المفاوضات الوطنية.. والمساومة من أجل تحسين المحاصصة!

المفاوضات الوطنية.. والمساومة من أجل تحسين المحاصصة!
يزور السيد حسن عبد العظيم رئيس هيئة التنسيق الوطنية المعارضة، والتي تأخذ من دمشق مقراً لها يزور تركيا لإجراء لقاءات مع رئيس هيئة المفاوضات أنس العبدة ومع قيادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة والتي مقرها تركيا.

الزيارة هذه تأتي بعد تعطيل مايزال مستمراً لعمل الهيئة، التعطيل أتى على قاعدة خلافات بشأن ما تقوله هيئة التنسيق بأنه هيمنة وخطف لقرار هيئة المفاوضات من قبل مجموعة الائتلاف والمجموعات المتحالفة معها، مثل مجموعة الفصائل العسكرية وغيرها.

وبالعودة إلى البدايات فهيئة التنسيق رفعت نهاية عام 2011 شعارها الرئيس بما يخص الثورة السورية التي بدأت سلمية وكان شعارها يقول لا للعنف ولا للطائفية ولا للتدخل الخارجي، أما القوى المختلفة معها والتي شكلت آنذاك المجلس الوطني فذهبت إلى مواجهة النظام بالسلاح مما استدعى تدخلات إقليمية ودولية، نتائجه ماثلة في حياة السوريين وفي عيون العالم والمجتمع الدولي.

ومع ذلك يبقى السؤال هل ستتكلل زيارة عبد العظيم بنجاح ما تعود بموجبه هيئة المفاوضات لوحدة كيانها؟

الأمر ليس بهذه البساطة، رغم ضرورة وحدة هيئة المفاوضات في هذه المرحلة الحاسمة بملفات التفاوض مع النظام السوري، والسبب في ذلك هو أن طرفي المعارضة له مرجعية إقليمية يستند إلى دعمها، فهيئة التنسيق تقف خلفها المملكة العربية السعودية، والائتلاف وحلفه يقف خلفه تأييد تركيا ودعمها، وهذا كافٍ لبقاء التنازع بينهما بسبب تعارض السياستين التركية والسعودية حيال كثير من الملفات.

هيئة التنسيق خرجت عنها منصة القاهرة، بعد نزاعات داخل هذه المنصة، والتي التحقت بهيئة التفاوض، ما اعتبرته هيئة التنسيق بانقلاب غير شرعي عليها وداخل المنصة نفسها، ما جعل نسبة عدد ممثليها تتراجع بأربعة أعضاء لصالح مجموعة الائتلاف التي يقودها أنس العبدة.

إذاً يمكننا تحديد مسؤولية تعطيل عمل هيئة المفاوضات على الطرفين الشريكين، فهما لم يضعا مصلحة السوريين بالاعتبار قدر وضعهم لحصصهم في هذه الهيئة، بمعنى آخر كل طرف منهما يريد فرض سياسته على أرضية أيديولوجيته، وهذا يتضح من ارتباطهما بمرجعيات غير وطنية سورية ما وضع القرار الوطني السوري في مهب الريح.

إن وحدة هيئة المفاوضات لا ينبغي أن تبقى أسيرة شدّ اللحاف من كلا الطرفين إلى نفسه، بل يجب أن يتم تجاوز ذلك عبر مربع تفاهمات وطني أولاً ووضع قاعدة تصويتٍ لأخذ القرارت الحاسمة، لا يستطيع أيٌ من الطرفين امتلاكها، ما يفرض عليهما قاعدة جديدة اسمها قاعدة التفاهمات.

إن الهروب نحو المساومة من أجل تحسين المحاصصة لن يخدم وحدة هيئة المفاوضات وهذه مسؤولية يتحملها الطرفان، ولا يمكن السكوت عن ذلك لأن الأمر ينسف وحدة المعارضة واستحقاقات هذه الوحدة بشأن التفاوض على بقية السلال خارج سلة الدستورية.

إن بقاء هيئة التفاوض رهناً للسياسات الإقليمية يضرّ بلا شك بجوهر وطنية هذه الهيئة، ويُبقي الأمور في حالة تشظٍّ لا تخدم الثورة السورية وأهدافها، وهذا يتطلب وضع رؤية جديدة لتكوين بنية هيئة المفاوضات بحيث تتحرر من مرجعياتها غير السورية، أي يجب أن تبني سياساتها وقراراتها من منطلق مصلحة الثورة السورية والشعب السوري الذي لايزال غالبيته يدفع ثمناً باهضاً من التهجير والنزوح والقتل والفقر.

إن لقاء السيد رئيس هيئة التنسيق حسن عبد العظيم مع رئيس هيئة المفاوضات أنس العبدة ومع سالم المسلط رئيس الائتلاف يجب أن يكون لقاء مرونة وطنية بعيدة عن التجاذبات الأيديولوجية والسياسات الإقليمية.

إن عدم ذهاب الطرفين إلى هذا المربع يفسر على أنه تفضيل للمصالح الفئوية على حساب المصلحة الوطنية السورية، وأن هذا التشظي لا يخدم تنفيذ القرار 2254 ولا عملية الانتقال السياسي لاحقاً.

إن شروط الاتفاق حول وحدة هيئة المفاوضات هي شروط موضوعية ومتوفرة في الواقع، أما الشروط الذاتية فهي التي يجب العمل عليها لخلق مربع تفاهمت وطنية ذكرنا قاعدته في التصويت والتفاهمات.

والسؤال هل مجيء حسن عبد العظيم إلى تركيا هو قرار خاص بهيئة التنسيق أو بجزء فاعل من هذه الهيئة، أم إنه حصل على ضوء سعودي في ذلك؟ 

 طبعاً لا نتوقع أن هيئة التنسيق قد حصلت على هذا الضوء السعودي، لأن المتشددين فيها  استبعدوا أو رفضوا المجيء إلى تركيا، لذلك يمكن القول إن الضوء السعودي لايزال بعيدا عن إنارة علاقاته الطبيعية مع تركيا.

كذلك الأمر مع الطرف الآخر من هيئة التفاوض المدعوم من تركيا، هل يمكننا القول إنهم يتمتعون باستقلالية أخذ قرار على هذا المستوى دون رضا تركي.

بقي أن نقول إننا مضطرون لانتظار ما تتمخض عنه المباحثات والمفاوضات بين طرفي هيئة المفاوضات.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات