المرحلة الخطيرة رسمتها التطورات السياسية والقضائية الأخيرة في اليومين الماضيين، وتحديدا قضية عرقلة الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) للمسار القضائي المتعلق بإقالة المحقق العدلي بقضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار وكف يده عن التحقيق، وهو أمر أدى لتأجيل جلسة الحكومة التي كانت مقررة أمس، بعد مشاورات بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وبحسب مراسلة أورينت في لبنان، إيلينا بونعمة فإن حالة من التأهب تسود الأوساط اللبنانية مع دعوات متقابلة للنزول إلى الشارع، وسط مخاوف كبيرة من انزلاق الأمور نحو "حرب أهلية" يرسم لها الثنائي الشيعي بتصريحات استتفزازية أثارت مخاوف اللبنانيين وأججت حالة الاحتقان الشعبي بشكل لافت، فيما أكد الثوار اللبنانيين وقوفهم في وجه "الثنائي الشيعي" بكافة الوسائل المتاحة لمنع اختطاف البلاد وإرداتها السياسية والقضائية بشكل متكرر من أذرع إيران.
وتتمثل التطورات الأخيرة باتهام الثنائي الشيعي للقاضي البيطار بتسييس تحقيقات انفجار مرفأ بيروت بعد إصدار البيطار مذكرة توقيف غيابية بحق أحد الوزرين السابقين في "حركة أمل"، علي حسن خليل وغازي زعيتر، حيث قام الوزيران (خليل وزعيتر) برفع دعوى قضائية ضد البيطار وطالبوا بنقل قضية التحقيقات إلى قاض آخر، ليتم تعليق التحقيق بموجب تلك الدعوة مع ضغوطات إضافية يتعرض لها البيطار من مسؤولي ونواب الثنائي، خاصة وأن متزعم "حزب الله" حسن نصر الله، اتهم القاضي بـ "الاستنسابية" قبل يومين بسبب استدعائه مسؤولين وأمنيين محسوبين عليه وقال نصر الله "نعتبر ما يحدث خطأ كبيراً جداً جداً (…) الموضوع لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل، ولا إمكانية لاستمراره خصوصاً في الأيام القليلة المقبلة".
شحن طائفي
وعلى ضوء ذلك، دعا الثنائي الشيعي أنصارهما للنزول للشارع بطريقة استفزازية قد تدخل لبنان مرحلة الخطر الفعلية، خاصة مع امتلاك الثناني للسلاح والطرق "التشبيحية" في التعامل مع القضايا السياسية وغيرها، وسط أجواء من الشحن الطائفي والمذهبي لإدخال لبنان في نفق أكثر ظلمة مما هو عليه، لاسيما تصريحاتالنائب خليل أحد المطلوبين للتحقيق، الذي قال أمس، إن "كل الخيارات واردة" واعتبر أن مسار التحقيق الحالي قد يدفع البلاد "نحو حرب أهلية".
كما لوح "حزب الله وحركة أكل" بالانسحاب من الحكومة وتعطيلها في حال لم يتم إبعاد القاضي البيطار عن التحقيق في انفجار المرفأ، فيما شكك أيضا رئيس مجلس النواب نبيه بري بصلاحيات القضاء واعتبر أن توجيه اتهامات لرؤساء أو وزراء ونواب هو من صلاحية المجلس وخارج صلاحية القضاء.
ودفعت تلك التطورات إلى تأهب شعبي غير مسبوق بدعوات للنزول إلى الشارع اللبناني والوقوف في وجه ممارسات حزب الله وحركة أمل اللذين دعوا أنصارهم للتجمع أمام قصر العدل لاستكمال سيناريو كف يد القاضي البيطار، مقابل إعلان الثوار الوقوف في أي مواجهات أو تحركات للثناني الشيعي.
الثوار في المواجهة
وكذلك دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للاستعداد لإقفال تام في لبنان، والتعامل مع كافة السيناريوهات المتوقعة لمواجهة حزب الله وحلفائه، فيما بدت الخلافات واضحة بين الثنائي الشيعي وتيار العونيين وعلى رأسه رئيس البلاد ميشال عون، حيث يرفض الأخير كف يد القاضي بيطار بشأن تحقيقات المرفأ استجابة للشارع اللبناني وخاصة حاضنته المسيحية التي ترفض المساس بمسار التحقيقات، ما يؤكد ظهور خلافات عميقة ومتجددة بين الثنائي الشيعي والعونيين.
بدورهم قال أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت في بيان تعقيبا على التطورات الأخيرة ومحاولة وقف التحقيقات: "إننا أولياء الدم، وقضيتنا هي جريمة العصر، ويجب أن تخرج من التجاذبات الحزبية، الطائفية والمذهبية"، واعتبروا أن جريمة تفجير مرفأ بيروت "طالت جميع الفئات والشرائح، ولم تميّز بين طرف وآخر؛ بين لبناني أو أجنبي".
وسبق وأن عرقل حزب الله وحلفائه مسار التحقيق بضغوط سياسية مورست على القاضي فادي صوان الذي نُحي في شباط الماضي على خلفية ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين، في مسعى واضح لطي ملف انفجار بيروت الذي وقع في آب 2020 وأدى لمقتل وإصابة آلاف اللبنانيين ومئات من جنسيات أخرى، وأعاد العاصمة بيروت عقودا للوراء بسبب الدمار والخسائر الواسعة التي خلفها الانفجار.
التعليقات (2)