رحيل أحمد خليل: تألق بـ"سليمان الحلبي وعنترة" وضاع بغياهب التاريخ

رحيل أحمد خليل: تألق بـ"سليمان الحلبي وعنترة" وضاع بغياهب التاريخ
عن عمر يناهز 80 عاماً، غيب الموت اليوم (9/11) الفنان المصري أحمد خليل، إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد، حسبما أعلن أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية في مصر واصفا إياه بـ" الفنان العملاق". 

وكان أحمد خليل قد نُقل إلى المستشفى مساء الإثنين بعد أن ساءت حالته إثر إصابته بفيروس كورونا، حيث تم وضعه تحت الإشراف الطبي قبل أن يعلن عن وفاته. 

• التلفزيون والدراما التاريخية 

يعدّ أحمد خليل من نجوم الصف الثاني في الدراما المصرية، فقد سجل حضورا متميزا في العديد من الأعمال التلفزيونية وكانت البداية الأهم له مع الأعمال التاريخية في سبعينيات القرن العشرين. ولعل المشاهد السوري يذكر مشاركته الشهيرة في مسلسل (سليمان الحلبي) الذي كتبه الأديب محفوظ عبد الرحمن وأخرجه عباس أرناؤوط وأنتجه تلفزيون دبي عام 1976، وفيه لعب أحمد خليل الجنرال مينو الذي كأن أحد أبطال العمل في الدراما التاريخية التي تروي قصة اغتيال حاكم مصر الجنرال الفرنسي كليبر على يد ابن مدينة حلب (سليمان الحلبي)، وينتهي الأمر بإعدام سليمان الحلبي بعد تعذيبه وإحراق يده التي طعن فيها كليبر.

التصق أحمد خليل لفترة طويلة في الأدوار التاريخية وخصوصا مع الثنائي محفوظ عبد الرحمن والمخرج عباس أرناؤوط في مسلسلات (عنترة) 1978 و(ليلة سقوط غرناطة) 1979  وبعد عشرين عاما من مشاركته في مسلسل (سليمان الحلبي) اختاره المخرج حسام الدين مصطفى عام 1996  ليشارك في مسلسل آخر في جزأين هو (الأبطال) يؤرخ أيضا للحملة الفرنسية على مصر أيضا ويسبر جوانب تأثير الوجود الفرنسي على المصريين.. لكن أحمد خليل لم يلعب دور الجنرال مينو هنا، بل أدى دور الشيخ القوسيني أحد شيوخ الأزهر في المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي.  

ولعل حضوره في مسلسلات تاريخية (الإمام الغزالي، زمن عماد الدين، قاسم أمين، هوانم جاردن سيتي) وأعمال اجتماعية أخرى مثل (حديث الصباح والمساء، امراة من زمن الحب، أوبرا عايدة، حارة المعز) وسواها.. تظهر الحضور الدرامي الجاد لهذا الممثل الذي اتسم بقوة الحضور، إنما مع محدودية الأدوار والأنماط الدرامية التي جسدها حسب الفرص التي سنحت له.  

• مسرح الجيب وسينما السيرة الذاتية

ولد أحمد محمد خليل إبراهيم في محافظة الدقهلية عام 1941 وتخرج من معهد السينما بالقاهرة عام 1965، وكان من بين زملائه في الدفعة ذاتها الفنان النجم (أحمد مرعي) الذي لعب بطولة العديد من الأعمال التي شارك فيها خليل كسليمان الحلبي وعنترة في التلفزيون، وثلاثة وجوه للحب والمومياء في السينما. وقد شارك أحمد مرعي أيضا مع ابن دفعته أحمد خليل في تجربة (مسرح الجيب) الذي أسسه مع الفنان كرم مطاوع، وشارك في عدة مسرحيات أبرزها: (حب تحت الحراسة، خادم سيدين، وياسين وبهية) وبعد إغلاق هذا المسرح بسبب جرأة بعض الأعمال، عاد أحمد خليل مدرسا في معهد السينما... وخلال فترة بداية السبعينيات اعتزل التمثيل قبل أن يعود للعمل الفني من خلال الدراما المصرية التي كانت تنتج في تلفزيون دبي واستوديوهات عجمان في سبعينات وثمانينيات القرن العشرين.  

لم يكن لأحمد خليل حضور قوي في السينما المصرية، ولعل أول مشاركة له كانت في رائعة شادي عبد السلام الخالدة، فيلم (المومياء) الذي أنتج عام  1969 ولعب فيه دور ابن عم بطل الفيلم، وفي العام نفسه كان أحمد خليل قد شارك في فيلم (3 وجوه للحب) وخلال عقدي السبعينيات والثمانينيات لم تتجاوز مشاركات أحمد خليل السينمائية التسع مشاركات، ، ففي الثمانينات كانت أبرز مشاركاته فيلم (الأراجوز) أمام عمر الشريف، و(كتيبة الإعدام) أمام نور الشريف، وكلاهما من إنتاج عام 1989وفي تسعينيات القرن العشرين كانت أبرز مشاركاته السينمائية مع أفلام السيرة الذاتية للمشاهير ،فعمل مع  المخرج محمد فاضل في فيلمي (ناصر 56) عن حياة جمال عبد الناصر وتأميمه لقناة السويس، وفي (كوكب الشرق) عن حياة سيدة الغناء العربي أم كلثوم.. وإذا كان الفيلم الأول الذي لعب بطولته أحمد زكي قد حقق نجاحا فنيا باهرا.. فإن الفيلم الثاني الذي لعبت بطولته فردوس عبد الحميد (زوجة المخرج) حقق فشلا ذريعا.. وخصوصا حين قورن بالمسلسل التلفزيوني الذي لعبت بطولته صابرين وأخرجته إنعام محمد علي.. وحقق نجاحا فنيا كبيرا في تناوله لسيرة أم كلثوم. 

 ومن أعمال أحمد خليل التلفزيونية الأخيرة مسلسل (كأنه امبارح) الذي كتبه مجموعة من المؤلفين الشباب بإشراف مريم نعوم وأخرجه المخرج السوري حاتم علي وأنتج عام 2018 ، فيما كانت مشاركته في مسلسل (إلا أنا) أمام النجمة ميرفت أمين هي العمل الأخير الذي ختم به حياته الفنية، ورحل قبل أن يستكمل تصوير حلقاته, 

• زواجه من سهير البابلي

تزوج أحمد خليل في بداية حياته الفنية من الفنانة سهير البابلي بعد لقائه معها إحدى التمثيليات التلفزيونية.. لكن زواجه بها لم يدم أكثر من عامين، وهو يقول عنه في لقاء تلفزيوني: "عندما تزوجنا كنت صغيرا في السن، وكانت هي نجمة كبيرة وكنت في بداية مشواري الفني، وبطبيعتي الريفية رفضت هذا، فكنت دوما أُشعرها بأنها ليست نجمة في البيت وأنا الرجل، وانتهى الحال بالطلاق". 

تكشف هذه التجربة الأسرية الفاشلة عن طبيعة شخصية أحمد خليل، الذي كان بإمكانه أن يستفيد من علاقات نجمة مشهورة تزوجها كي تسهم في صعوده الفني أو كي يشاركها أعمالها، لكن خليل سرعان ما خرج من هذه الدائرة ليكون الممثل الفنان، لا الممثل زوج النجمة المشهورة. 

خلال مشواره الفني الطويل الذي يتجاوز الخمسين عاما، كان أحمد خليل ممثلا متمكنا لا نجما مشهورا.. لكنه كان ممثلا يتحمل مسؤولية الدور الذي يؤديه ممسكا بمفاتيح الشخصية ومتوغلا في أعماقها بأداء انفعالي قادر على تقديم أكثر من وجه لها. لقد استطاع أن ينهض بالشخصية التاريخية ليعبر عن روح العصر الذي تنتمي إليه، سواء كان جنرالا فرنسيا أو شيخا في الأزهر.. أو باشا سليل أسرة باشاوات. برحيله تخسر أدوار الصف الثاني ممثلا حقق حضورا طويلا في ذاكرة المشاهد المصري والعربي على مدى عقود، وإن لم يفز بلقب نجم في التلفزيون، أونجم شباك في السينما. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات