خلافاته طفت على السطح.. المجلس الإسلامي السوري ما له وما عليه

خلافاته طفت على السطح.. المجلس الإسلامي السوري ما له وما عليه
سبع سنواتٍ ونيِّف على تأسيس المجلس الإسلامي، حاول خلالها أن يكون مجلساً للإفتاء ومرجعيّة إسلامية للثورة السورية، وخلال تلك الفترة شهد المجلس العديد من الأحداث وحتى الهجوم عليه نتيجة مُمارسات بعض أعضائه، كما شهد تجميداً لعضويات بعض أفراده حتى من أولئك المؤسسين له.

بعد السنين السبع التي مرّت على السوريين والتي يُمكن تسميتها بالعجاف، وصل المجلس الإسلامي السوري إلى حالة أسماها البعض بالـ "ترهّل"، وبات لزاماً عليه إعادة ترتيب بيته الداخلي ووضع النقاط على الحروف، خصوصاً وأنّ الأحداث الأخيرة التي مرّ بها السوريون كشفت بحسب مراقبين انفصال المجلس عن الشارع السوري المعارض.

عن نشأة المجلس يقول مصدر خاص لأورينت نت على اطلاع بأعمال المجلس بأنّه عبارة عن تجمع لكافة الروابط الإسلامية السورية التي نشأت خلال الثورة، أو حتى قبلها، فالمجلس إذاً هو عبارة عن مكتب تنسيق، وليس لديه أي سلطة على أي مكوّن من مكوناته.

الإخوان في عين العاصفة

أكد المصدر أنّ "أحمد حوا" يقوم بالتهديد دائماً بأنّه سينسحب من المجلس، وذلك تهديد مبطّن يُلمح حوا من خلال أنّ كتلة الإخوان بأكملها ستقوم بالانسحاب من المجلس، كونه يمثل هذه الكتلة، والمجلس بحسب المصدر لا يستطيع مواجهة هذه الكتلة حرصاً على وحدة الصف، لكنه -أي حوا- والحديث للمصدر يستغل هذا الأمر لتوسيع نفوذه ونفوذ كتلته، لإقصاء المخالفين له من العلماء الذين شاركوا بالثورة، أو أولئك الذين كانوا يُقيمون بالخارج قبل انطلاق الثورة السورية، تقول المصادر: "العلماء الذي شاركوا بالثورة منذ البداية وعرّضوا أنفسهم للخطر أكثرهم معزول وأكثرهم مطرود من المجلس، أو مجمد لا يستطيع الكلام، ومن يتكلم يتآمرون عليه لإجباره على السكوت"، وأضاف المصدر: "دائماً هناك ضغط على المجلس، بحيث لا يتم اتخاذ أي إجراء ضدّهم".

وأشارت المصادر إلى وجود عدد من الأشخاص يُحاولون تجيير المجلس لخدمتهم، تقول المصادر: "المجلس مهمته حماية السوريين، أما هم فيريدون "التشبيح" لشخص أو فصيل معين، ويُحاولون أخذ المجلس برمّته إلى هذا الاتجاه، وإذا أرادوا مُعاداة أحد، فيُجبرون المجلس برمّته على هذا العداء والزج به في هذه المعركة، وهذه ليست مهمة المجلس، هم بالمحصلة يُريدون أن يكون المجلس إخوانياً، ويتبنّى سياسات الإخوان، وإقصاء العلماء الذين شاركوا بالثورة وهم كانوا بالداخل السوري من غير الإخوان".

المتحدث الرسمي باسم المجلس الإسلامي السوري مطيع البطين نفى في حديث لأورينت وجود ما يُسمى سيطرة الإخوان المسلمين على المجلس الإسلامي أو حتى غيرهم، يقول: "البيان الذي خرج للعلن منذ أيّام لم يكن مُتماشياً مع أي حزب، البيان كان باسم المجلس ويمثل مصالح المجلس، ومعظم الأفراد في المجلس يمكن تصنيفهم كمستقلين، ولا نستطيع تصنيف أي شخص أنّه ينتمي لأي مرجعيّة".

ويرى الدكتور في الفقه الاجتماعي إبراهيم سلقيني أنّه لا يجب مُحاربة أي مكون أو حزب أو تيار ديني، بل يجب تذويبهم في النسيج المجتمعي السوري، يقول: "في حال مُحاربة أي تيار ديني فإنّه سيتخذ موقفاً مُعاديا ومُتشنجاً، يجب تجاهل الناحية السلبيّة الموجودة في تيار الإخوان المسلمين والسلفية والصوفية وحزب التحرير وغيرهم، بهدف تذويبهم في النسيج المجتمعي السوري، وعلى سبيل المثال فإنّ "السلفيين السوريين" وحتى المُتشددين منهم، هم في النهاية جزء من المجتمع السوري ومواطنون سوريون، فهل نفتح لهم أفرع مخابرات، أم ندمجهم في المجتمع؟".

وتابعت المصادر: "المجلس يجب أن يُمثل الثورة بكافة أطيافها، غير أنهم يُريدون مجلس مُحاصصات، كما فعلوا في الائتلاف تماماً، فالدكتور أيمن الجمال عضو في الائتلاف عن رابطة العلماء السوريين، وبالتحديد عن القسم الإخواني في الرابطة المذكورة، مع العلم أنّ الرابطة ليست كلها إخوان، يوجد مُمثلون للإخوان بها، فالجمال ممُثل عن الإخوان في الائتلاف، ولكن باسم الرابطة، كما يوجد للإخوان مُمثلون آخرون في الائتلاف باسم الإخوان، فهم يدخلون بأشكال مُختلفة ضمن المجلس والائتلاف وبأسماء مُختلفة".

على الرّغم من أنّ كتلة الإخوان المسلمين داخل المجلس الإسلامي السوري غير كبيرة، ولا تتعدى العشرين بالمئة في أحسن الأحوال، غير أنّهم والحديث للمصدر باتوا يُسيطرون على المجلس، يقول المصدر: "70% من أعضاء المجلس غير راضين عمّا تقوم به مجموعة الدكتور أحمد حوا في المجلس، لكنهم عاجزون عن فعل شيء".

أكثر من ذلك؛ استغربت المصادر قيادة شخص غير سوري لرابطة العلماء السوريين وهو الشيخ غازي التوبة، تقول المصادر: "الدكتور غازي التوبة رئيس الرابطة، على الرّغم من كونه ليس بسوري، لكنه أداة قويّة بيد مجموعة الإخوان، هو يُضلل الأشاعرة والصوفية على الرّغم من أنّ المجلس يضمُّ مجموعة من الأشاعرة والصوفية، ويُتّهم بأنّه كانوا من مؤيدي تنظيم الدولة الإسلامية".

ويؤكد مطيع البطين أنّ المجلس ضد أي كلمات تكفر أي مُسلم: "أي شخص يقول أنا مُسلم نُسلم له بذلك، ولا نفتش عمّا وراء ذلك، ليس من مسؤولية المجلس ولا من حقه أن يكفره. يقول البطين: "نحن بحاجة لمراجعة أنفسنا.. وأؤكد أنّ موقف المجلس يجب أن يؤخذ من المكان الصحيح، وأي شخص يتكلم، فهذا خطؤه وهو من يتحمّله، وثانياً نحن كمجلس نفعل أي شيء لضبط الأمور لن نتوانى في ذلك".

وأشار البطين إلى أنّ اللون السائد في المجلس يُمثِّل معظم المُتدينين في الشام، وهو التدين الوسطي المُستقل، البعيد عن أي تحزب، كالشيخ أسامة الرفاعي والشيخ سارية الرفاعي والشيخ راتب النابلسي والدكتور أبو الخير شكري والدكتور عبد الله السلقيني والدكتور عبد الكريم بكار، فالأسماء المؤثرة في المجلس مُستقلة، ولا تمثل حزباً معيناً.

وعمّا أوردته المصادر من تهديدات أحمد حوا أشار البطين لعدم وجود أي نوع من أنواع التهديد بالاستقالة من أي شخص، فالدكتور أحمد حوا أو أي شخص آخر غير موجودين في المجلس باسم حزب، وغير مسموح إطلاقاً أن يدخل أي شخص باسم الحزب الذي ينتمي إليه، فالمجلس يتكون من روابط علمية.

وتابع البطين: "إذا كان شخص ما ينتمي لحزب ما فهذا شيء آخر لا علاقة لنا به، فالمجلس لا يقر أبداً أن يكون مكوّناً من أحزاب، ويرفض بأي شكل الوجود بهذه الصفة، وعلى سبيل المثال إن كان يوجد شخص من المجلس في الائتلاف، نحن لا نمتلك (كوتا) للائتلاف، لكن صفته الأخرى فهي خياره الشخصي".

وأشار البطين إلى أنّ المجلس يضمُّ كافة التيّارات الإسلامية الموجودة في سوريا ابتداءً من التيار الحداثي والوسطي والتيار السلفي، يقول البطين: "التنوع القائم في المجلس هو تنوع فكري وليس تنوع حزبي".

شارع محتقن

بخصوص التصريحات التي صدرت عن الدكتور محمد أيمن الجمال، وأثارت حالة من الرفض في المجتمع السوري، أشار البطين لوجود آليات للمحاسبة ضمن المجلس، فأي شخص يخرج عن ميثاق المجلس، فالأمانة العامة تُقرر العقوبات اللازمة بحقه، وأضاف: "وضح دور المجلس من خلال مجموعة من الإجراءات، حيث أنّ الدكتور الجمال قام بحذف تلك المنشورات، وهذا الحذف لم يأت عبثا، كما أن البيان الذي صدر عن المجلس كان واضحاً بهذا الخصوص، والمجلس سيُثير كافة القضايا في الاجتماع الحضوري المقبل والذي بات قريبا، وسيضع ضوابط لكافة المسائل".

وأردف: "الدكتور محمد أيمن الجمال عضو في الائتلاف المعارض ليس عن المجلس الإسلامي السوري، بل عن رابطة العلماء السوريين، فأي رابطة تقدم مُمثليها إلى المجلس، فرابطة علماء الشام لها مُمثلون في المجلس ورابطة المجلس الشرعي بحلب لها مُمثلين في المجلس، فالرابط هي من تختار من يُمثلها في المجلس، ولا يُسمح لأي شخص بأن يقول إنّه ينتمي لحزب أو موجود عن حزب (هذا خط أحمر)، نحن لا مصلحة لنا بأن يكون أي شخص مُمثلاً لحزب في المجلس الإسلامي السوري".

التصريحات الاستفزازية التي خرجت من البعض في الفترة الأخيرة ممن يُحسبون بشكلٍ أو بآخر على المجلس الإسلامي السوري أكد الدكتور في الفقه الاجتماعي إبراهيم سلقيني وجود أشخاص يقومون بإطلاق تصريحات منفلتة وخارج السرب سواء كانوا سياسيين أو دينيين، وهم لا يُمثلون المؤسسات التي يعملون بها، لذا والحديث له "يجب فصل المسارات عن بعضها"، وأضاف مُستغربا "البعض يُطالب بالتطبيل لهذه الجهة أو تلك، وإلّا سيتحوّل إلى علماني أو ليبرالي أو يُتَّهم بمحاربة المجلس الإسلامي أو أنه أحد الأبواق الناعقة، وفي المقابل إذا صدر رأي متشنج عن أي كادر ديني بدأت الاتهامات تجاهه وتجاه المؤسسة التي يتبع لها، فالواجب تخفيف حالة التشنج التي يعيشها مجتمعنا".

ويرى سلقيني أن حالة الانقسام والمُحاصصة لا يختص بها المجلس الإسلامي السوري عن غيره من مؤسسات المعارضة السورية، فهذا المرض وصل لكافة المؤسسات العاملة في الثورة السورية، يقول سلقيني: "بعد تأسيس المجلس الإسلامي، أصدرت جبهة علماء حلب -التي حُلَّت للاندماج في المجلس الإسلامي- بياناً بتوقيع مئة طالب علم يدعون فيه المجلس الإسلامي للقرب من الشباب ومن الساحة الشاميّة، مُطالباً بنقل نشاط المجلس إلى الداخل السوري".

وأكدت المصادر لأورينت أنّ الائتلاف السوري المعارض تواصل معها طالباً منهم الضغط في المجلس لإخراج أيمن الجمال من الائتلاف كونه يُسبب لهم حرجاً شديداً، والائتلاف لا يستطيع إخراجه، والسبب عدم زيادة حالة الانقسام والتشظي أو زيادة المشاكل داخل الائتلاف من قِبل المجموعة التي تُمثلها جماعة أيمن جمال أو أحمد حوا، تقول المصادر: "بات هؤلاء موجودون في كل مكان، من خلال استغلال سكوت بعض كبار العلماء الذين يميلون نحو الهدوء، ليقوموا بالتوسع في كل مكان، وفي السنة الأخيرة توسعوا بشكل كبير بعد عزل مجموعة كبيرة".

وأكد البطين على أنّ المجلس غير راض عن المهاترات التي نشهدها من حين لآخر بين من يكتبون بالنفس الإسلامي، سواء أكانوا من المنضوين في المجلس أو خارج المجلس، وصنف المجلس معظم ردود الأفعال على أنّها شخصيّة، جميع تلك المهاترات المجلس كان ضدّها فهي خلافات تُشغل الرأي العام ونحن بغنى عنها، ومن أي طرف كانت، فمواقع التواصل الاجتماعي ليست مكاناً لحل الخلافات".

حالة الخلاف والانقسام التي شهدها المجلس في الفترة الأخيرة فتحت أبواباً من التساؤل حول آليّات عمل المجلس، ودور المجلس في ضبطها، يقول البطين: "المجلس مُحاسب أمام الجميع عن خطابه الرسمي، لكن أيضاً لا بد من مراعاة أن يكون كلام الإخوة خصوصاً الموجودين في الأمانة العامة مضبوطاً، فلا بد أن يكون هناك ضوابط على كلام الجميع، ننتظر أن يحمل الاجتماع الخير للجميع".

بدوره الدكتور عماد الدين الرشيد أحد الأعضاء المؤسسين للمجلس الإسلامي السوري أكّد أنّه وبرفقة خمسة أعضاء من المؤسسين ومن الأمانة العامة للمجلس قاموا بتجميد عضويّـتهم من المجلس بسبب خلافات حول آليات العمل، "أضربنا عن الحضور، لأسباب داخليّة لا مجال لذكرها، اُشيع أنّه تمّ استبعادنا، ولكن هذا الكلام غير دقيق".

وأشار الرشيد إلى أنّه لا يزال يؤمن بمرجعية المجلس الإسلامي: "على الرغم من بعض الخلل الحاصل به، شأنه بذلك شأن كافة المؤسسات السورية التي نشأت بعد الثورة، التي تحتاج إلى إعادة ترتيب وإعادة نظر، الجميع يحتاج إلى إصلاح وتغيير، والدليل على ذلك أن كافة الأشخاص في المجلس فاعلين خارج إطار المجلس.

ورفض الرشيد الخلافات الذي ظهرت إلى العلن في الفترة الأخيرة حول المجلس السوري، مؤكداً عدم وجود هيمنة لتيار الإخوان المسلمين على المجلس، مشيراً إلى أنّهم خارج المجلس ربّما يمتلكون تلك الهيمنة، وأردف: "المشايخ هم الأكثر حضوراً وبنسبة عالية جداً تفوق حضور الإخوان في الأمانة العامة، بعكس باقي المؤسسات السياسية التي يبدو فيها التغول الإخواني واضحاً".

لا سبيل عن الداخل

عن آليات إصلاح المجلس الإسلامي السوري يعتقد الدكتور سلقيني أنّ الخطوة الأولى هي الاقتراب من الشارع، فبعد سماعهم لآلام الناس سيتحركون بشكل أكبر، حينها سيتحول هدفهم من هدف خارجي إلى هدف داخلي، وحينها ستخف المناكفات والمشاكسات بين أعضاء ذلك المجلس، وأضاف سلقيني: "في حال انتقال المجلس إلى الداخل؛ فإنّ جزءا من الكوادر المنحرفة أو المقصرة ستترك المجلس، سيقولون إنّهم غير مُستعدين للسفر إلى الشمال السوري أو الجنوب التركي، وحينها ستدخل كوادر جديدة إلى العمل بدلاً عن أولئك غير المُستعدين للسفر، وعملية الإحلال هذه ستتم من خلال الكوادر الموجودة في الداخل، وبهذه الحالة يتم إصلاح المجلس دون إعلان أي حرب ضد أي شخص".

وتابع: "الهدف من المجلس أن يكون قريباً من الشارع، ويوجّه الناس بشكل جيد، وأن يؤدي دوره في حماية السوريين، ففي قضية الزميل ماجد شمعة، كان ينبغي على المجلس أن يقوم بالمطالبة بإطلاق سراحه، وأن يتكلم مع المسؤولين الأتراك للإفراج عن الأشخاص المهددين بالترحيل خارج نطاق القضاء".

المجلس الذي يأخذ عليه البعض وجوده في مدينة إسطنبول التركية، وليس على الأراضي السورية، رفضه البطين، وأكّد أن معظم الروابط التي تُشكِّل المجلس موجودة في الشمال السوري، ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ ثلث الأمناء موجودون في الشمال السوري ويُقيمون هناك، والباقي يتردد بشكل دائم إلى الداخل السوري، وتمّ وضع حجر الأساس ليكون المقر الأساسي للمجلس في مدينة إعزاز شمال سوريا، وسيكون العمل الأساسي للمجلس من هناك، وهذا لا يعني أيضاً أن ينتقل كافة الأعضاء إلى مدينة إعزاز.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات