دفعة واحدة.. النظام يحاكم 85 تاجراً وباحثون يكشفون أبعاد الخطوة

دفعة واحدة.. النظام يحاكم 85 تاجراً وباحثون يكشفون أبعاد الخطوة
يوماً بعد آخر يُصرُّ نظام أسد على إفراغ البلاد من أيِّ التجار، حتى لو كانوا من أولئك الذين آثروا البقاء معه، ليُصدِّر يومياً قرارات من شأنها التضييق عليهم من خلال الحجوزات الاحتياطية على أموالهم وملاحقتهم قضائياً وتغريمهم ملايين أو ربّما مليارات الليرات السورية، حتى يرفد خزينته الفارغة وليُموّل الحرب على السوريين الذي رفضوا البقاء تحت حكمه.

آخر ما كشف عنه النظام ذاته ورود 85 دعوى بحق تجار من دمشق بتهمة الاتّجار غير المشروع، وتمّ حتى هذه اللحظة -بحسب القاضي بمحاكم النظام فؤاد سكر- فصل 78 دعوى، تمّت تبرئة حالة واحد فقط منها، في حين تمّ إدانة الباقي إما بجرائم جنائية الوصف لا تقل عقوبتها عن 7 سنوات، أو بجرائم "جنحوية الوصف" لا تقل أيضاً عن سنة.

ونقلت صحيفة الوطن الموالية عن القاضي سكر قوله إنّ من بين الدعاوى التي وردت إلى القضاء ثلاث دعاوى بحق تجار كبار محتكرين لمادة السكّر بعدما تم ضبط كميات كبيرة من هذه المادة تباع للمواطنين بأسعار زائدة، مؤكداً أنه يوجد في هذه الدعاوى الثلاث مواقيف وهي قيد الفصل، في حين لم تذكر الصحفية أنّ (حوت السكّر) في نظام أسد هو طريف الأخرس عم أسماء الأسد، التي سهّلت له كافة معاملاته التجارية في سوريا منذ وصولها إلى القصر الرئاسي.

تهجير مُمنهج

وفي السياق ذاته؛ فإنّ الأرقام التي تحدّث عنها سكر تأتي في وقتٍ يُعاني فيه السوريون من أزمة معيشيّة غير مسبوقة في ظل الإجراءات التي اتخذها أسد ونظامه منذ اندلاع الثورة السورية، وأكّد العديد من السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي أن حملات الاعتقال المطبقة بحق التجار بتهم عديدة، غالباً ما تكون بهدف ابتزازهم؛ حيث يدفع العديد منهم رشوات ضخمة للخروج من قبضة الأفرع الأمنية ثم يختارون الهرب خارج البلد.

المحلل الاقتصادي أدهم قضيماتي قال لأورينت نت إنّ نظام أسد يُريد تغيير التُجّار المحسوبين عليه، بتُجار آخرين، وذلك في محاولة منه للظهور أمام جمهور المؤيدين بأنّه يقوم بالتغيير وتحسين البلاد ومحاربة الفساد، كما إنّ التجّار الجدد هم أكثر خنوعاً لنظام أسد، وهم ليسوا أكثر من واجهات لشخوص النظام، ومن جهةٍ أخرى يعمل التجار الجدد على تنفيذ أوامر التغيير الديموغرافي في بنية التجّار السوريين المعروفة تاريخياً.

ويعتقد قضيماتي أنّ أحد أسباب الهجرة الجماعية للتجار السوريين هو عدم رغبة غالبيّتهم بالمشاركة بسفك دم السوريين ولذلك قرّروا المغادرة، يقول قضيماتي: "التجار غير المحسوبين على نظام أسد ولا على المعارضة، وهم موجودون فقط في مناطق سيطرة نظام أسد كونهم لا يُريدون الخروج من البلاد، يحاول النظام التضييق عليهم، بحيث يقوم النظام وبحال تحسّنت أوضاعهم المادية بفرض الإتاوات عليهم، الأمر الذي أجبرهم على الخروج من البلاد كي لا يكونوا شركاء بسفك دم السوريين، وحتى يحفظوا أموالهم ولا يدفعوها كإتاوات لنظام أسد".

وتابع: "من يرفض الخضوع لإملاءات أسد ونظامه، يقوم النظام بالتضييق عليه حتى يخرج من تلقاء نفسه من سوريا، ليقوم النظام باستبداله بآخرين من الموالين والتابعين له".

بلاد في المزاد

بدوره الباحث الاقتصادي الدكتور كرم الشعار قال في تصريحات لأورينت نت: "بكل تأكيد الضغط على التجار في تزايد مستمر، سببه الأساسي هو حالة العوز التي يعيشها نظام أسد، ويمكن لمس هذا الأمر من خلال المبالغ التي تمّ وضع الحجز الاحتياطي عليها، وهذا سببه أنّ النظام بحاجة إلى مبالغ مالية إضافية، وهو يُحاول جاهداً ضبط تهرُّب التجار من دفع الضرائب".

وعلى النقيض؛ هناك محاولة كبيرة من قِبل نظام أسد لجلب الاستثمارات من خلال مرسوم الاستثمار الأخير (السخي جداً) مقارنة بالقوانين السابقة، يقول الشعار: "منح النظام استثناءات ضريبية لمشاريع فارهة لا تخدم العامة، كالمشاريع السياحيّة، وهذا يمكن رؤيته من خلال الرغبة بالخصخصة للقطاع العام أو توجهات وزارة المالية للتعامل مع العقارات غير المسكونة أو التي من الممكن أن تُباع للقطاع الخاص".

أعتقد -وكما يقول الشّعار- أن الصورة مركبة أكثر مما يتم تصويره حالياً، هناك محاولة من نظام أسد للحصول على الأموال من التجار، ومن ضمنها استدعاء بعض الأشخاص للمكتب الاقتصادي والمالي بالتحديد إلى (يسار إبراهيم)، وهناك يتم انتزاع مبالغ مالية نقدية منهم (تشليح أو خوّة)، وبالمقابل هناك توجّهات لاستجداء أصحاب الأموال وجذب رؤوس الأموال للاستثمار في القطاع العام، ويمكن القول هنا بوجود حالة من سوء الإدارة المُعتادة بدوائر نظام أسد، وتنعكس الآن بشكل تخبط في القرارات.

وفي السياق ذاته؛ بدأ نظام أسد وبشكل مكثف انتهاج سياسة التضييق على التجار السوريين منذ نهاية آب وحتى اليوم، وذلك للاستيلاء على أكبر قدر ممكن مما تبقى من ممتلكات وأموال السوريين، وتجاوزت عمليات الحجز الاحتياطي في سوريا بين شهري آب وأيلول 800 اسم، وذلك بذريعة مخالفة القوانين والتعليمات الحكومية، وفي مختلف المحافظات السورية.

وكان عضو اتحاد غرف الصناعة في نظام أسد وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة حلب المهندس مجد شاشمان أكّد أنّ ما يقارب 47 ألف صناعي سوري غادروا مدينتي دمشق وحلب إلى خارج سوريا، لأسباب مرتبطة بالوضع الاقتصادي، مُشيراً إلى أنّ ما يقارب 19 ألف صناعي غادروا مدينة حلب و28 ألفاً غادروا مدينة دمشق، وذلك خلال النصف الأول من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات