وقالت الشرطة البولندية على حسابها في "تويتر"، إنه "تم العثور على جثة شاب سوري في إحدى الغابات بقرية وولكا تيريتشوفسكا القريبة من الحدود البيلاروسية"، مضيفة أن "الأحداث التي جرت في المكان الذي عُثر فيه على الجثة لم تسمح بتحديد سبب الوفاة بشكل مؤكد".
وتشهد الحدود البولندية وجود نحو أربعة آلاف من اللاجئين المحاولين اجتيازها للوصول إلى الاتحاد الأوروبي من الأراضي البيلاروسية، ومعظمهم من العراقيين والسوريين وجنسيات آسيوية أخرى، ويعاني اللاجئون ظروفاً مأساوية كالبرد الشديد وانعدام أبسط مقومات الحياة كالماء والطعام والمأوى ومعظمهم أطفال ونساء عالقون في الغابات الحدودية، ويعانون اضطهاداً في المنطقة الحدودية، وأدى ذلك لوفاة العديد منهم نتيجة البرد والجوع، وآخر الضحايا امرأة فلسطينية سورية توفيت قبل أيام.
وفي مقابلة أجراها "DW" اليوم، مع اللاجئ السوري عطا الله، قال الأخير: إن حرس الحدود تعرض له بالضرب المبرح وتسبب له بكسر في أنفه واثنين من أسنانه، موضحاً: "لقد ركلني في وجهي.. ومازال عندي ألم في أضلعي.. في البداية عندما أصبت أغمي عليّ فورا لبضع دقائق.. بعد أن استيقظت أخبرني صديقي أن حرس الحدود ركلني مرة أخرى حتى بعد أن أغمي علي".
وكانت وسائل إعلام غربية نشرت خلال الأيام الماضية، مقاطع فيديو عديدة تظهر أعداداً كبيرة من اللاجئين الذين يحاولون اجتياز الحدود البولندية باستخدام جذوع الشجر والضغط البشري، فيما تصدت لهم قوات حرس الحدود البولندية واستخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع لمنع دخولهم، وأعلنت إعادة عدد من اللاجئين الذين اجتازوا حدودها إلى الأراضي البيلاروسية، وسط عمليات بحث مستمرة عن بقية اللاجئين، حيث دقت بولندا جرس الخطر في وقت سابق، وأعلنت نشر نحو 10 آلاف جندي على حدودها لمواجهة خطر المهاجرين غير الشرعيين.
ووثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” احتجاز اللاجئين في أماكن مفتوحة بشكل قسري وبظروف مأساوية، أبرزها تدني درجات الحرارة، والنقص الحاد بالطعام والماء والمأوى في الغابات الحدودية بين البلدين، واتهمت المنظمة حرس حدود بيلاروسيا بمواصلة دفع اللاجئين للدخول إلى الأراضي البولندية، الأمر الذي يعرضهم لمزيد من الانتهاكات والمآسي ولا سيما الموت.
استغلال اللاجئين
وعمدت بيلاروسيا خلال الأشهر الماضية إلى استقدام اللاجئين بعروض "وهمية كاذبة" من العراق وسوريا ومناطق آسيوية أخرى لتسهيل دخولهم إلى دول الاتحاد الأوروبي، وبذلك وقع آلاف اللاجئين وعوائلهم ضمن "الفخ البيلاروسي" بعد أن وجدوا أنفسهم عالقين في أسوأ الظروف الإنسانية في المنطقة الحدودية، فلا بيلاروسيا تقبل بعودتهم إلى أراضيها، ولا بولندا تسمح بعبورهم إلى دول الاتحاد الأوروبي.
ووفق مراقبين فإن بيلاروسيا استفادت مادياً من أزمة اللاجئين المختَلَقة، عبر أجور النقل الجوي والبري والإقامات الفندقية وغيرها من تكاليف السفر وإغرائهم بالوصول إلى حدود بولندا، إضافة لاستخدام المهاجرين كورقة ضغط سياسي لزعزعة استقرار دول الاتحاد الأوروبي من جهة، وفي وجه العقوبات الأوروبية من جهة ثانية.
ووصف رئيس وزراء بولندا، مايتوش مورافيتسكي، الوضع بأنه "نوع جديد من الحرب، يُستخدَم فيها الناس كدروع بشرية"، مشيراً إلى أنها المرة الأولى منذ ثلاثين عاماً، التي يتعرض خلالها أمن حدود بلاده لـ "هجوم شرس".
وأعرب المتحدث باسم الحكومة البولندية بيوتر مولر، عن قلق بلاده من تزويد الاستخبارات البيلاروسية اللاجئين على حدود بلاده بالأسلحة، قائلا إن "أحد الخيارات المتوقعة، هو تزويد عناصر الاستخبارات البيلاروسية على سبيل المثال، شخصاً أو اثنين أو ثلاثة أشخاص بالأسلحة، ببساطة سيجدون سبباً لاستخدامها، ما يؤدي لتفاقم الأزمة على الحدود البولندية - البيلاروسية"، مضيفاً: "بعد ذلك، ستنفي السلطات البيلاروسية علاقتها بهذا الأمر".
بدورها ندّدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة بـ "استغلال المهاجرين واللاجئين لتحقيق غايات سياسية"، وأعربت عن قلقها إزاء أوضاع اللاجئين العالقين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا.
التعليقات (5)