إيران تتلاعب في بيوت المشيخة السورية.. شيوخ جدد على مقاس المُرشد

إيران تتلاعب في بيوت المشيخة السورية.. شيوخ جدد على مقاس المُرشد
تكشف التحركات الإيرانية شرق سوريا يوماً بعد آخر أنّها تهدف إلى تغيير البنيّة الأساسية للمجتمع السوري، ولا سيما العشائري منه، وذلك من خلال محاولات مُتكررة لتشييعه تارةً ولتغيير مشيخاته تارة أخرى من الذين رفضوا تمرير المشروع الإيراني، والإتيان بمشيخات جديدة بعد تمويلها، ومن ثم تنصيبها بدلاً من أولئك الذين رفضوا التعاون معهم.

وخلال الأيام الماضية؛ نصّبت إيران المدعو إسماعيل عطا الله الحمدان بصفة شيخ لعشيرة المشاهدة، وذلك بعد زيارةٍ قام بها وفد من ميليشيا الحرس الثوري الإيراني إلى ما يعرف بديوان العطا الله بريف دمشق، إضافة لتنصيب القيادي في الفوج 47 موسى المحمود الملقب بـ "أبو يوسف" كأحد وجهاء مدينة البوكمال ومشايخها، حيث إن المحمود هو أحد مؤسسي لواء هاشميون" التابع لميليشيا الحرس الثوري الإيراني، وهو ما جعله محط اهتمام من إيران.

مشيخة جدد

وذكرت وسائل إعلامية سورية أنّ قرية السويعية بريف مدينة البوكمال شهدت تنصيب المدعو خلوف الشاوي شيخاً لعشيرة الجغايفة في منطقة البوكمال، وهو الآخر أحد مسؤولي الانتساب إلى ميليشيا الحرس الثوري، ويقود قوة عسكرية تحت إمرته قوامها من أقاربه.

أكثر من ذلك؛ نصّبت قيادة ميليشيا الحشد الشيعي المدعو فرحان المرسومي شيخاً لعشيرة المراسمة في عموم سوريا، شريطة أن يعمل تحت إمرة الميليشيات العراقية ويساعد في نشر المذهب الشيعي، إضافةً لنشاطه في شراء العقارات لتوطين عناصر الميليشيات المدعومة من إيران.

المتحدث باسم المجلس الأعلى للقبائل السورية مضر حمّاد الأسعد قال في تصريحات لأورينت، إنّ نظام أسد عَمل على تفتيت القبائل السورية منذ عام 1970 مع وصول نظام أسد إلى السلطة وهو الأمر الذي رفضته العشائر حينها وطالبت بعودة الحكم إلى المدنيين، ليقوم أسد الأب بالتنكيل بتلك العشائر ومحاربة شيوخ وزعامات العشائر التقليدية التي كانت تتمتع بتأثير سياسي واقتصادي وعلمي وثقافي، ليعمل أسد الأب على صناعة زعامات جديدة على مقاس الأجهزة الأمنية التي اختارتها، وهذا الأمر سهّل عليه السيطرة على تلك العشائر وهي التي تُشكّل 75% من تعداد الشعب السوري.

وأشار الأسعد إلى أنّ نظام أسد ومنذ خمسة عقود يعمل على إضعاف دور القبائل السورية، وكانت إيران هي المحرك الأساسي لهذا التفتيت والإضعاف، مؤكداً وجود عائلات مشيخيّة كبيرة كانت ضد الوجود الإيراني والتغلغل الأسدي في العشائر، ليتم تحييدهم والضغط عليهم اقتصاديا، ومع انطلاق الثورة السورية بات لإيران نشاط كبير جداً بسبب دعم نظام أسد لهم والتغافل الأمريكي عن هذا النشاط.

ويعتقد الأسعد أنّ من يوافق أو يعمل مع المشروع الإيراني أو الذين سافروا وقاموا بزيارة قم أو طهران أكثر من مرّة هم من المتمشيخين الجدد، والذين ليس لهم أي دور اجتماعي، هم من أنصاف المخاتير أو الضعفاء سياسياً واجتماعياً ومادياً أيضاً، هؤلاء هم الذين وافقوا على الانخراط في المشروع الإيراني، حيث جعلت منهم شيوخاً أو وجهاء، وهم بالأساس مجموعة من "العجيان". 

شيوخ الأسد

الكاتب نبيل المحمّد كتب في مقال على موقع أورينت أكّد فيه أنّ "القبيلة السوريّة لم تكن كياناً واحداً، من العثمانيين إلى الفرنسيين، المملكة السورية، العهد الوطني، حتّى عهد البعث، وصولاً إلى الثورة السوريّة 2011, والباحث في تلك الحقب سيلاحظ شيئاً واحداً واضحاً وهو أنّ الانفصال بين رأس وجسد القبيلة كان واضحاً، وأنّ شخصيّة شيخ القبيلة لم يكن ليمثّل قبيلةً ولا حتّى فخذاً فيها، بل كان يمثّل مصالحه مع الكثيرين من المرتزقة الذين يميلون مع الريح والمال دائماً، وهذا ما يثبت أنّ خللاً ما موجود دائماً في تعاطينا مع أيّ مجتمع عشائري، فالثقافة الّتي يبنى عليها هي ثقافة متوارثة، قائمة كما هو الحال على إقصاء قاعدة الهرم والصعود على تكتّلهم، والتفرّد بالمنفعة والبحث عنها، وإيهام الناظر إلى هذا المجتمع بأنّه جسدٌ واحد ربّما، دون إظهار الخلل الموجود في الرأس". 

ويرى المحمّد أنّ نظام أسد عمل ومنذ بداية الثورة على الاستعانة بغالبيّة شيوخ العشائر السوريّة، لا سيما أنّ الثورة اندلعت في المناطق الّتي تتّخذ طابعاً عشائريّاً، وقدّم لهم الدعم من مال وسلاح وقدرة على التواصل مع كبار قادته بشكل مسهّل، وقد تبلور هذا التوجّه في مؤتمر العشائر بداية 2012 وتعيين وزير للدفاع ذي خلفيّة عشائريّة.

إذن؛ حاول نظام أسد ويُحاول ما استطاع استمالة القبائل السورية لتكون داعماً له، ومنذ عام 1970 عمل على تفتيت البنية العشائرية السورية بهدف إيصال أشخاص من خارج بيوت المشيخات السورية ليكونوا شيوخاً على القبائل السورية، أو حتى أشخاصاً من داخل بيوت تلك المشيخات، غير أنّهم من المنبوذين من قبائلهم ومن بيوت المشيخات، وهو ما جرى داخل عدد من القبائل، حيث تسلّم مشيختها أناسٌ معروفون بالتشبيح والمتاجرة بآلام السوريين في سبيل تقاضي مبالغ مالية إن كان من نظام أسد أو من نظام طهران الطائفي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات