إدلب: تحرير الشام تعتقل خلية فجرت سيارة بعفرين..اندماج أم تعاون؟

إدلب: تحرير الشام تعتقل خلية فجرت سيارة بعفرين..اندماج أم تعاون؟
في تطور غير مسبوق على صعيد العلاقة الرسمية بين هيئة تحرير الشام وفصائل الجيش الوطني، أعلن جهاز الأمن العام في إدلب إلقاء القبض على خلية مسؤولة عن حوادث أمنية، كان آخرها تفجير سيارة مفخخة في مدينة عفرين قبل أيام.

ونشر الجهاز التابع للهيئة في حسابه الرسمي على "تليغرام" أنه ألقى القبض على معظم أفراد الخلية التي فجّرت سيارة مفخخة بسائقها في مدينة عفرين، الأسبوع الماضي، كما تم نشر صور وأسماء أعضاء الخلية التي تم اعتقالها.

وكانت مدينة عفرين قد شهدت في الحادي عشر من تشرين الأول الجاري، تفجيراً إرهابياً عبر سيارة مفخخة في السوق الشعبية وسط المدينة، ما أدى لمقتل أربعة وجرح أكثر من عشرين من المدنيين.

وعقب التفجير أعلنت مصادر في الجيش الوطني أن السيارة التي انفجرت مسجلةٌ في مناطق لا تخضع لسيطرة الجيش، وأنها دخلت إلى عفرين من خلال معبر الغزاوية الرابط بين المدينة ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام.

وبينما لم يعلن الجهاز الأمني في إدلب الجهة التي تنتمي إليها الخلية، أو ارتباطاتها، سواء مع النظام أو تنظيم داعش أو وحدات الـPYD، أكدت مصادر في الجيش الوطني لـ"أورينت نت" أن كشف الخلية وإلقاء القبض عليها "تم بالتعاون بين المؤسسات الأمنية لدى الطرفين"، كما كشفت المصادر عن انزعاج قيادة الجيش الوطني من نسب هذا الإنجاز الأمني إلى جهاز الأمن التابع لتحرير الشام وحده، وإغفال دور أجهزة الجيش الوطني الأمنية في هذه العملية.

من جانبه، أكد الناشط الإعلامي ممتاز أبو محمد في تصريح لـ"أورينت نت" وجود تعاون بين الطرفين في الموضوع الأمني، وأن هذا التعاون ليس حديثاً، بل مضى عليه وقت طويل، "لكنه لا يعني إطلاقاً وجود نية حقيقية للاندماج بين الجيش الوطني وهيئة تحرير الشام".

وكانت أحاديث قد تم تداولها على وسائل الإعلام حول مساع تركية لحل الهيئة وإلحاقها بالجيش الوطني، كإجراء من قبل أنقرة لتنفيذ التزاماتها المتفق عليها مع الجانب الروسي، الذي يطالب بتفكيك الجماعات التي يصفها بـ"الإرهابية" في إدلب.

معلومات عززتها زيارات قام بها قادة في هيئة تحرير الشام إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني في ريف حلب الشمالي خلال الأشهر الماضية، واللقاءات التي عقدت بينهم وبين قادة في بعض فصائل الجيش، وعلى رأسهم محمد الجاسم "أبو عمشة" قائد لواء السلطان "سليمان شاه".

وبالإضافة إلى ذلك، جرى الحديث عن مفاوضات بين قادة الطرفين للاتفاق على آلية للاندماج بينهما، فيما تحدث البعض عن الوصول إلى مرحلة متقدمة تمهد الطريق للاندماج العسكري والسياسي والإداري قبل نهاية العام.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة "أن مجرد الحديث عن نية تركية لرعاية مشروع اندماج بين  هيئة تحرير الشام وبين الجيش الوطني، يجعل الهيئة تفكر مليّاً في كيفية سيطرتها على القرار الأمني والعسكري فيما لو سارت الأمور في هذا الاتجاه بالفعل".

ويقول في تعليقه لـ"أورينت نت" حول دوافع تحرير الشام للكشف عن اعتقال هذه الخلية: "أعتقد أن مجرد نشر الهيئة خبر اعتقال خلية الاغتيالات التي فجّرت السيارة المفخخة في عفرين، يحمل في طياته رسالة للمجتمع المحلي مفادها، أنّ الأمن والأمان مرتبطان بوجود الهيئة وجهاز الأمن العام التابع لها. ورسالة أخرى لفصائل الجيش الوطني، أنها مقصّرة في هذا الجانب، وبأن أي شراكة مستقبلية بين الطرفين تحتّم أن يكون الجانب الأمني من نصيبها، بحكم خبرتها في التعامل مع هكذا قضايا".

وعن إمكانية قبول الجيش الوطني بذلك قال خليفة: "أعتقد أن قيادة الجيش ستوافق على تسلّم الهيئة للملف الأمني، الذي يعتبر أولوية للهيئة في ظل وجود قوى جهادية وخلايا إرهابية لا تهتم للاستقرار الذي تنشده الهيئة من أجل كسب الحاضنة الشعبية".

ورغم وجود مؤشرات تدعم رأي خليفة في هذه النقطة، إلا أن انشقاق مجموعات عن لواء السلطان سليمان شاه وانضمامها إلى الجبهة الشامية الشهر الماضي، احتجاجاً على تصريحات صحفية لقائد اللواء، رحّب فيها بالتواصل والتعاون مع هيئة تحرير الشام، يفرض، حسب البعض، الحذر في توقع نجاح الاندماج بين الطرفين بسهولة.

ويعتقد اصحاب هذا الرأي، أن التاريخ المأساوي الذي يربط تحرير الشام مع آلاف من عناصر فصائل الجيش الوطني لا يمكن أن يتم تجاوزه بسرعة، حيث يحمل الكثير منهم ذكريات مؤلمة عن الهجمات التي تعرضوا لها من قبل الهيئة بمسمياتها المختلفة، والتي أدت لتفكيك الكثير من فصائل الجيش الحر واعتقال وقتل المئات من رفاقهم، حتى وإن كانت هذه رغبة تركيا صاحبة القدرة على التأثير والتقرير داخل الجيش الوطني.

إلا أن ممتاز أبو محمد يؤكد لـ"أورينت نت" أن "المصلحة المشتركة والتحولات المهمة التي شهدتها الساحة السورية أسهمت في تجاوز الكثير من جروح الماضي"، وأن "العمل بين المؤسسات الأمنية في غرفة عزم، والجبهة السورية، و الجبهة الوطنية للتحرير من جهة مكوّنات الجيش الوطني، وجهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام من جهة أخرى، أمر واقع وأثبت الكثير من الفاعلية".

لكنه ينبّه في الوقت نفسه إلى أن الحديث عن اندماج كامل "مجرد أوهام وليس أخباراً مبنية على معلومات أو حقائق" في هذه الظروف تحديداً، مضيفاً أن "ما لدينا اليوم مجرد تعامل مرحلي بين القوى العاملة في الشمال لا أكثر، وهذا التعاون قائم من أجل تبادل المعلومات حول خلايا تنظيم داعش و عناصر قسد والنظام، وهو تعاون يستفيد منه الجميع، وأعتقد أنه سيتعزز مع تحقيق المزيد من النجاحات".

بشكل غير مباشر، يكشف إعلان هيئة تحرير الشام عن اعتقال خلية تفجيرات تنفذ عملياتها في مناطق الجيش الوطني، عن تعاون بين الطرفين على الصعيد الأمني، وهو أمر لم يكن قد تم الإعلان عنه من قبل، وبينما يعتقد البعض أنه إحدى ثمرات العمل على الاندماج بين الطرفين، يرى آخرون أنه نتيجة تواصل وعمل مشترك عمره سنوات لكنه يقتصر على أجهزتهما الأمنية دون أن يتعدى ذلك إلى ما سواه.  

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات