الوطن والاعتراف

الوطن والاعتراف
لا أقصد بالاعتراف هناإعلان الشخص لأمرٍ أخفاه سواء كان ذنباً أو حباً أو عاطفة أو موقفاً،بل أقصد الاعتراف بالإنسان بوصفه حقاً.حياة الشخص لا تستمر ولن تستمر بدون اعتراف.

ماذا يعني الاعتراف بالإنسان حقاً؟

يمكن لي أن أعرّف الإنسان بكل بساطة بأنه جملة من الحقوق المعترف له بها.وأي سلب حق من هذه الحقوق سلب للإنسان أو جانب ضروري من إنسانيته.

كيف لك أن تعيش في مجتمع ودولة دون الاعتراف بك،فإذا لم تحز على هوية المواطنة بوصفها حقاً لن تكون مواطنا،أن تتحول من كائن مسلوب الحق يعني بأنك تحولت إلى شيء، والعكس في الاعتراف بحقوقك وحريتك تكون قد توافرت على ماهية المواطنة.

وكل سلطة لا تكون ثمرة عقد اجتماعي معترف به من قبل المجتمع ليست سلطة حق،بل معادية للحق ،يعني كيف يمكن أن يكون هناك سلطة دون اعتراف مجتمعي عن طريق الاختيار!

الاستحسان الذي تلاقيه اعتراف.من حقك أن تسلب الاعتراف من صداقة الآخر إن شئت إذا تبين لك بأن الصديق الآخر قد نال من حقك.فالصداقة اعتراف متبادل من حقك أن تلغي علاقة الاعتراف هذه إذا اكتشفت أن صديقك صار متعصباً متوحشاً ومشروع قاتل.

جواز السفر لا قيمة له إذا لم يُعترف به وثيقة تمنحك الاعتراف بحقك في السفر  والعودة من قبل دولتك أولاً.

ما الدكتاتورية:هي أن يحمل حاكم  الشعب على الاعتراف به عن طريق القوة والعنف .هذا يعني أنه يلغي ماهية الاعتراف بالحرية ولا يعترف بحق اﻵخر بالاعتراف.إنه في الحال هذه يدمر فكرة العقد الاجتماعي في أجلى مظاهره المعاصرة.

كل من يحمل اﻵخر  على الاعتراف به عبر  القوة والعنف هو  مشروع قاتل وبالتالي قاتل بالضرورة، عندما تواجه سلطة مطلب استعادة الحق بالعنف فاعلم بأن دماء الحق قد سالت.

كل حركة قائمة على استعادة حق الشعب بالاعتراف أي استعادة اﻹرادة وحق الوجود كما يجب أن يكون ،حركة مناقضة بالضرورة للسلطة الغاشمة ،السلطة الغاشمة هي السلطة التي تقوم بلا اعتراف وعن طريق الغلبة بالقوة.

ولهذا كل السلط الغاشمة تحوّل القوة العسكرية واﻷمنية إلى أداة تدمير اجتماعي ،وليس أداة تحقيق أمن وطني،كل سلطة لا تقوم على فكرة القانون المعبر عن حق جميع الناس بلا  استثناء سلط قاتلة بالضرورة.

الاعتراف منح الشرعية ،لا شرعية بدون اعتراف ،حكم يقوم على اعتراف ضئيل وعلى ﻻ اعتراف واسع ليس نظاماً سياسياً.فلا سياسة دون اعتراف بالحق الكلي الشامل..

في السلم الاجتماعي وحده يجري الاعتراف وعدم الاعتراف دون إكراه،ولهذا فعدم الاعتراف ليس سلباً عنفياً، ليس قتلاً للمختلف،ليس اغتيالاً وخطفاً وسجناً.فعدم الاعتراف بأي سلطة تعني البحث عن سلطة بديلة تحوز على الاعتراف. 

حتى الاعتراف الديبلوماسي بين الدول لا يتحقق بالإكراه والغلبة، لأنه يقوم على حق الدول في السيادة ،الاعتراف بين الدول يقوم على المصالح المشتركة.

وإذا ما تحولت القوة العسكرية أو الإرهابية إلى وسيلة في فرض الاعتراف بأصحابها فاعلم بأن شروط التدمير للحياة قد بدأت في عملها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات