تحذير سعودي
الصحفي ودكتور علم الاجتماع السياسي السعودي خالد الدخيل وفي مجموعة تغريدات له على موقع تويتر طرح السؤال ذاته. يقول الدخيل: "هل يمكن أن يقبل الأسد ضمانة العرب بدل إيران؟ سؤال غريب وشائك، لم يكن قابلاً للطرح بين الدول العربية، الآن بات من الأسئلة المُلحّة، وهو سؤال يفرض آخر: لماذا يفضّل الأسد إيران على العرب؟ لأنه يعتمد على الطائفة والمذهب وليس الدولة، وإيران دولة المذهب بنصوص دستورها وسياساتها على الأرض.
وأكد الدخيل أنّ اعتماد نظام الأسد على إيران المعادية للعرب من منطلقات قومية ومذهبية وعلى ميليشيات مرتبطة بإيران، والصِّدام انطلاقاً من ذلك مع الشعب السوري، يعني أولوية المذهب بالنسبة للنظام على الدولة، وعلى هوية سوريا العربية. ما هي مسوِّغات إمكانية أخذ هذا النظام بعيداً عن رهاناته وقناعاته هذه؟
واستذكر الدخيل وقوف نظام الأسد الأب مع إيران ضد العراق في حرب الخليج الأولى، على الرّغم من الشعارات التي رفعها حافظ الأسد من قبيل "الأمة العربية" و"البعث العربي". يقول الدخيل: "لم ينتبه كثيرون لدلالة أن سوريا العربية البعثية زمن حافظ الأسد وقفت مع إيران المذهبية وغير العربية ضد العراق العربي البعثي في الحرب العراقية الإيرانية، سابقة لم تحدث حتى في زمن حروب القبائل العربية، بل طلب حافظ من معمر القذافي تزويد إيران بالذخائر والصواريخ، ويحدثونك عن العروبة".
وخلص الدخيل في تغريداته تلك إلى أنّ سوريا دولة مركزية، كان يفترض أن تكون أحد مصادر صناعة القرار في المنطقة، لكنها تحولت في عهد الأسد إلى ورقة لحسابات روسيا وإيران، وهذا همّش مركزيتها وحرمها ورقتها العربية، هل يمكن تصحيح ذلك؟ الأسد لديه ثقة أن إيران الوحيدة التي برهنت جاهزيتها لحماية النظام بهويته العلوية.
تعويم الأسد غير ممكن
الباحث والمحلل السياسي السوري درويش خليفة قال في حديث لأورينت: "إنّ من يعتقد أن النظام الإيراني الذي استثمر بنظام الأسد في سوريا طيلة 40 عاماً، سيتخلى عنه؛ أطالبه بالتعمق في قراءة تاريخ هذه العلاقة جيداً، وأن يربطها بالبُعد المذهبي الذي لطالما كان الرابط بين النظامين، على الرغم من متاجرة حافظ الأسد ومن بعده الوريث بشار بشعارات تدعو إلى تحرير فلسطين، وهو الذي باع أراضي سوريّة في شمال البلاد وجنوبها".
وأضاف خليفة: "من هذا المبدأ، أؤكد أن مجرد تفكير نظام الأسد بالتخلي عن إيران، سنجده في الساعة التالية قتيلاً في القصر الجمهوري، وقد يكون القاتل شقيقه ماهر قائد الفرقة الرابعة الموالية للحرس الثوري الإيراني".
ويرى خليفة أنّ الحكومات العربية تظن أن مجرد الانفتاح على النظام السوري، سيدفعه تدريجياً للابتعاد عن سياسات إيران في المنطقة. يقول خليفة: "هذا الأمر استبعده بالمطلق، لا سيما بعد العقد الأخير، ووقوف الميلشيات الإيرانية وميليشيا حزب الله اللبناني وتسخير جهود الحشد الشعبي العراقي ومليشيا فاطميون وزينبيون لصالح نظام الأسد".
أكثر من ذلك؛ يؤكد خليفة أنّه "إذا كانت الدول العربية الداعية لإعادة مقعد النظام السوري في الجامعة العربية، تبني مواقفها وسياساتها على غض النظر الأمريكي وعدم إيلاء اهتمام واشنطن بالقضية السورية، فهذه مصيبة أخرى تضاف إلى الكم الهائل من المصائب والأزمات التي تحيق بالعرب.
انحراف المسار
منذ انطلاق الثورة السورية قبل عشر سنواتٍ ونيِّف أبدت غالبية الدول العربية موقفاً مُسانداً للثورة السورية، وصدرت عدّة قرارات في هذا المسار. يقول خليفة: "القرارات العربية التي اتّخذت على مستوى الجامعة العربية كانت مشرّفة بحق الشعب السوري وتضحياته حيث تنص تلك القرارات، التي جاء بادئها في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، على تعليق عضوية وفود الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس الجامعة، وتوفير الحماية للمدنيين السوريين، وفي منتصف عام 2012 تم توجيه نداءٍ صريح يدعو الأسد للتنحي عن السلطة، والمطالبة بعقد اجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار توصيات إجرائية لمواجهة تدهور الأوضاع في سوريا، بما في ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية وفرض عزلة على النظام السوري".
وتابع خليفة: "هذا ما دفع جامعة الدول العربية في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 إلى مطالبة المنظمات الإقليمية والدولية بالاعتراف بالائتلاف السوري المعارض، ممثلاً شرعياً لتطلعات الشعب السوري، فما الذي تغير الآن؟".
المتابع لمسار نظام الأسد ومنذ قيامه قبل خمسين عاماً، وخصوصاً منذ انطلاق الثورة السورية يعلم جيداً أنّ هذا النظام لن يستطيع التخلي عن إيران، فبالتخلي عنها مقتله وسقوطه، وهو يعلم ذلك جيداً، ومحاولة البعض إظهار إمكانية فصل نظامي الملالي والأسد عن بعضهما ما هي إلّا خطأ يُضاف إلى الأخطاء التي ارتكبها العرب منذ انطلاق الثورة السوية وسماحهم باستمرار هذا النظام حتى اليوم.
التعليقات (4)