الاحتجاجات مُستمرة.. محللون لأورينت: ثورة لبنان عرّت "حزب الله"

عامان مرّا على انطلاق ثورة 17 تشرين في لبنان التي استطاع خلالها الشبّان اللبنانيّون الخروج من قمقم الخوف الذي فرضته ميليشيا حزب الله الإرهابية على لبنان واللبنانيين، ومطالبتهم بتغيير الطاقم الحاكم الذي يُسيطر عليه حزب الله بشكلٍ شبه كامل، وتكون عبارة (كلن يعني كلن) الفاصلة في مسار تلك الثورة والتي طالبت بإبعاد الإرهابي حسن نصر الله عن المشهد السياسي في لبنان.

اليوم؛ وبعد عامين من انطلاق الثورة التي أطاحت بحكومتين يُحيي اللبنانيون ذكرى تلك الثورة، مؤكدين على أنّ مطالبهم ما تزال على حالها، وأنّهم ماضون حتى تنظيف المشهد السياسي اللبناني عن آخره، ولا سيما ميليشيا الثنائي الشيعي بري ونصر الله اللذين زجّا بميليشياتهما المُسلحة لفض تظاهرات اللبنانيين والتي أدّت لمقتل خمسة لبنانيين وإصابة الآلاف من المتظاهرين بسلاح ميليشيات ذلك الثنائي.

الثورة مستمرة

الصحفي والمحلل السياسي اللبناني طوني بولس قال في تصريحات لأورينت إنّ ثورة 17 تشرين هي انتفاضة وبداية الطريق، ولا نستطيع أن نقول إنّها حققت كل أهدافها، هي عبّرت عن رفض الشعب اللبناني للمنظومة الحاكمة التي يقودها حزب الله في لبنان، وعبّر الشارع اللبناني أنّه يُريد التغيير.

وتابع بولس: "بطبيعة الحال التغيير لن يأتي بشكل سريع، لا سيما وأن اللبنانيين يواجهون منظومة احتلال كبيرة جداً وممسكة بزمام الأمور، وتمتلك آلة القتل والترهيب وهذا من شأنّه أن يؤخر المهمة، لكن القطار انطلق وسيصل في النهاية لانهيار هذه المنظومة الآيلة للسقوط، فالمنظومة التي ركّبها حزب الله في لبنان لن تستمر، وهذا يحتاج لوقت وعمل تراكمي، وهذا ما أنتجته انتفاضة 17 تشرين.

وبالتزامن مع ثورة 17 تشرين؛ يشهد لبنان اليوم ثورة ولكن من نوعٍ آخر يقودها القضاء ضد منظومة حزب الله الفاسدة، ويعتقد بولس أنّ لبنان يشهد اليوم ثورة قضائية غير مسبوقة،: "قاضي أعزل لا يمتلك أي إمكانيات، أثار الرعب في حزب الله وكافة المنظومة الحاكمة وأجبرهم على التحالف فيما بينهم حتى يوقفوا التحقيق في تفجير المرفأ ويمنعوا أي وصول للعدالة، فهذه المنظومة وآلة القتل التي يمتلكها حزب الله اعتادت على ارتكاب الاغتيالات السياسية والفساد وكافة الموبقات دون أيِّ حساب، غير أنّ اليوم وبوجود القاضي الجريء الذي تحرك بهذا الاتجاه وأشعل ثورة في القضاء، وهذه الثورة لا نستطيع أن نقول إنها غير مُرتبطة بثورة 17 تشرين، وهو اليوم يُحقق انتصاراً في القضاء، وثورة 17 تشرين القضائية بنزال مع ميليشيا حزب الله الذي لا يزال يفكر بـ غزوات 7 أيار 2008". 

ويرى بولس أنّ ميليشيا حزب الله هي التهديد الأول في لبنان لأي تغيير، فهذا الحزب الإجرامي والإرهابي يرفض أن يتغير لبنان، ويُريد أخذ لبنان رهينة إلى المحور الإيراني وتحويله إلى دولة خمينية تابعة للولي الفقيه، ولا يُريد أن يبقى لبنان دولة حرة ومستقلة ذات مؤسسات قوية، وأن يعود لبنان إلى وجهه الثقافي والحضاري وأن تنتعش به ثقافة الحياة، كون حزب الله رديف لثقافة الموت.

وحول الدعم الذي تلقّاه الشارع اللبناني من بهاء رفيق الحريري من خلال تغريدته أشار بولس إلى أنّ الثوّار يؤيدون تغريدة الشيخ بهاء الحريري في هذا الإطار، كما يؤيدون أيّ دعم لثورة 17 تشرين التي تعدّ شرارة التحرر من الاحتلال الإيراني الواضح والمباشر للبنان.

بدوره المحامي والمحلل السياسي اللبناني أمين بشير قال في تصريح لأورينت نت إنّ ثورة 17 تشرين عرّت تكوين السلطة السياسية في لبنان، وهذا يعني أنّ الثورة كشفت هذه المنظومة وكيفية إدارتها للبلاد، وأكثر من ذلك فهي كشفت من هو المُسيطر الفعلي على البلاد وهو حزب الله، الذي كشف عن وجهه الحقيقي بعد انطلاق الثورة، ليؤكد حينها رئيس تلك الميليشيا أنّه ولو انهارت الدولة كلها؛ غير أنّ حزب الله لن ينهار، ولو جاع اللبنانيون فجماعته لن يجوعوا، فرواتبهم وأكلهم ولباسهم يأتيهم من الخارج.

وأضاف بشير: "بعد فترة اكتشفوا أنّه حتى بيئتهم الحاضنة تأثرت وباتت تقف على طوابير المحروقات والأدوية وغيره، ونذكر جميعاً كيف كانت تُقمع المظاهرات بساحة الشهداء وكيف بدأ جماعة (الخندق الغميق) بضرب المتظاهرين، ولا ننسى أحداث الرينغ، وبالتالي اكتشف نصر الله أنه يجب عليه قمع هذه الثورة كونها ستُسقط المنظومة التي يحكمها ويُديرها من خلف الستار، لا سيما بعد أن قام بتعيين رئيس الجمهورية الحالي بعد أن قام بتعطيل البلاد مدّة عامين ونصف في سبيل ذلك التعيين".

وأكد بشير أنّ نصر الله فهم أنّ هذه الثورة ولو استمرت سُتسقط الغطاء عنه وتكشفه أمام الرأي العام والمجتمع الدولي، لذلك فإنّ أهم ما حققته ثورة 17 تشرين أنّها كشفت من هو الناظم ومن هو المايسترو ومن يُدير الدمى من وراء الستار وكيف تحكم هذه السلطة البلاد أمام الشرعية الدولية ، ولكن الدولة العميقة هي دولة حزب الله.

وأشار بشير إلى أنّ ميليشيا حزب الله ومنذ اندلاع الثورة لم توقف قمعها للشباب المُتظاهرين على الأرض، أو الصحفيين، أو الكتّاب، أو أي شخص يُحاول البحث عن ملفّات يكون لميليشيا حزب الله يد فيها، فوراً تتدخل تلك الميليشيا، ونذكر خلال اليومين الماضيين ما جرى للمحقق العدلي القاضي طارق بيطار وكيف بدأ وفيق صفا بتهديد البيطار وتبعه زعيم تلك الميليشيا حسن نصر الله بالمطالبة بتحييد القاضي بيطار عن التحقيق، وانتهت تلك التهديدات بما جرى يوم الخميس الماضي من خلال هجومهم على الطيونة، وهو سيناريو أمني حرف الأنظار عما جرى في مرفأ بيروت وتم التركيز على هذه الأحداث ووأد الفتنة والقتلى الذين وقعوا في الطيونة، والمطالبة بنسيان ضحايا تفجير المرفأ وتدمير العاصمة، 

المحلل السياسي السوري درويش خليفة رأى وجود ارتباط وتماثل بين الثورتين السورية واللبنانية: "اليوم تمثل ثورة الشباب اللبناني حالة مشابهة للثورة السورية في بدايتها النقية، كحالة وطنية جامعة، بوصلتها الوطن ولا شيء سواه، مع العلم أنّ هناك أوجه تشابه أخرى بين الثورتين السورية واللبنانية، وهي ركوب القوى السياسية على ثورتهم وتبني البعض منها للحراك".

وأضاف خليفة في تصريحات لأورينت نت أنّه وكما مرّت الثورة السورية بعدة مراحل من التقييم من قبل الفاعلين والمؤثرين في الشأن السوري، فإن ثورة 17 أكتوبر اليوم في مرحلة تقييم تضعها على مفترق الحلول السياسية في لبنان، يقول: "ينقلون حراكهم الميداني إلى حالة سياسية، عبر تشكيل برلمان افتراضي يكون عامل ضغط على برلمان القوى السياسية الطائفية".

إذن؛ في الذكرى الثانية لتلك الثورة خرج الثوّار بذات المطالب وأكدت مُراسلة أورينت في بيروت أنّ مطالب المتظاهرين ما تزال كما هي، وأبرزها أنّ السلاح المتفلت هو إسقاط دائم للدولة وسقوطها عودة دائمة للحرب، وذلك في إشارة لسلاح ميليشيا حزب الله، مؤكدين أنّ سلاح تلك الميليشيا هو القتل والإرهاب، أمّا سلاح الثوّار فهو الكلمة والتعبير الحر، مُشيرين إلى أنّ سلطة النترات فجّرت بيروت وأوصلت لبنان إلى جهنم، إضافة إلى أنّ النظام السياسي غير القابل للحياة سيموت ويقتل اللبنانيين معه.