الزواج من مهاجرين أرقام وحالات.. انتهت المشكلة وبقيت آثارها

الزواج من مهاجرين أرقام وحالات.. انتهت المشكلة وبقيت آثارها
دائما ما تحمل مراحل الحروب خروجاً عن القوانين والأعراف والعادات، وتكون سبباً في ظهور حالات دخيلة على أي مجتمع، ومن بين هذه الحالات التي طرأت على المجتمع السوري تبرز ظاهرة زواج السوريات بالمهاجرين الذين توافدوا مع سني الحرب السورية الأولى إلى الداخل ودفع ثمنها الفتيات والأطفال والنساء على حد سواء.

زواج قاصر  وحقوق ضائعة

أثرت موجات النزوح والتهجير وتدني المستوى المعيشي على كل جوانب الحياة، ولم تستثنِ الفتيات اللواتي ضاقت بهن وبعائلتهن الأحوال.

حنان فتاة سورية مهجرة من ريف إدلب الحنوبي، تعرضت إلى حالة زواج مبكر من رجل مهاجر بريطاني الجنسية، خلال مكوثه في سوريا بعد مجيئه بدوافع جهادية.

وقالت حنان في حديث خاص لموقع أورينت نت إن عملية الزواج تمت عبر معرفة بين أقاربها والرجل المهاجر، وإنها كانت تبلغ من العمر أربعة عشر عاماً، وإنها تنكوي بنار تلك الفعلة بعد أكثر من 8 سنوات على زواجها.

وتبين حنان أن الظروف التي مرت بها عائلتها كانت من أهم الأسباب إلى حدوث هذا الزواج وأن وفاة والدها وعدم وجود أخ لهم والنزوح كذلك عجلت من الأمر.

وتوضح حنان أن الزواج شرعي وأقيم بحضور شيخ وشاهدين، لكنه لم يثبت في المحكمة وأنه اعتمد على مقدم ومؤخر بمبالغ زهيدة من دون أية شروط تذكر.

وتكمل حنان في سياق حديثها أنه وبعد ثلاث سنوات من الزواج وبين يوم وليلة اختفى ذلك الرجل من الوجود، وانقطعت أخباره بشكل كامل عنها وعن ابنته وطفله الذي كانت حاملاً به، دون وجود أية وثيقة تثبت هذا الزواج.

اليوم وبعد بلوغ طفلة حنان ال6 سنوات اضطرت إلى تسجيلها في المدرسة ولكن عدم وجود أوراق ثبوتية حال دون ذلك الأمر، حسب ما صرحت به حنان وتكمل أنها ذهبت إلى دائرة النفوس في سرمدا التابعة لحكومة الإنقاذ، ولكنها لم تلقَ أية استفادة وبقيت هي وأطفالها دون أوراق ثبوتية وعقد يثبت زواجها .

تناشد حنان الجميع من أجل إيجاد طريقة لتأمين حقوق أطفالها وعدم ضياع مستقبلهم الدراسي وتنهي حديثها بأنها متندمة على تلك الفعلة وأنها تحصد نتائج ليست مسؤولة عنها بالدرجة الأولى وأن الظروف المحيطة والظلم الموجود جعلها في هذا الموقف الذي لاتحسد عليه.

إحصائيات وبيانات

 

انتشرت هذه الظاهرة بشكل كبير خلال سنوات الثورة واشتداد الصراع العسكري المسلح بين الأطراف السوريةمن جهة ونظام أسد من جهة أخرى، وكذلك بعد توافد جهاديين أجانب وعرب باتجاه سوريا ، وعمدت عدة جهات ومنظمات دولية ومحلية تعنى بحقوق الإنسان إلى رصد هذه الظاهرة وتوثيق حالات زواج السوريات من مهاجرين، وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد أحصت ما يقارب 845 حالة زواج لسوريات من مهاجرين في محافظة إدلب .

وبيّن المحامي عبد الناصر حوشان الناشط في المجال الإنساني في حديث خاص لأورينت نت أن الكثير من الجهات عملت على توثيق مثل هذه الحالات، وأن الأعداد متفاوتة وربما تصل إلى أكثر من "ألف وثمانمئة" حالة زواج غير موثقة في سجلات النفوس.

وأكد حوشان أنه ينبغي تسليط الضوء على هذه القضية من وجهة القانون الدولي ومن جهة القانون الوطني لتلافي المزيد من تلك الحالات وحل العالق منها.

 

آلية التعامل

تعتمد آلية التعامل مع حالات زواج السوريات من مهاجرين متعددي الجنسية على القانون الدولي والقانون الوطني المعتمد في كل منطقة مختلفة السيطرة بالنسبة لتوزع قوى النزاع على الأراضي السورية.

أورينت نت تواصلت مع المنسق الإعلامي لحكومة الإنقاذ  التابعة لهيئة تحرير الشام، ملهم الأحمد والذي يعدّ صلة وصل بين الإعلاميين ودوائر الحكومة وبينت له تساؤلاتها وطلبت أجوبة، وبعد انتظار دام أكثر من ثلاثة أيام أتى الرد بأنه على الأغلب لايوجد أجوبة لهذه الأسئلة كون الموضوع حساس حسب ما قال الأحمد.

وفي سياق متصل تواصلت أورينت نت مع المحامي عادل الويس، والذي يعمل في إدلب وطرحت عليه بعض التساؤلات فيما يتعلق بآلية التعامل مع هذه القضية وكيف تضمن النسوة السوريات حقوقهن بعد فرار عدد كبير من المهاجرين تاركين خلفهم زوجاتهم وأبناءهم بدون وثائق رسمية ولا حقوق ولا ضمانات.

وبين الويس أن مثل هذه الحالات تعتمد على المادة "54" من التعميم الصادر عن وزارة العدل في حكومة الإنقاذ السورية التابعة لهيئة تحرير الشام والذي ينص على أنه بالنسبة للمهاجر الذي لايملك أوراق إثبات شخصية، يكلف بمراجعة السجل المدني للحصول على أوراق إثبات شخصية ليصار إلى اعتمادها في المحاكم.

أما بالنسبة للأزواج الهاربين فيمكن للزوجه أن تقوم بالادعاء عليه أو أحد من أقاربه في المحكمة من أجل إصدار أوراق شخصية أو توكيل القضية إلى محامٍ لمتابعتها.

وفي حال عدم وجود أحد من أقاربه فيصار إلى معاملته كعديم النسب. 

ووفقاً للمحامي عبد الناصر حوشان، فإن مسألة النسب تقسم إلى ثلاثة أقسام وكل منها له حكمه حسب القانون الدولي،  وبيّن حوشان أن النسب الشرعي في القانون الدولي الخاص هو عبارة عن رابطة قانونية تربط الأب بالابن أو الأم بالابن، فإذا كان الأب والأم مرتبطان برابطة زوجية وكان الولد نتيجة هذه العلاقة نسبه شرعيا.  وإذا لم يكن الأبوان مرتبطين برابطة زوجية يسمى النسب غير شرعي ويضاف إلى النوعين السابقين نوع آخر يسمى التبني والذي بمقتضاها يصبح الولد المتبنى بمثابة الولد الشرعي.

ويوضح الحوشان لأورينت نت أحكام النسب حسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

1- المادة  15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تقضي بأن لكل فرد حـق التمتـع بجنسية ما. كما تنص على أنه لا يجوز تعسفاً حرمان أي شخص من جنسيته ولا من حقه في تغيير جنسيته.

2- تقضي الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييـز العنـصري في الفقـرة الفرعية " د" /3 من المادة "5" بتعهد الدول الأطراف بحظر التمييز العنصري والقضاء عليه بكافة أشكاله، وبضمان حق كل إنسان دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القـومي أو الإثني في المساواة أمام القانون، لا سيما بصدد التمتع بحقوق منها الحق في الجنسية.

3- وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كذلك في الفقـرة " 3 " مـن المادة  24 على أن لكل طفل حقاً في اكتساب جنسية.

4- وتنص المادة " 7  " من اتفاقية حقوق الطفل على أن يسجَّل الطفل بعد ولادتـه فـوراً ويكون له الحق منذ ولادته في أمور منها اكتساب جنسية وعلى أن تكفَل الدول الأطـراف إعمال هذه الحقوق وفقاً لقانونها الوطني والتزاماتها الدولية، ولا سيما حيثما يعدّ الطفل عديم الجنسية في حالة عدم القيام بذلك. 

ووفقاً للمادة  "8 " ينبغي للدول الأطراف أن تتعهد باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته، على النحو الذي يقره القانون، وذلك دون تدخل غير شرعي، وله الحق في لم شمل أسرته وفق المادة "10" منها .

5- وتشير المادة"9" من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة إلى أن تمـنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما. ووفقاً لما جاء في الاتفاقية، تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنـسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها، وتضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبي أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج، أن تتغير تلقائياً جنسية الزوجة أو أن تصبح بلا جنـسية، أو أن تُفرض عليها جنسية الزوج. وترد ضمانات مماثلة تتعلق بجنسية المرأة المتزوجـة في اتفاقيـة جنسية المرأة المتزوجة.

6- ووفقاً للمادة " 18 "من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، تُقر الدول الأطـراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في الحصول على جنسية ما، على قدم المساواة مع الآخرين، بما في ذلك ضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بالحق في الحصول على جنسية وفي تغييرها وعدم حرمانهم من جنسيتهم تعسفاً أو على أساس الإعاقة. كما تعترف الاتفاقية بحق الأطفال ذوي الإعاقة في اكتساب جنسية.

7- وتنص اتفاقية حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم في المادة  " 29 " على أن لكل طفل من أطفال العامل المهاجر الحق في الحصول على جنسية.

الجدير بالذكر أن المناطق المحررة تشهد بين الفينة والأخرى حركة نزوح معاكس لمهاجرين متعددي الجنسية باتجاه مجهول تاركين خلفهم أبناءً وأزواجاً مسلوبي الحقوق.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات