مصادر أورينت تكشف تفاصيل القمة بين بايدن وأردوغان

مصادر أورينت تكشف تفاصيل القمة بين بايدن وأردوغان
كشفت مصادر خاصة لـ"أورينت" أن اللقاء الذي جمع الرئيسين الأمريكي جو بايدن والتركي رجب طيب أردوغان أخيراً، عُقد بعد اتصالات أجريت من قبل صديق مشترك، وأنه بينما كان مقرراً أن يستمر الاجتماع عشرين دقيقة فقط، استغرق أكثر من ساعة، وأن أردوغان عاد على إثره فوراً إلى أنقرة دون التوجه إلى العاصمة الاسكتلندية لحضور قمة المناخ، الأمر الذي فسّره البعض بقرب انطلاق العملية العسكرية التركية ضد قوات "قسد" في شمال سوريا.

وبينما لم تُفصح التصريحات الرسمية التي أعقبت لقاء الرئيسين الأمريكي والتركي، الذي عُقد في روما يوم الأحد، عما دار في هذا اللقاء، يرى الكثيرون أن التطبيقات العملية التي سيتخذها الجانبان لاحقاً ستَكشف بوضوح حقيقة ما جرى فيه، بينما تبقى قضية العملية العسكرية التركية المتوقعة ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" المؤشر الأهم على نتائج هذا الاجتماع.

قبل الاجتماع: توتر وبرود

القمة التي أُجريت على هامش اجتماعات قادة مجموعة العشرين، استمرت نحو سبعين دقيقة، بعد أن كان مقرراً لها 25 دقيقة فقط، الأمر الذي يُعد "مؤشراً على نجاح الاجتماع وإيجابية المحادثات بين الرئيسين، الذين عَرفت العلاقة بينهما توتراً وبروداً شديدين" كما يقول المحلل السياسي عمر كوش.

وكان أردوغان قد عبّر عن امتعاضه الشديد بعد رفض بايدن اللقاء به خلال وجوده في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي عُقدت في أيلول/سبتمبر الماضي، بينما كشفت وسائل إعلام أمريكية عن غضب كبير لدى إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن تجاه الحكومة التركية والرئيس أردوغان.

مصادر مطلعة في واشنطن عددت لـ"أورينت نت" ثلاثة أسباب أساسية خلف هذا الموقف الأمريكي السلبي من تركيا، وهي:

1-صفقات السلاح: يعتبر إصرار أنقرة على إتمام صفقة منظومة الدفاع الجوي الروسية أس-400 في مقدمة أسباب التوتر، الأمر الذي دعا واشنطن إلى اتخاذ إجراءات عقابية، مثل إلغاء مشاركة تركيا في صناعة طائرات إف-35 الشبحية التي تبلغ مساهمة تركيا فيها ملياراً و400 مليون دولار، وتعطيل عقود صيانة طائرات إف-16، بالإضافة إلى عقوبات بحق رئيس هيئة التصنيع العسكري التركية والهيئة أيضاً.

2-ملف حقوق الانسان: ركّز بايدن منذ ترشحه عن الحزب الديمقراطي بمواجهة خصمه الرئيس السابق دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري، على قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم، وكان واضحاً إيلاؤه أهمية مضاعفة لهذا الملف في تركيا، ويبدو أن العلاقات المميزة التي جمعت ترامب بأردوغان كانت سبباً أساسياً في ذلك.

3- التصرفات التركية في دول الجوار: صحيح أن دوائر صنع القرار الأمريكي تشعر بالرضا، كما تقول مصار "أورينت-نت" تجاه المنافسة التي تبديها تركيا ضد روسيا في منطقتي القوقاز والشرق الأوسط، والتي تعوِّض إلى حد معقول الانكفاء الأمريكي والغربي فيهما، إلا أن تصرفات تركيا تجاه بعض الملفات الحساسة بالنسبة للإدارة الديمقراطية في أمريكا، تجعل دوائر صنع القرار في واشنطن اليوم غاضبة جداً ولا تستطيع الثقة بأنقرة، وفي مقدمة هذه الملفات شمال شرق سوريا ورسم الحدود البحرية شرق المتوسط، بالإضافة طبعاً إلى قضية قبرص.

وعليه، تقول المصادر، إن تحديد موعد للقاء بين الرئيسين الأمريكي والتركي تطلَّب جهوداً مضاعفة من جانب وسيط مقرب من الرئيسين، هو على الأغلب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي زارت تركيا قبل أسبوعين.

بعد اللقاء: تباين لا خلاف

تباينت بعد اللقاء تصريحات الجانبين حول ما دار في الساعة وربع الساعة تقريباً التي استغرقها لقاء الزعيمين ومرافقيهما، إلا أن هذا التباين لم يكن كبيراً، كما كان واضحاً التحفظ وعدم إطلاق أي من المسؤولين الأتراك تصريحات قوية تتحدث عن نتائج كبيرة أو انجازات مهمة ستترتب على الاجتماع. 

وبينما تجنَّب البيت الأبيض الإشارة إلى أموال الإف-35 التي تطالب بها تركيا ما لم يتم إعادتها إلى برنامج صناعة هذا الطراز من المقاتلات الهجومية، فإنه عدّد بالمقابل أكثر من ست نقاط، قال بيان صادر عنه عقب القمة، إن بايدن بحثها مع أردوغان، وفي مقدمتها "الرغبة في الحفاظ على علاقات بناءة وتوسيع مجالات التعاون وإدارة الخلافات مع تركيا بشكل فعال".

أيضاً كان واضحاً إيجابية العلاقات فيما يخص الملف الأفغاني، حيث عبّر بايدن عن شكر أمريكا لـ"مساهمات تركيا في مهمة الناتو في أفغانستان"، كما ناقشا "إيصال المساعدات الإنسانية إلى الأفغان المحتاجين" الأمر الذي يعتبر مؤشراً على تحفيز من بايدن لأردوغان بأن تركيا قد تُمنح امتيازات كبيرة تفيد اقتصادها بهذا الشأن.

بيان البيت الأبيض أشار أيضاً إلى أن الرئيسين بحثا "الانتخابات في ليبيا، والوضع في شرق البحر المتوسط، والجهود الدبلوماسية في جنوب القوقاز" أما بما يخص سوريا، فقد كان واضحاً اقتصار البيان على القول إن "القادة بحثا العملية السياسية في سوريا" الأمر الذي يرى فيه المراقبون أنه بمثابة إشارة واضحة إلى أن أمريكا لا تحبّذ أي حرب أو عملية عسكرية واسعة من أي جهة في الوقت الحالي، وأنها تفضل أن تمنح الجهود السياسية المزيد من الفرص، الأمر الذي يضع العملية العسكرية التي تهدد انقرة بشنها ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" حليفة الولايات المتحدة في شمال شرق البلاد، على المحك.

ويتفق مع هذه الرؤية تصريح الرئيس التركي عقب اللقاء بهذا الخصوص، حيث اكتفى بالقول إن "عملية دعم الولايات المتحدة للمسلحين في شمال شرق سوريا لن تستمر على النحو الذي جرت به حتى الآن"، وأضاف في مؤتمر صحفي: "أبلغتُه أسفنا حيال الدعم الذي يتلقاه تنظيم حزب العمال الكردستاني (وحدات حماية الشعب) في سوريا من الولايات المتحدة، وأعتقد أن هذه العملية التي استمرت حتى الآن لن تتواصل على هذا النحو لاحقاً".

ولذلك يرى عمر كوش، الكاتب المتخصص في الشأن التركي، أن أي عملية تركية جديدة ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" سيكون من الصعب القول بأن الولايات المتحدة توافق عليها، إلا إذا كانت محدودة من حيث الزمان والمكان، أو تمت وفق ترتيبات تتضمن مقايضات معينة.

ويضيف في تصريحات لـ"أورينت نت": "الأيام القادمة ستشكف عما إذا كانت تركيا ماضية في خطتها بشن هجوم عسكري شامل ضد "قسد" أم إنها ستطوي صفحة العملية وستكتفي باستهداف مواقع وقادة في وحدات الحماية الكردية وما إلى هنالك، ورغم أن هناك من أراد أن يربط بين عودة أردوغان إلى تركيا وعدم توجهه إلى غلاسكو لحضور قمة المناخ وبين حصوله على ضوء أخضر أمريكي لشن هذه الهجوم، إلا أن ذلك لا يعتمد على مؤشرات صلبة.

عدم التطابق بين تعليق البيت الأبيض على ما جرى في اجتماع بايدن-أردوغان وبين ما أدلى به الرئيس التركي من تصريحات في المؤتمر الصحفي "لا يعبّر عن استمرار التباين بالضرورة بين الجانبين التركي والأمريكي بقدر ما يشير إلى النقاط التي أراد كل منهما التركيز عليها" كما يقول كوش.

لكن المؤكد أن مجرد عقد اللقاء بين رئيسي البلدين يعتبر أمراً في غاية الأهمية بالنسبة لأنقرة، التي سيمنحها ذلك دفعاً لمواجهة محاولات الاستفراد بها من قبل روسيا والصين في القوقاز ووسط آسيا وفي الشرق الأوسط، "لكن من المهم بالنسبة للولايات المتحدة أن يعود الدفء إلى جسد العلاقات مع تركيا التي تعمل على تحقيق مصالح مستقلة في محيطها لكن في إطار تحالفها الإستراتيجي مع الولايات المتحدة" كما يؤكد المحلل السياسي سمير التقي.

ويقول في تعليقه لـ"أورينت" على هذا اللقاء: "تركيا باتت تلعب دوراً أسياسياً في منطقة شاسعة تمتد من ليبيا إلى حدود روسيا، وقبل أيام فقط قصفت طائراتها ميليشيات تقاتل إلى جانب الجيش الروسي في المنطقة المتنازع عليها مع أوكرانيا، وصحيح ان هذه الطائرات كان يقودها ملّاحون أوكرانيون لكن بالنهاية هذا يكشف مدى الدور التركي اليوم".

ويضيف: "لكن هناك نقاط خلافية بين الطرفين لعل أبرزها قضية القوات التي يقودها الأكراد في سوريا. فأردوغان يريد أن يحقق مكاسب انتخابية من خلال التهديد بشن عملية عسكرية ضد هذه القوات، ولكن أمريكا ترفض ذلك خاصة إذا ما تعلق الأمر بعملية واسعة، خاصة أنني لا أعتقد أن واشنطن ستسحب قواتها من شرق الفرات، وأقصى ما يمكن التغاضي عنه هجوم محدود في نقطة معينة، لكن في المجمل فإن المطلوب من الطرفين أن يتفهم كل منهما مصالح الآخر لاستمرار العلاقات المهمة لهما".

التعليقات (1)

    Baiden declare that he is zionist

    ·منذ سنتين 4 أشهر
    Zionists are mentally ill , which human had an aim to kill children to survive and we can see this in the wars of usa against civilians as israeil .
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات