تطبيق تجربة درعا في مناطق المعارضة.. خطة أمريكا وروسيا للحل!

تطبيق تجربة درعا في مناطق المعارضة.. خطة أمريكا وروسيا للحل!
اعتبر القيادي في المجلس الوطني الكردي فؤاد عليكو أن المفاوضات التي تجري بين النظام وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD هدفها استنتساخ تجربة التسوية في درعا بمناطق سيطرة الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا.

وأضاف في تصريح لموقع باسنيوز الأربعاء: أن "ما يجري من مفاوضات بين الجانبين هو تمهيد لعودة المنطقة للنظام إدارياً، على غرار ما حصل في درعا، مع تطبيق قانون الإدارة المحلية رقم 107 من قبل موظفي "PYD"، والتهيئة لانضمام قوات سوريا الديمقراطية "قسد" إلى جيش النظام بإشراف روسي، على غرار الفيلق الخامس، مع تسليم منشآت النفط إلى النظام".

ويبدو أن التزام نظام أسد بسحب قوات جيشه من المناطق التي سيطر عليها مؤخراً في محافظة درعا، بناءً على اتفاقية التسوية الجديدة التي وُقّعت مع ممثلي الأهالي هناك، قد اعتُبر "خطوة إيجابية" من قبل الدول الفاعلة في الملف السوري من أجل البحث في استنساخ هذه التجربة في مناطق أخرى من البلاد، وخاصة شمال شرق سوريا، ضمن إستراتيجية شاملة تهدف إلى وضع حد للصراع في سوريا.

وفي هذا الإطار وضعت مصادر متقاطعة تحدّثت لـ"أورينت نت" الاجتماعات التي عُقدت أو التي ستُعقد خلال الأيام والأسابيع المقبلة، بين ممثلين عن القوى المؤثرة في الملف السوري، وخاصة الروس والأمريكان، للمضي قدماً في خارطة الطريق المُتصوَّرة للحل في سوريا.

درعا نموذجاً

وعقب إعلان النظام الانتهاء من إجراء التسويات المطلوبة التي شملت 14 ألفاً من سكان درعا وريفها، شهدت المحافظة انسحاب قوات الفرقتين الرابعة والـ15 "قوات خاصة" بالإضافة إلى عناصر الفوج 404 التي تمركزت في محيط درعا البلد وعدد من المدن والبلدات التي فُرِض عليها حصار خلال الحملة الأخيرة التي استهدفت فرض اتفاقية التسوية الجديدة في حوران.

وتوصل النظام إلى اتفاق مع ممثلي الأهالي في أيلول / سبتمبر الماضي بعد مفاوضات بين اللجنة الأمنية واللجنة المركزية لدرعا، أفضى إلى تسوية جديدة بعد شهرين من التوتر والتصعيد.

وشمل الاتفاق مغادرة القوات العسكرية التابعة لجيش أسد وميليشيات إيران المناطق المدنية في درعا وريفها، مقابل السماح بتمركز مفارز أمنية في مداخل المدن والبلدات الرئيسية.

الانسحاب سبقه تقسيم المحافظة إلى أربعة قطاعات، أُوكل كل محور منها إلى واحدة من مؤسسات النظام الأمنية، بحيث يُشرف فرع الأمن العسكري على القطاع الشرقي من حوران، بينما يشرف فرع المخابرات الجوية على القطاع الغربي، وفرع أمن الدولة على الشمال، بينما وضع القطاع الجنوبي تحت إدارة فرع الأمن السياسي.

مصادر "أورينت" قالت إن روسيا تعتبر أن ما تحقق في درعا يعتبر "إنجازاً" ويحقق أحد أهم بنود الاتفاق غير المعلن بينها وبين الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، وكذلك عدد من الدول الاقليمية، وأن هذا "النجاح" يمهد للانتقال إلى خطوات أخرى، بعضها سياسي وبعضها الآخر اقتصادي، إلى الجانب الأهم، وهو استنساخ التجربة في مناطق أخرى، بما يمهّد لوضع نهاية لـ"الصراع" العسكري في سوريا، والانتقال إلى مرحلة الاتفاق الشامل بين المعارضة والنظام.

وكشفت هذه المصادر أن هذا هو المضمون غير المعلن للاتفاق الذي تم التوصل إلى خطوطه العريضة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن خلال اجتماعهما الذي عُقِد بمدينة جنيف السويسرية، منتصف حزيران / يونيو الماضي، واستُكمل على يد مسؤولين آخرين من البلدين.

المصادر أشارت بهذا الصدد إلى اللقاءات التي عقدها مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي بريت ماكغورك مع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فرشينين والمبعوث الروسي إلى سوريا الكسندر لافرنتييف، بعد اجتماع الرئيسين، الذي كان الجزء المُعلَن منه هو الاتفاق على تمرير قرار مجلس الأمن المتعلق بتمديد دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا من خلال معبر باب الهوى.

ورغم أن روسيا لم تكن راضية، كما تقول المصادر، عن الإجراءات الأمريكية التي اتُّخذت بالمقابل لتخفيف الضغط الاقتصادي والسياسي على نظام أسد، إلا أنها اعتبرت أن سياسة (الخطوة بخطوة) التي تشترطها واشنطن تسير بشكل معقول، خاصة أن الولايات المتحدة التزمت بتعهداتها في التغاضي عن تدفق بعض المساعدات المالية إلى النظام، والموافقة المبدئية على مشروعي خط الغاز المصري وشبكة الكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا، إلى جانب انفتاح عربي جزئي على دمشق.

ولم يقتصر التواصل الروسي-الأمريكي منذ لقاء الرئيسين على ذلك، بل تعداه إلى اتصال بين رئيس جهاز المخابرات الأمريكية والرئيس الروسي، وكذلك لقاء رئيسي هيئة الأركان في البلدين، الذي عُقد في هلسينكي نهاية الشهر الماضي تحت عنوان "الحفاظ على اتفاق منع التصادم" بين قوات البلدين.

لكن اللافت هو توسيع موسكو انتشار قواتها في مناطق النفوذ الأمريكي شمال شرق سوريا بعد هذا اللقاء، الأمر الذي يمكن وضعه في إطار تنفيذ الاتفاق المشار إليه، والذي مَنحت الولايات المتحدة بموجبه روسيا صلاحيات واسعة في سوريا، بشرط تقليص وتحجيم الوجود الايراني فيها استجابة للمخاوف العربية والإسرائيلية.

لقاءات موسكو ومكاسب روسيا

وعليه فإن موسكو كثفت خلال الأيام الأخيرة الماضية دعواتها لممثلين عن قوى شرق الفرات، بعد أن فرَغت من ملف حوران، من أجل ترتيب الأوضاع هناك بشكل مماثل، حيث استضافت قادة "جبهة الحرية والسلام" برئاسة أحمد الجربا، بينما تأجّل سفر وفد من الإدارة الذاتية برئاسة إلهام أحمد إليها بعد أن كان مقرراً الثلاثاء.

وبينما يبدو أن هذا الحراك يتعلق فقط بثني تركيا عن شن عملية عسكرية جديدة ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" الذراع العسكرية للإدارة الذاتية، فإن مصادر "أورينت" تقول إن الأمر يشمل التهيئة لعقد اتفاق بين مكونات المنطقة والنظام، مماثل للاتفاق الذي وُقّع في درعا، وإن لم يكن مطابقاً له تماماً، على أن يتضمن انسحاب "قسد" من الحدود السورية التركية لإرضاء أنقرة، التي ستكون الحاجة إليها ملحّة ولا غنى عنها عند الانتقال إلى ملف المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة المتحالفة معها.

ومن المؤكد أن روسيا سيكون لديها نقاط إيجابية خرجت بها من هذه اللقاءات ومن اتصالاتها الأخيرة مع تركيا، وخاصة لقاء وفدها العسكري الذي جرى مع قادة في الجيش التركي بأنقرة قبل أيام، لتضعها على طاولة اللقاء الذي سيجمع الأسبوع المقبل في موسكو بين ماكغورك وفرشينين ولافرنتييف الذين يبدو أن الملف السوري بات بين إيديهم فيما يتعلق بروسيا وأمريكا.

المكاسب الروسية التي ستكون مضاعفة في حال سارت الأمور كما تخطط، ستضعها موسكو أمام شركائها في مسار أستانة، الذين سيلتقي ممثلون عنهم مطلع الشهر المقبل.

وكان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أعلن أنه من المقرر عقد محادثات أستانة حول سوريا في شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل.

حراك المعارضة

وفي الوقت الذي يجري فيه على قدم وساق حراك الدول المتداخلة في الملف السوري، عقدت الكتلتان الأكبر في هيئة التفاوض السورية المعارضة لقاء في إسطنبول بهدف حل الخلافات داخل الهيئة.

اللقاء الذي جمع ممثلين عن الائتلاف الوطني وهيئة التنسيق، التي تمثل المعارضة المقيمة في الداخل، لا يمكن فصله، حسب مصادر "أورينت"، عن الحراك الدولي والإقليمي، إذ لا يمكن القول إن تجاوز الكتلتين خلافاتهما التي عطّلت هيئة التفاوض نحو ثلاث سنوات، قد حدث صدفة في هذا التوقيت.

ورغم أن اللقاء لم يؤدِّ إلى الاتفاق على تجاوز مشكلة "المستقلّين" من أعضاء هيئة التفاوض، وهي السبب الرئيسي في انقسامها، إلا أن المصادر تتوقع أن يكون ذلك خطوة أولى "من أجل استعادة وحدة هيئة التفاوض لتكون جاهزة من أجل خوض مفاوضات جدّية مع النظام في المرحلة القادمة، رغم أن عدم الاتفاق قد يسبب ردَّ فعل سلبياً تجاه الكتلتين".

وفي هذا الصدد تضع المصادر اللقاء الذي أجراه المبعوث الأمريكي الخاص إلى شمال شرق سوريا ديفيد براون شتاين مع رئاسة المجلس الوطني الكردي يوم الثلاثاء، لبحث المضي قدماً في المفاوضات الكردية-الكردية.

اجتماعات مكثفة وحراك دبلوماسي على مختلف المستويات يشهده الملف السوري، فيما يبدو أنه حصيلة تفاهمات أمريكية-روسية أُنجزت، وتفاهمات أخرى يتم الترتيب لها، تتطلب اتصالات واسعة مع مختلف الدول المتدخّلة في الشأن السوري، وكذلك قوى المعارضة والنظام، من أجل البدء بمفاوضات الحل الشامل.

وبينما يبدو لافتاً غياب الحديث عن القرارات الدولية الخاصة بسوريا وفي مقدمتها القرار 2254، فإن الكثيرين يتوقعون أن يلجأ النظام وبتحريض من إيران إلى إفشال كل ما سبق، في حال وجدت طهران أن ما يتم الترتيب له سيكون على حسابها، بينما لا يستبعد آخرون أن ما يجري يتم بالتنسيق بين روسيا وإيران لاستغلال الرغبة الإقليمية بوضع حد للمشكلة السورية بأيّ ثمن.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات