سرية "أنصار أبو بكر" الفكر جهادي والهدف الجيش التركي ؟!

سرية "أنصار أبو بكر" الفكر جهادي والهدف الجيش التركي ؟!
لم يمض سوى يوم واحد على إعلان هيئة تحرير الشام اعتقال أحد قادة جماعة "أنصار أبو بكر الصديق" في إدلب، حتى استهدف انفجار جديد القوات التركية هناك يوم الجمعة، ما اعتبر رداً من الجماعة السلفية المتشددة، رغم أنها كانت قد نفت قبل ساعات من الهجوم انتماء الشخص المعتقل لها.

تباينت التقديرات حول طبيعة التفجير والأدوات التي استخدمت فيه وأدّت إلى سقوط قتيلين في صفوف الجيش التركي وإصابة ستة آخرين، بينهم ثلاثة أتراك وثلاثة من فصيل فيلق الشام الذين يرافقون الرتل.

وأفاد مراسل أورينت في إدلب، أن التفجير كان بلغم أرضي استهدف رتلاً تركياً أثناء مروره قرب مدينة معرة مصرين شمال إدلب، وسُمع دويُّه في أرجاء المحافظة ووصل إلى الحدود السورية لقوة تأثيره.

إلا أن أنقرة تأخرت في الكشف عن تفاصيل الحادث الذي يبدو أنه يخضع لتحقيقات تبدأ من مكان الحادث ولا تنتهي عند الجهة التي نفذته وأهدافها، خاصة وأنه يأتي بالتزامن مع الحديث عن تحضيرات تركية لشن عملية عسكرية جديدة ضد ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

الإمكانات والأهداف

تزامنٌ فتحَ باب التكهنات والتأويلات واسعاً، حيث لم يستبعد البعض بصمات مخابراتية للأنظمة التي تحارب الوجود التركي شمال سوريا، خاصة وأن المجموعة التي تتبنى عادة هذه الهجمات غير معروفة وليس من الواضح حتى الآن تبعيتها وارتباطاتها.

لذلك يعتقد وائل علون الباحث في مركز جسور للدراسات أن "السرية أداة لا أكثر لدى مثل هذه المجموعات، لكن عملها يخدم في النهاية أهداف غيرها ممن يدعمها ويؤمّن لها تسهيل وتمويل هذه العمليات".

ويضيف في تصريح لـ"أورينت": عناصر هذه الخلايا تبحث عن مناخ العمل الذي يؤمنون به من التفجير والقتل، ويتحركون ضمن مسارات التسهيلات والدعم اللوجستي والمالي الذي يؤمَّن لها من أطراف كالنظام وإيران، وغالباً عبر وسطاء وليس بشكل مباشر، أي باختراق هذه المجموعات وتوظيف رغائبها ودعمها بما يخدم أهدافها.

ورداً على سؤال حول الحجم المتوقع لهذه المجموعة وإمكاناتها وظروف عملها، يقول علوان: هي خلايا ومجموعات صغيرة تستفيد من إرث الجهادية التي كانت حاضرة بقوة ثم تراجعت لتصبح حالات متشظية في إدلب، كما تستفيد بشكل كبير من العقلية الفصائلية لتحرير الشام في سياساتها الأمنية التي لم تتطور إلى عمل أمني مؤسساتي.

حقيقة وليست افتراضاً

وعلى مدار العامين الماضيين تعرض الجيش التركي لهجمات متتالية، بعضها استهدفت قواته خلال تنفيذها دوريات مشتركة مع قوات روسية على الطريقين الدوليين ام-4 وام-5، ما تسبب بوقوع ضحايا، وكانت هذه العمليات تنفذ إما من خلال أشخاص يقودون دراجات نارية أو بتفجير عبوات ناسفة، كان لافتاً أيضاً أن عدداً منها استهدف نقاطاً ومقرات للجيش التركي.

وبينما كانت مجموعة "أنصار أبو بكر الصديق" تعلن باستمرار مسؤوليتها عن هذه الهجمات، إلا أن عدم توفر معلومات عن هذه المجموعة دفع البعض للاعتقاد بوقوف تنظيم داعش أو جماعات أخرى متشددة تعارض الوجود التركي خلف هذه العمليات.

لكن إعلان الجهاز الأمني التابع لهيئة تحرير الشام يوم الخميس الماضي اعتقال "أحمد سعد الدين الجاسم" الذي وصفه الجهاز بـ"المسؤول عن تفجيرات وأعمال إجرامية" نفذتها سرية (أنصار أبو بكر الصديق) جعل من المجموعة حقيقة، خاصة وأن الإعلان تضمن الإشارة إلى أن القبض على هذا القيادي جاء بعد اعتقال عدد من أفرادها والتحقيق معهم.

ورغم أن الجاسم معروف بانتمائه سابقاً إلى تنظيم "حراس الدين" فرع تنظيم القاعدة في سوريا، والذي يتعرض لملاحقة من قبل تحرير الشام، إلا أن الهيئة لم تربط بينه وبين التنظيم، الذي سبق وأعلن العام الماضي أنه لم يستهدف القوات التركية رغم موقفه السلبي منها.

وتقف الجماعات السلفية الجهادية موقفاً معادياً من الجيش والحكومة التركية التي تكفرها هذه الجماعات، كما ترى أن وجود قواتها في سوريا إنما يخدم الروس والغرب، على الرغم من تأييد المعارضة السورية لهذا الوجود واعتباره عاملاً أساسياً في منع سقوط إدلب بيد النظام وحلفائه رغم الخسائر التي منيت بها المعارضة في المنطقة.

الطبيعة والأفكار

وتعليقاً على ذلك، يرى عمار جلو الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أن "الأمر الجوهري في هذه التيارات أنها ترى مجتمعها كافراً، لذا لا تقيم أي وزن لنتائج أفعالها على المجتمع وأفراده، بعكس النظرة الإسلامية السليمة التي تحسب أي خطوة وما يمكن أن تنتج من أثر على المسلمين حتى لو كانوا في دولة تحسبها كافرة، ومع الفهم الخاطئ لفتوى التترس والتوسع في هذا الفهم الخاطئ أصبح بالإمكان توصيف تصرفات هذه الجماعات بأنها منفلتة".

ويضيف في تصريح لـ"أورينت": لا سبيل لتفكيك أي خطاب جهادي لفصيل حديث دون العودة للجذور التاريخية لبروز التيارات التكفيرية. ففي لقاء الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز مع مبعوثي الخوارج الذين رغم أنهم نظروا بإيجابية إليه، إلا أنهم طالبوه بلعن آبائه (الخلفاء السابقين) وهو مؤشر على عدمية هذا الفكر وصعوبة قدرته على التصالح !

ويتابع جلو: الخروج ونبذ الجماعة ميزة مطلقة لهذه التيارات، ومنها "سرية أبو بكر الصديق" التي رغم غياب أي وضوح لنهجها والخط العَقَدي الحاكم لتصرفاتها، وهو غياب غير معهود في التيارات الجهادية المتنوعة، ما يثير الشكوك حول خلفية أمنية لظهورها، ورغم الإشارات التي تتحدث عن روابط محتملة مع تنظيم داعش، إلا أني أرجح عدم واقعية هذا الربط، مع أن اللافت للنظر هو تأكيد تبعية الجيش التركي للناتو بخطابات الفصيل المذكور، وهو تعبير ينم عن سطحية إيديولوجية لدى الفصيل لتبرير هجماته، إضافة للسطحية السياسية.

يمكن القول إذاً إن "سرية أبو بكر الصديق" التي يبدو أنها باتت حقيقة واقعة تعتبر أحد النتائج المتوقعة للفكر السلفي الجهادي الذي نشط في المنطقة، وللظروف الأمنية الهشة التي تعاني منها، ومع تقاطع أهدافها مع أهداف الحكومات الرافضة للوجود العسكري التركي شمال سوريا، فإن التكهنات باختراقات استخباراتية لها، أو حتى بتعاون معها يظل وارداً باستمرار.

التعليقات (1)

    Asyrian

    ·منذ سنتين 5 أشهر
    انصار ابو حافظ القرداحي
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات