توريط العلويين لإنقاذ العائلة الحاكمة

توريط العلويين لإنقاذ العائلة الحاكمة
ما قاله رفعت علي الأسد قبل أيام عبر بث مباشر من صفحته الفيسبوكية، ليس سوى هروب من الحاضر السوري الكارثي الذي تسببت به عائلته بالمجمل إلى الماضي.  فبدلاً من فتح الذهن والقلب على قضايا التاريخ التي مضى عليها قرون على رغم من أنها ما زالت تحضر وتغيب بحسب الظروف، كان المتوجب عليه أن يناقش الأسباب التي أودت بالشعب السوري إلى الدم والدمار.  بالطبع هو لا يستطيع أن ينتقد عائلته كما فعل الشجاع فراس الأسد، لاعتبارات عدّة:

 أولها: أنه يمثل عضوياً هذه العائلة المافيوية وتشير صوره على صفحته الفيسبوكية إلى ذلك حيث يظهر في إحداها حاملاً بندقية بجانب سياراته وسيارات مرافقته رغم كونه من الدرجة الثالثة أو أقل ضمن تصنيف "طبقات" العائلة الحاكمة، فهو غير معروف تماماً لولا خروجه مع سمير المتيني في برنامجه، لكأنما عادة اتخاذ مرافقة أصبحت "بريستيج" داخل العائلة بغضّ النظر عن أهمية ودور الفرد المنتمي لها .

وثانيها:  أنه كما يُشاع متعلم ديني وخريج حوزة علمية، وهذا بحد ذاته يطرح إشكالية سريالية بالفعل، إذ كيف يمكن لعائلة مافيوية تحترف الجريمة المنظمة أن تقبل أو تسمح لأحد أفرادها بدراسة المذهب الشيعي لو لم تكن هذه العائلة فاقدة الشرعية من قبل الطائفة العلوية وغير معترف بها كعائلة علوية أصلاً، مجرد تمثيل على الطائفة العلوية وخداعها دينياً وهو حكماً تمثيل على "الطائفة السورية" بقصد خداعها سياسياً. وهذا أمر على غاية الأهمية فالعائلة كاكائية الدين كردية الجذور (كما يصرّح بذلك جميل الاسد لمؤرخ عراقي)، مارست على العلويين لعبة استبدال هويتها غير العلوية بهوية سياسية مافيوية.

فهي كي تمثل العلويين صنعت لنفسها ماهية سياسية دفعتهم إليها دفعاً بحجة أنها تدافع عنهم و"تحميهم" من السُنّة .

الأسدية السياسية والطائفة العلوية

الأسدية السياسية أصبحت بديلاً عن "الماهية العلوية"، طالما أنها تدافع عن العلويين وتمنحهم المكانة، والأهم، تمنحهم لأول مرة مكانة سياسية مفتقدة ومسلوبة منهم منذ مجازر سليم الأول في حلب وتهريب من تبقى منهم من قبل مشايخ حلب السنّة إلى جبال الساحل. 

وها نحن نجد أنفسنا داخل دائرة التاريخ السياسي الاجتماعي، نعود إلى النقطة التي بدأنا بها، عن استنهاض التاريخ المسلم (نفضل القول مسلم بدلاً من القول إسلامي، حيث تشير كلمة إسلامي إلى المعنى السياسي وإلى الجماعات السياسية داخل الإسلام، القديمة منها والحديثة، كما تشير الكلمة "إسلامي" إلى جماعة يهودية مغربية دخلت الإسلام بحسب عالم المستقبليات المغربي المهدي المنجرة ) واستحضاره للهرب من استحقاقات الحاضر ، لكن لمَ يجري استحضار هذا الحدث القَبلي بالغ الخطورة في تاريخنا؟ وهو الحدث الذي كوّن هويتنا الصراعية الشقاقية المتوترة بل كوّن "هويتنا" على ضفاف الشرخ العمودي السياسي الفقهي، تنهلان منه، فهو حياتهما وأصل وجودهما ومبرر استمراره .

إذا لقد عدنا إلى الأصل التاريخي الذي كوّن العقل المسلم والعقل السياسي الإسلامي، وفي كل أزمة وجودية تضرب مجتمعاً عربياً مسلماً تجري العودة إلى هذا الأصل لإعادة فتحه و"النهل" منه عبر إعادة قراءته والاحتكام إليه والمحاججة به، كلٌّ من ضفته أو انطلاقاً من هويته المذهبية "السياسية" . 

وعلى الرغم من كون رفعت علي أسد الذي يمثل العائلة الحاكمة كمثقف متدين أو رجل دين، ينافح بالنظرية السياسية الإمامية، فقط كمحاولة من قبله لإخفاء جرائم عائلته بحق السوريين وضمنهم العلويون الذين بلغت نسبة تضررهم وفقدانهم النسبة الأعلى بين السوريين، بسبب الحرب التي جرّتهم إليها عائلته عائلة الأسد لمواجهة السوريين المنتفضين ضدها ..

كيف تسيء للعلويين وأنت تدافع عنهم؟ 

أخطر ما في خطاب رفعت علي أسد ظهوره كمنافح عن العلويين وفي نفس الوقت توجيه الاتهامات وإثارة العصبية والكراهية ما بين السوريين، وهذا مضي في الهرب إلى الإمام، وهنا لا بد من توضيح التالي:

في وقت ثبتت فيه ديانة عائلة الأسد الكاكائية، فليس هذا الشخص هو المؤهل بالدفاع عن الطائفة العلوية، ولا أحد ذا مصداقية في الطائفة طلب منه الدفاع عنها، وليس هكذا يتم الدفاع عن الطائفة، بل إن دفاع هذا الشخص غير العلوي، كما دفاع أي شخص أسدي عن الطائفة العلوية، هو إهانة لها وتوريط لها، يزيد كراهية السوريين لها، لكن أحداً لا تنطلي عليه هذه التمثيلية ... فليس هذا الشاب الثلاثيني (رفعت علي الأسد)، هو من يمثل الطرف العلوي ولا هو بطبيعة الحال يمثل المذهب الشيعي، ولا هو مؤهل لنقاش مسألة على هذا النحو من الخطورة والجذرية، بل هو بالكاد يمثل الجيل الثالث من عائلة الأسد، كما إنه لا يمثل الطرف الأسدي، الذي افتعل الحرب وتورّط بدماء السوريين دون استثناء، هذا الطرف الذي لا يحق له سوى الجلوس أمام محكمة الشعب السوري -وضمنه العلويون- للإجابة عن أسئلة قضاته بخصوص خمسين سنة من الجريمة المنظمة والخيانة الوطنية وتخريب البلاد ونهبها، وانتهاء بتدمير مدنها وقراها واعتقال أحرارها واغتيال أطبائها وتهجير ملايين السوريين منها، وأهم مما سبق للإجابة عن سؤال: لماذا تورطت عائلته المافيوية في قتل مليون سوري ولحساب من؟ وما هي غايتها في ذلك؟ 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات