ثلاث رشاوى من قسد لروسيا هل تمنع العملية العسكرية التركية؟

ثلاث رشاوى من قسد لروسيا هل تمنع العملية العسكرية التركية؟
حلقت الطائرات الحربية الروسية بشكل غير مسبوق في أجواء المناطق الخاضعة للنفوذ التركي في شمال حلب وريف إدلب اليوم السبت، الأمر الذي اعتبر رسالة من موسكو إلى أنقرة التي تتجهز لشن عملية عسكرية جديدة ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" داخل سوريا.

وفي الوقت الذي يعتقد فيه الكثيرون أن أي هجوم جديد للجيش التركي ضد "قسد" يتطلب موافقة روسية-أميركية، وبينما يبدو أن مثل هذه الموافقة لم تتوفر بعد، فإن تكثيف الطيران الروسي من طلعاته، خاصة في أجواء المناطق الخاضعة للنفوذ التركي في ريف حلب الشمالي يعدّ مؤشراً واضحاً على عدم التوصل إلى تفاهم بين موسكو وأنقرة يسمح بمثل هذه العملية.

وكان قد سبق ذلك العديد من التطورات التي أكدت تزايد نفوذ روسيا في مناطق الإدارة الذاتية الكردية، حيث بادر حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يهيمن على الإدارة إلى منح القوات الروسية امتيازات غير مسبوقة فيها، الأمر الذي فهم على أنه ارتماء متزايد بأحضان موسكو.

وبينما يرى البعض أن هذه الاستدارة لم تكن لتحدث لولا وجود موافقة أميركية كاملة عليها، ويعتقد آخرون أن "قسد" لم يكن أمامها سوى القيام بهذه الخطوة، سواء برضى واشنطن أو بدونه، بعد أن بات انسحاب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا مسألة محسومة.

ومنذ تصعيد تركيا من تهديداتها بشن الهجوم اعتبارا من الحادي عشر من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، اتخذت ميليشيا "قسد" ثلاثة إجراءات رئيسية مكنت من خلالها القوات الروسية من زيادة نفوذها في شمال وشمال شرق سوريا، شملت:

أولاً: فتح الطرقات العسكرية أمام روسيا

السماح بعبور قوة من الجيش الروسي من مناطق سيطرة النظام في ريف دير الزور الغربي، باتجاه منطقة معدان بريف الرقة مروراً بالبادية، الأمر الذي رفضه الأهالي وحاولوا منعه من خلال المظاهرات وقطع الطرق.

ويرى الصحفي والمحلل السياسي فراس علاوي أن هذه الخطوة لا تشكل فرقاً في الميدان لكنها تعني الكثير على الصعيد السياسي.

ويقول في تعليقه ل"أورينت نت": لدى الجانب الروسي طريق أكثر اختصاراً كانت قواته العسكرية تسلكه خلال السنوات الماضية بين النقطتين ذاتها، وهو الطريق من جنوب غرب دير الزور باتجاه منطقة الإذاعة، ومن ثم إلى قرية الخريطة ومنها إلى ريف دير الزور الغربي، وصولاً إلى ريف الرقة الشرقي.

ويضيف: أما حالياً فالأرتال الروسية سلكت طريقاً أطول حيث توجب عليها عبور نهر الفرات باتجاه مناطق تسيطر عليها قسد في البادية، ومن ثم اتجهت شمالاً نحو ريف دير الزور الغربي من أجل الوصول إلى أطراف محافظة الرقة وتحديداً القسم القديم من بلدة معدان.

ويعتبر علاوي أن هذه التحركات لا تغير شيئاً من الناحية العملية طالما أنها لا تشمل إقامة أي قواعد أو نقاط عسكرية روسية، لكنها تحمل رسائل سياسية واضحة عن مستوى التطور في العلاقات بين "قسد" وروسيا، التي تريد بلا شك الاستفادة من تهديدات تركيا لقسد والانكفاء الأمريكي لتوسيع نفوذها في المنطقة الشرقية على المدى المتوسط والبعيد، مقابل تطمين القائمين على الإدارة الذاتية بعد التساهل مع أي هجوم تركي جديد ضدها.

ثانياً: إعادة النظام إلى تل رفعت

صحيح أن الإدارة الذاتية كانت قد سمحت من قبل بإعادة تفعيل عمل المجلس المحلي التابع للنظام في بلدة تل رفعت التي تعدّ المركز الإداري ل"مقاطعة الشهباء" التي تضم نحو عشرين قرية وبلدة تسيطر عليها "قسد" في ريف حلب الشمالي، إلا أن خطوات إضافية جديدة اتخذتها على هذا الصعيد مؤخراً لصالح تعزيز حضور النظام وروسيا في هذه المنطقة.

وشملت الإجراءات الأخيرة استئناف شعبة حزب البعث عملها في البلدة، بالإضافة إلى رفع العلم الروسي وعلم النظام فوقها خلال الأيام الماضية، في "رسالة لتركيا من أجل العدول عن أي تفكير باجتياح المنطقة" حسب الصحفي حسن محفوظ.

وأضاف محفوظ في تصريح ل"أورينت نت": تل رفعت ومحيطها تعدّ حالياً المنطقة الأكثر حساسية بالنسبة لروسيا وإيران والنظام بين جميع المناطق التي قد تفكر أنقرة بشن هجوم عسكري فيها ضد قوات "قسد"، بسبب متاخمتها مناطق سيطرة النظام في ريف حلب الشمالي، وخاصة بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين، أما بالنسبة للوحدات الكردية فهي أقل أهمية من الناحية الرمزية التي تحظى بها عين العرب، أو من الناحية الجيو استراتيجية مقارنة بمدينة منبج في ريف حلب الشرقي، ولطالما توقعت خسارتها لصالح الأتراك، لذلك سمحت بعودة مؤسسات النظام إليها ورفع العلم الروسي فوقها على أمل أن يسهم ذلك بثني تركيا عن الهجوم عليها.

ثالثاً: التغاضي عن زيادة الحضور الروسي في مطار القامشلي

صحيح أنه لا يمكن لقسد أن تمنع روسيا من بسط هيمنتها على مطار القامشلي الذي يخضع لسيطرة النظام، إلا أنه مجرد قبولها بتعزيز هذا الحضور في مدينة تخضع لها بشكل شبه كامل، يؤكد أنها تغاضت عن مخاوفها من أي خطوة تمهد لتعزيز قوة النظام أو استعادته زمام الأمور في المدينة التي تمثل عاصمة الإدارة الذاتية، في أي وقت لاحق، مقابل ضمان الحماية الروسية لها ضد أي هجوم للقوات التركية.

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد نقلت الأسبوع الماضي إلى مطار القامشلي أربع طائرات مقاتلة من طراز سوخوي ٢٧، وهي طائرة تفوق جوي، تستطيع التصدي لكافة أنواع الطيران المقاتل والحوامات والطائرات المسيرة.

ورغم أن صحيفة الأخبار اللبنانية المؤيدة للنظام وحزب الله قالت: "إن الخطوة تأتي في ظل جهود روسية متواصلة لتوسيع المطار ومهبط الطائرات الحربية فيه، بالإضافة إلى لفت نظر المنافسين، وعلى رأسهم القوات الأمريكية التي تمتلك على بعد نحو 100 كم قاعدة جوية في بلدة المالكية بريف الحسكة الشمالي" إلا أن موسكو ضمنت بذلك أيضاً وجوداً أكثر مباشرة على الحدود السورية-التركية.

ومع ذلك فإن الصحيفة نفت أن "تكون هذه الخطوة تمهيداً لأي مواجهة عسكرية مع تركيا، التي تهدد بإطلاق عملية عسكرية جديدة ضدّ قسد" في محاولة للتخفيف من التوتر الذي قد تسببه هذه الخطوة لأنقرة، التي تدرك تماماً أبعادها السياسية والعسكرية، وأول هذه الأبعاد التلويح بعدم السماح بشن الجيش التركي عملية عسكرية جديدة شمال سوريا.

لا تتردد وحدات الحماية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي المهيمنة على قوات سوريا الديمقراطية عن اتخاذ أي خطوة يمكن أن تمنع تنفيذ هجوم عسكري تركي جديد ضد المناطق التي تسيطر عليها في سوريا، بما في ذلك فتح هذه المناطق أمام النظام وروسيا في ظل الانكفاء الأمريكي الواضح، لكن دون أن يعني ذلك ضمانة كافية لجعل روسيا تحجم عن التوصل مع تركيا إلى اتفاق جديد يحقق للطرفين رغباتهما وتطلعاتهما.

التعليقات (1)

    سوري حر

    ·منذ سنتين 4 أشهر
    يوميا القوات روسية والإيرانية والنظام السوري يغتصبون كل شي اسمه العرب السنة في السورية ويقتلون جنود الأتراك ولكن شي عجيب لا الأتراك ولا مايسمى بالجيش الحر وكانهم لايشاهدون كل هذا الاغتصاب وقتل من قبل الإيرانيين والنظام السوري فقط عينهم على المناطقة الكوردية إذا أين الهدف مايسمى بالثورة مكانت هدفها النظام السوري
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات