ناجٍ من صيدنايا يكشف أساليب قتل وتعذيب المنشقين العائدين

ناجٍ من صيدنايا يكشف أساليب قتل وتعذيب المنشقين العائدين
على تلك المنطقة المرتفعة، والتي تبعد حوالي 30 كم عن القصر الذي يقبع بداخله رأس نظام أسد، يقع سجن صيدنايا، ذلك السجن الأكثر رعباً وإجراماً في البلاد، والذي اختلط هواء مدينة صيدنايا برائحة جثث القتلى في داخله، بعد أن أبرحتهم سياط وعصي السجانين ضرباً وتعذيباً، أو عبر التصفية الميدانية المباشرة في فناء السجن الخلفي الذي خصص تماما لذلك الغرض. 

مراسيم الموت الرئاسية 

بعد توليه فترة رئاسية جديدة لقتل السوريين عام 2014، أصدر رأس نظام أسد عدة مراسيم رئاسية تستهدف المنشقين عن جيشه، من جنود وضباط كان آخرها سنة 2018، تلك السنة التي شهدت سيطرة نظام أسد بمساعدة الروس والميليشيات الإيرانية على كامل الريف الدمشقي الثائر، وقيامهم  بتهجير الكثير من أهله قسرا نحو الشمال السوري، في حين بقي في الريف ذاته عدد كبير من المنشقين، خاصة أولئك الذين لم ينضووا تحت إمرة الفصائل المعارضة سابقا، وكان بقاؤهم مرتبطا  بتلك التطمينات التي قدمتها لهم ما تدعى بلجان المصالحة، وأنهم لن يتعرضوا للأذى من قبل ميليشيات أسد نهائيا .

حكيم اسم مستعار  لأحد أبناء ريف دمشق – انشق عن ميليشيا أسد عام 2013، حيث كانت خدمته الإلزامية في مطار أبو ضهور العسكري وقع في مصيدة "العفو الرئاسي"، وانتهى به الأمر داخل معتقل صيدنايا.

فبعد صدور مرسوم العفو سنة 2018 توجه حكيم مدفوعاً بتطمينات من لجنة المصالحة في المدينة نحو شعبة تجنيد الكسوة، حيث التقى هناك بعدد من المنشقين من مناطق مختلفة، كانوا قد وقعوا في مصيدة العفو مثله، بعد ذلك يتم إدخال المنشق إلى غرفة التحقيق، والتي يكون بداخلها عدد من المحققين التابعين للأفرع الأمنية الأربعة الرئيسية، ثم يساق إلى المحقق المطلوب حسب التبعية الأمنية للقطعة العسكرية التي كان بها قبل انشقاقه، حسب ما روى حكيم لأورينت نت.

أهلاً بالإرهابي.. أهلاً بالمُسلّح

أهلا بالإرهابي .. أهلا بالمسلح، كانت تلك الكلمات الأولى التي استقبل بها محقق المخابرات الجوية حكيم، ومنعه من الجلوس، ثم اكتفى منه ببعض المعلومات الشخصية، ومكان وتاريخ انشقاقه.

 يقول حكيم: أدركت حينها أن الأمر ليس على ما يرام، وأن مصيراً مجهولاً ينتظرني، وخاصة بعد أن تلفظ محقق مخابرات أسد بجملة " قلتلي كنت تخدم بمطار أبو الضهور " وما هي إلا دقائق قليلة حتى حضرت دورية لمخابرات أسد، وكان برفقتي سبعة منشقين آخرين، اقتادونا نحو فرع المخابرات الجوية بدمشق بحجة استكمال عملية التسوية، ساقونا كالأغنام إلى تحت الأرض، وقبيل دخولنا بقليل أعطونا أرقاماً تمثل هويتنا، أنت بالداخل عبارة عن رقم ولست اسما.

التُهم مُعدّة مسبقاً للمنشقين

 

يتابع "حكيم “: بعد يومين من السجن داخل زنزانة انفرادية، استُدعيت لغرفة التحقيق، حيث أرغمني السجان بقوة السلاح على الجثو ويداي مقيدتان إلى الخلف، كانت أشبه بوسيلة تعذيب بطيئة، فمع مرور الدقائق كادت أن تختلط أضلاعي ببعضها، فما كان مني إلا أن توسلت للسجان كي يسمح لي بتغيير الوضعية، فقام بتوجيه عدة ضربات بسوطه وحذائه إلى ظهري، ثم بعد ساعة كاملة تقريبا من الانتظار سمعت صوتا يقول "أي يا حكيم خبرني بكم معركة شاركت ضد الجيش" ؟،"وخبرني كمان كم عسكري قتلت، وكم ضابط خاطف"، لقد كان ذاك المحقق موجودًا، ظل صامتا لساعة كاملة، كان أحد الأساليب التي يستخدمها في التعذيب النفسي للمعتقل، ثم طرح تلك الأسئلة المخيفة.

"لم أقتل أحد، ولم أشارك بالمعارك ضد أحد، أتيت بمحض إرادتي لتسليم نفسي فلمَ هذه المعاملة؟ "، تلك الإجابة من حكيم كانت كافية ليتلقى ضربة من قبل المحقق على صدره، حاول بعدها جاهداً التقاط أنفاسه تفادياً لهلاكه، وأتبعها المحقق بجملة " صدقت حالك ماهيك، كلكم بدكم دعس"، ثم أمسك حكيم من يده وأرغمه بالبصم على خمس أوراق لم يدرِ ما مضمونها حينها، حيث كانت جملة من الاعترافات التي أعدها المحقق لتكون كفيلة بوصول حكيم إلى سجن صيدنايا لاحقاً.

طريق الموت يمر من صيدنايا

سنتان ونصف من الاعتقال داخل معتقل صيدنايا، كانت كافية بتحويل حكيم إلى مجموعة من العظام المتحركة، بفعل شدة الاعتقال والتعذيب والتجويع، دون زائر يزوره، أو مطمئن يطمئن، وبعد أن رأى ما رآه من الجثث التي ماتت تحت التعذيب ‘أو تمت تصفيتها، ثم أرسلت البرقيات لذويهم خارج السجن على أنهم قضوا بسبب بعض الأمراض كالالتهاب الرئوي، أو السل، أو الجلطات..

يقول حكيم: كُنت أنتظر دوري بالتصفية الميدانية التي كانت أرحم بكثير من التعذيب الممنهج الذي كان يمارس علينا من وقت لآخر خلال تلك الفترة، وكنت أتمنى الموت، لم يعد باستطاعتي الصبر أكثر، وأنا أعاني ما أعانيه، وأرى ما أراه داخل ذلك المعتقل، لقد اعتدت النوم بجانب الجثث، لقد شارفت على الجنون، كل شيء من حولك يوحي بالموت ولا شيء سواه.

أنقذني المال من الموت المحقق

 

 جاء ذلك اليوم الذي كانت خطوات السجان فيه بطيئة على غير عادتها عندما يأتي ليسوق أحد المعتقلين إلى غرف التعذيب أو التصفية الميدانية، فتح باب الزنزانة وساق السجان "حكيم" خارجها، وظل يسير به حتى بدأت رائحة الهواء تتغير عن تلك التي اعتاد عليها سابقاً، لقد كانت مختلفة عن رائحة الدماء وجثث المعتقلين.

 لم يصدق حكيم نفسه، أصواتٌ لسيارات من حوله أثناء عملية نقله، حتى وصل إلى سجن عدرا المركزي، حيث كانت بانتظاره المحامية التي عرّفت عن نفسها باسم "أمل “، كانت تعرف موعد وصوله بدقة.

يقول حكيم لأورينت نت: لقد كانت المحامية "أمل" صلة الوصل بين والدي والواسطة، لقد تبدد استغرابي بعدم تصفيتي كما حدث للكثيرين طوال فترة اعتقالي، كان يدفع المال له باستمرار، حتى وصل جميع ما دفعه لما يقارب 60 مليون ليرة، لقد باع كل شيء يملكه، واستدان الباقي، لقد أحياني من جديد.

المحامية أمل وغيرها هم مجرد سماسرة وواجهات لشخصيات متنفذة في نظام أسد، تكمن وظيفتهم بالغالب بجلب " الزبائن" كما يسمونهم بالعرف السائد لدى الشبيحة، لابتزاز أهالي هؤلاء المعتقلين، وتفريغ جيوبهم، وإرغام ذوي المعتقلين على بيع كل ما يملكون واستدانة أموال أخرى كذلك في محاولة منهم لإنقاذ ذويهم من قبضة نظام أسد.، الذي يتفنن بأساليب الإيقاع بهؤلاء.

 

التعليقات (2)

    سامي

    ·منذ سنتين 7 أشهر
    عندك رقم المحامية شي

    صيدنايا والخطيب فروع امنية تابعة للموساد

    ·منذ سنتين 7 أشهر
    الموساد لديه ٦ سجون بسوريا حيث مخابرات اوربا وامريكا والموساد ينتقمون من اعداءهم، وجميع المحققين جواسيس وهدفهم الانقام من العرب الذين سلبوهم الدولة البيزنطينية ، وان كانت امريكا شريفة لتعلن بنود الاتفاق المسبحي وبنود اتفاقات لوزان واتفاق ال سعود١٩١٤.واللا سننشره اصليا.هناك يتحدثون مع المساد عن تصنيع مستعربين برايات سوداء من قبل قتل اطفال فلسطين.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات