انتخابات العراق.. حل لمشاكله أم أزمة جديدة تضاف لأزماته

انتخابات العراق.. حل لمشاكله أم أزمة جديدة تضاف لأزماته
عامان على موجة الاحتجاجات التي اجتاحت مدن العراق ضد حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، وما سبقه من حكومات فاسدة، يُدلي العراقيون اليوم بأصواتهم في انتخابات هي الخامسة منذ دخول القوات الأمريكية إلى العراق عام 2003، غير أنّ المشاركة في هذه الانتخابات وبحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق هي الأضعف منذ دخول القوّات الأمريكية إلى العراق.

وذكر موقع (بي بي سي) إنّه وعقب انتهاء الاقتراع، قالت اللجنة الأمنية العليا للانتخابات إنها أصدرت أوامر "صارمة" إلى السلطات الأمنية في العاصمة بغداد والمحافظات بتشديد إجراءات الحراسة والحماية حول مراكز الاقتراع ومراكز التسجيل ومخازن المفوضية المستقلة للانتخابات.

وفي السياق ذاته قال موقع (فرانس 24) إنّ تحالف الشبكات والمنظمات الوطنية المراقبة لانتخابات مجلس النواب العراقي، أصدر تقريره الأولي لمراقبة التصويت العام، والذي أشار إلى تصاعد نسب الخروقات التي رافقت عملية الاقتراع، في غالبية الدوائر الانتخابية، وتمكن 2024 مراقباً تابعين لتحالف الشبكات والمنظمات الوطنية المراقبة، من إرسال تقاريرهم إلى المكتب الإعلامي الخاص بالتحالف، من أصل 8853 مراقباً.

أزمة جديدة

الباحث السياسي العراقي عمر عبد الستار قال في حديث لأورينت إنّ هذه الانتخابات ناتجة عن سلسلة من التداعيات أولها ثورة تشرين 2019، ثم مقتل سليماني ومن ثم إزاحة حكومة عادل عبد المهدي، ومن ثم وصول الكاظمي، وهي أوّل انتخابات مُبكرة، ويبدو أنّ الأمور كادت أن تتجه إلى حرب أهلية (شيعية - شيعية)، وكان البديل هو انتخابات مُبكرة كي لا تذهب البلاد إلى تلك الحرب، خاصة في وقت صعب دولياً وإقليمياً.

وتساءل عبد الستار عن مدى إمكانية هذه الانتخابات أن تتجاوز مرحلة الصدام الشيعي – الشيعي، خاصة وأنّ فرص المستقلين غير المُجرّبين ليست كبيرة، أو من شأنها أن تُغير المشهد، خاصة وأنّ الأحزاب الدينية الشيعية استطاعت أن تُدخل (مُستقلين) لتفويت هذه الفرصة على المُستقلين غير المُجرّبين.

وفيما يخص تهديدات بعض قيادات التيار الصدري بأنّ رئيس الوزراء المُقبل إما من التيار الصدري وإمّا العنف، أشار عبد الستار إلى أنّ هذا الأمر يشي بوجود صراع شيعي – شيعي، وإن كان مخفياً بين كتلة الصدر والفتح، وهل سيستطيع الصدر الحصول على الكتلة أم لا، لا أحد يستطيع أن يجزم بذلك، وإذا صعد الصدر إلى رئاسة الوزراء، فهذه ستكون السابقة الأولى في العراق أن يتصدر الصدر المشهد، وعندها، هل سيقبل بالكاظمي ليستمر أم إنّه سيأتي بأحد كوادر التيار الصدري؟ لا أحد يعلم.

وأشار عبد الستار إلى أنّ استمرار الكاظمي في الحكم وهو ما يحتاجه العراق، عندها ستكون الأمور جيّدة ومناسبة، يقول عبد الستار: "لكن ما أعتقده أن ثورة تشرينيّة قادمة ستُزيح الحكومة القادمة كما أزاحت حكومة عادل عبد المهدي".

وتابع: "هذه الانتخابات لن تكون حلاً، بل ستكون أزمة تؤدي إلى المزيد من الأزمات، كونها لم تحلّ الإشكال الموجود بين الدولة واللا دولة: "هناك حشد ولائي وحشد عتبات وهناك أيضاً حشد صدري، وهذا الانقسام الشيعي – الشيعي خطر، وهو قادم في نهاية الأمر كما حصل مع السنة بعد عام 2003، عندما قاتلوا القاعدة في 2007، سيُقاتل الشيعة كتائب حزب الله وسيد الشهداء والعصائب والنجباء يوماً كما فعل السنة مع القاعدة، كون هؤلاء لا يختلفون عن القاعدة بكثير، هم وجهان لعملة واحدة في هذا البلد الذي مُنعت فيه الدولة من العودة منذ عام 2003 إلى اليوم.

ويختم عبد الستار بأنّ هذه الانتخابات أزمة جديدة تُضاف إلى أزمات العراق، وليست حلّاً، وهي من تداعيات ثورة تشرين ومقتل سليماني وإزاحة حكومة عادل عبد المهدي، لذلك ربما سيكون دور الحكومة في الأعوام الأربعة القادمة محاولة لضبط الأزمة من أن تنفجر في وقت لا تستطيع الحكومة أن تُسيطر عليه، ولا يوجد تحالف دولي يستطيع أن يتعامل معه، وهذا متوقع في ظل انصراف أمريكا عن العراق والحوار السعودي الإيراني وفي ظل خريف إيران الساخن على حدود أذربيجان.

المتظاهرون في البرلمان

بدوره الصحفي العراقي حيدر الجنابي قال إنّ هذه الانتخابات تأتي قبل ستة أشهر من موعدها الأصلي تحت ضغط الجماهير المحتجة التي أجبرت رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي على تقديم استقالته بعد حفلات من القتل الجماعي قادتها ميليشيات ضد المتظاهرين، ووصفتها الحكومة العراقية "بالطرف الثالث" فيما لم تنجح حكومة السيد الكاظمي في الكشف عنها.

وتختلف هذه الانتخابات عن سابقاتها كما يقول الجنابي بأنها الأولى التي تجري بشكل مبكر، كما إن قانون الانتخابات خضع هذه المرة لبعض التغيرات تحت ضغط الاحتجاجات الجماهيرية، إضافةً إلى آلية التصويت التي تجري بشكل إلكتروني، حيث إنّ أجهزة استلام الأصوات ضبطت لتعمل وتتوقف في وقت واحد ويرافق هذه الانتخابات حضور لمراقبين دوليين، وقُسِّم التصويت خلال الانتخابات إلى: "عام شمل المواطنين وقوات الحشد الشعبي، وخاص شمل الأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية والسجناء والنازحين".

ومع بدء التصويت العام حدثت مشكلات كثيرة منها تقنية تمثلت بتعطل بعض الأجهزة، وأخرى تتعلق بعدم ظهور بصمات الأصابع لكثير من الناخبين، لا سيما في العاصمة بغداد ومحافظة النجف، وهو ما حرم الكثير من الناخبين من التصويت، ما أثار مخاوف العراقيين من حدوث تأثير متعمد على الانتخابات.

وأشار الجنابي إلى أنّ نسبة المشاركة في هذه الانتخابات ليست جيدة بسبب حالة اليأس التي تسيطر على شريحة كبيرة من المجتمع جراء سنوات من الفشل الحكومي، وضياع العراق في صراع محاور أدت إلى تدهور أوضاعه الأمنية والاقتصادية، وكان قريباً من الانزلاق في موقد حرب أهلية

وأكد الجنابي على أنّه وخلال هذه الانتخابات لم يتوقف السياسيون عن ضخ جرعات التحشيد الطائفي إلى جمهورهم، حيث (تمسح) كثير من المرشحين بالطائفة والمذهب على أمل حصد الأصوات بعد دورات برلمانية فاشلة.

وتوقّع الجانبي دخول جيل جديد إلى قبّة البرلمان خرج من بين صرخات المتظاهرين ومعاناة العراقيين مع طغمة فاسدة حكمت البلاد منذ عام 2003، "بالتأكيد فإن التسريبات الأولية حول نتائج الانتخابات التي تعلنها بعض وسائل الإعلام تبقى غير واقعية لأن النتائج النهائية تصدر عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، كما إن نتائج التصويت يمكن أن تنقلب خلال ساعة واحدة، هذا فضلاً عن كون هذه التسريبات هي جزء من حرب نفسية دعائية تحاول من خلالها تيارات حزبية تحييد جمهور غير متحزب وثنيه عن المشاركة في الانتخابات، وبالتالي صعود الأحزاب الفاسدة التي يكون بالعادة جمهورها ثابت لا يتغير كثيراً.

وختم الجنابي: "هناك تيارات مستقلة وأخرى تنتمي إلى حراك تشرين حصدت أصواتاً كثيرة وفق نتائج أولية جاءت من بعض المحافظات، وهناك محافظات عراقية ظلّت مُحافظة على حماسة التظاهر وحولته إلى صناديق الاقتراع، حيث تشير نتائج أولية إلى صعود تيارات مستقلة وأخرى تنتمي إلى المتظاهرين في بعض الدوائر الانتخابية".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات