شريان الحياة لفقراء المحرر.. كيف أثرت كورونا على الحوالات؟

شريان الحياة لفقراء المحرر.. كيف أثرت كورونا على الحوالات؟
لم يبقَ أمام السوريين للاستمرار على قيد الحياة سوى التحويلات المالية لذويهم في الخارج، ولكن حتى هذا الشريان بات في خطر في ظل البطالة التي تسببت بها كورونا، والتي أثّرت أيضاً على معظم سكان الشمال السوري، ومع ارتفاع الأسعار أصبحت الحوالات الخارجية التي تصل للأهالي في الشمال مصدر المعيشة لغالبية السكان، إذ  يشكّل السوريون المقيمون خارج سوريا مغتربين كانوا أم لاجئين، الرئة التي يتنفس من خلالها السوريون الذين بقوا في الداخل وغدت الحوالات الخارجية أملهم الأخير. 

التحويل للشمال ضعيف

 

ويرى ربيع وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا أن قيمة المبالغ التي تصل إلى سوريا وتحديدا للشمال لا تتجاوز نسبتها 10%، بسبب عدم وجود إيرادات لهم في أوروبا في حين غالبية المقيمين في ألمانيا يرسلون حوالات لأهلهم في دمشق كل شهر،  دون انقطاع بينما يفتقد الأهالي في الشمال عدم وجود مهاجرين في الخارج يداومون على إرسال الأموال، وهذا ما يدفعهم للظهور عبر وسائل الإعلام، ويشكون سوء أوضاعهم الحياتية ، لاسيما الأرامل اللواتي فقدْن معيلهن وأصبحن بلا مورد، أو أي مصدر دخل في الخارج،  لافتاً أن الحوالات التي تصل مناطق سيطرة النظام تتجاوز 90% بحسب تقديره. 

كورونا وتأثيرها 

نادر موظفٌ في إحدى المنظمات الإنسانية في ريف حلب يخبرنا أن هناك عدداً كبيراً من الأهالي التي تضررت بسبب انتشار فيروس كورونا وبالمقابل من كان لديه معيل في الخارج وفقدَ أمله بسبب الفيروس، لم يعد بمقدوره تحويل المال لمن هم في الداخل، مشيراً أنه يحصل شهرياً على مبلغ بقيمة 400$ من تركيا رغم أنه موظف إلا أن راتبه لا يكفيه لسد نفقات أسرته ولا بد من الحوالات التي أصبحت بمثابة خرجية ملازمة لكل سوري في الشمال، منوهاً أن المنظمات الإنسانية مجرد صورة تتجاهل صعوبة الوضع المعيشي للسكان، لا سيما الأرامل والمطلقات وتقف عاجزة عن  مساعدتهم في أبسط الأشياء في حين يوجد عدد لا بأس منهن بلا معيل أو مهاجر يمكنهن من سد نفقات أسرهن كالباقي، محملا المنظمات الإنسانية كل المسؤولية عن عجزها لتقديم ما يمكن في حالات كهذه بحسب وصفه. 

غياب المورد

 

" لولا وجود الحوالات لا أعرف ماذا كنا سنفعل، أحاول الاقتصاد قدر الإمكان في النفقات وتدبير الأمور بحكمةٍ لكي يكفي المبلغ لنهاية الشهر"،  بهذه الكلمات يخبرنا عبد الرزاق الذي يحصل على مبلغ شهري من أخيه المقيم في ألمانيا، كل شهر بقيمة 200 دولار، بسبب عدم حصوله على عمل حتى اللحظة رغم أنه يملك شهادة جامعية، في حين يستبعد أن تستمر أسرة واحدة في الشمال السوري على العيش دون أن يصلها مبلغ خارجي كل شهر بسبب الوضع الاقتصادي السيئ بحسب وصفه بالإضافة للرواتب القليلة التي تكاد لا تسد احتياجات بعض العائلات لأسبوع واحد فقط .

ألمانيا في المقدمة 

يعتبر أبو مهند الذي يعمل في مكتب للحوالات في حديثه لموقع أورينت أن ألمانيا في مقدمة الدول التي يرسل السوريون المقيمون فيها لذويهم في الشمال بالإضافة لبعض دول الخليج، مشيراً أن المبالغ تستغرق أحياناً 12 ساعة أو يوماً كاملاً وتأخذ المكاتب نسبة 1%، عمولة على كل مبلغ قبل التسليم، منوهاً أن كل مبلغ خارجي يجب أن يحول إلى تركيا ومن ثم إلى الداخل. 

إحجام المغتربين عن تحويل الأموال للداخل 

وبحسب استطلاع أجراه موقع أورينت مع عدة مكاتب في مدينة إدلب، أفاد بأن العديد من الحوالات التي ترسل إلى سوريا بشكل يومي، انخفضت نسبتها  لمستويات قياسية تصل إلى 40%، لاسيما المرسلة من السوريين المقيمين في تركيا قياساً مع السنوات الماضية، مرد ذلك  ظروف فيروس كورونا وما تسبب في خسارة بعضهم لفرص عملهم، وتبلغ إجمالي التحويلات التي تدخل  مناطق الشمال الغربي من سوريا يومياً 250 إلى 300 ألف دولار ، بينما تقدر النسبة التقريبية شهريا بقيمة 3 ملايين ونصف دولار، حيث تتراوح قيمة المبالغ المرسلة بين 100 و300 دولار أمريكي، وفق ما ذكره مسؤولو مكاتب الحوالات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وتحديداً الواقعة شمال غرب سوريا، لتكون الوسيلة الوحيدة لإرسال واستقبال الأموال من وإلى سوريا.

رغم انخفاض حجم التحويلات للداخل إلا أنها أضحت شريان الحياة لكثير من الأسر السورية ومصدر هام لمن تبقى داخل الأراضي السورية ليكونوا أكثر قدرة على تحمل ظروفهم المعيشة التي تزادد صعوبة. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات