المشروع الذي تُعاني منه البلاد العربية والإسلامية، كونه مشروعاً سياسياً على خلفيّة دينية، وتمّ تكريس هذا الأمر في سوريا من خلال ضم ممثلين من هذه المرجعيّات المُرتبطة بإيران كأعضاء في المجلس الفقهي العلمي، وأصبحوا جزءً من عمليّة الفتوى والتشريع".

السنة أقليّة

المجلس الذي يضمُّ ثلاثين عضواً في تمثيله سيكون للمرجعيّات الشيعية من سبعة إلى عشرة ممثلين، وذلك دون النظر إلى باقي الطوائف في سوريا، وعلى هذا الأساس إذا تمثّلت باقي الطوائف بثلاثة أعضاء فقط عن كل طائفة (الإسماعيلية، والعلوية والموحدون الدروز والمرشدية) سيكون مجموع أعضائهم مجتمعين يفوق عدد السنة في ذلك المجلس، يقول حوشان: "تحوّل السنة إلى أقليّة، ولغاية أوّل أمس كان يمكن تفهم هذا الموضوع بسياق مختلف".

وتابع: "بعد إلغاء مقام الإفتاء الذي يخصُّ أهل السنة والجماعة منذ عام 1884 تم تعيين أوّل مفتي للبلاد وهو سليم البخاري مفتي الجيش العثماني في سوريا، ولغاية أوّل أمس كان هذا المنصب يختصُّ بأهل السنة والجماعة".

دون مُحاباة يقول حوشان إننّا أمام استهداف مُباشر للسنة، يجب النظر إلى هذا المرسوم في السياق الزمني اليوم والتطورات السياسية، حيث أتى الرّد بإلغاء المقام السني لصالح المشروع الإيراني.

أكثر من ذلك؛ يؤكد حوشان أنّ المجلس المركزي للأوقاف والذي يُعنى بأملاك الأوقاف، فإنّ الشيعة الإيرانيين والمُرتبطين بهم وبحسب المرسوم الجديد باتوا شركاء في أموال الأوقاف السنيّة، ويحق لهم الاستثمار بها والانتفاع من أموالها، وتُشكل الأوقاف السنية أكثر من 90% من الأوقاف الموجودة في سوريا.

منذ انطلاق الثورة السورية ما فتئ أحمد حسون مفتي أسد ونظامه عن إطلاق التصريحات التي لا تمسُّ للواقع ولا للإسلام بصلة، وخرج بصورٍ أهانت ليس فقط حسون نفسه، بل منصب المفتي الذي يُمثله، كمصافحته للنساء والتغني بالشيعة وتهديد أوروبا بإرسال آلاف الانتحاريين، غير أنّ سبب سكوت أسد عنه هو التخطيط لإصدار هذا المرسوم، والذريعة بذلك أنّ المفتي أخطأ ويجب إلغاء هذا المنصب، وانتظر أسد ومن خلفه الإيرانيون حتى خرج حسون بتفسيره الغريب لسورة التين، لتكون الذريعة التي يستطيع من خلالها أسد ومن هم خلفه من إصدار هذا المرسوم دون إحداث ضجّة في الشارع السني السوري، لا سيما الذين بقوا موالين له طيلة حربه على السوريين.

التعليقات (2)

    nadim

    ·منذ سنتين 4 أشهر
    لقد أدخل أيات المجوس عقائد في عقول الشيعة ما أنزل الله بها من سلطان فعن طريق العاطفة والبكاء والعويل وشل العقل عن التفكير والتمييز. بات الشيعي كالحمار يحمل أسفارا ومطية لليهود يهدمون به دين التوحيد لكي لايبقى لنا باقية وتبقى الديانة اليهودية لتسود وتحكم العالم. لايوجد ديمقراطية عند الغرب. يشتمون الإسلام جهارا ونهارا ويحرقون القرآن في الساحات أمام الأشهاد ويقولون هذه ديمقراطية وإذا تكلمت عن اليهود لقامت قيامتهم .عجيب أمرهم

    سوري

    ·منذ سنتين 4 أشهر
    بقر وستبقون كذلك
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات