نساء سوريات حوامل يروين لأورينت معاناتهن في تركيا

نساء سوريات حوامل يروين لأورينت معاناتهن في تركيا
في تركيا، زادت جائحة "كورونا" من الأعباء الصحّية على النساء السوريات الحوامل، اللواتي تضاعفت الجهود اليومية المفروضة عليهنَّ في العمل داخل وخارج المنزل.

وتتمثّل هذه الأعباء، في أن غالبية النساء الحوامل اللواتي يعملن في سوق العمل التركي، وفي نفس الوقت يتحمّلنَ أعباء العمل المنزلي، لا يجدنَ شروط الراحة ومراعاة فترة الحمل سواء في أسواق العمل أو في داخل المنزل من قبل أزواجهنَّ.

وتنخرط الكثير من النساء في أسواق العمل في تركيا، إلى  جانب الذكور، في محاولةٍ لتحصيل متطلّبات الحياة اليومية التي تفرضها المعيشة في تركيا، بما في ذلك إيجارات المنازل وفواتير المياه والكهرباء والغاز والإنترنت، إلى جانب الأغذية والتعليم والطبابة والاتصالات والمواصلات.

يتحدّث هذا التقرير، عن الصعوبات التي تواجهها النساء الحوامل في تركيا سواء في سوق العمل أو داخل المنازل، والتي تصل بهنَّ إلى مرحلة الإنهاك الجسدي ما يؤثّر على صحّة الوالدة والمولود.

صعوبات في العمل

منذ أكثر من عام، تعمل الشابّة السورية حلا (29 عاماً) في متجر لبيع الأحذية النسائية، في مدينة إسطنبول، لدى حلا طفلان، وعندما أنجبتهما لم تكن تعمل حينها، لذلك فهو الحمل الأول لها المترافق مع العمل لساعات طويلة.

تقول حلا: "لا أحد يدرك التغيّرات والاضطرابات التي تصيب جسم الحامل إلا النساء اللواتي عشنَ هذه التجربة، فالمرأة في مرحلة الحمل تشهد أنواعاً مختلفة من المشاكل الصحّية والصعوبات في الحركة والإجهاد، الأمر الذي يزيد من مصاعب تلبية الواجبات اليومية".

تعمل الشابة صباحاً في المتجر، وتعود إلى البيت مساءً وأمامها ترسانة ضخمة من الواجبات المنزلية المتكدّسة التي لها علاقة بتنظيف المنزل وتلبية احتياجات الأطفال وصنع الطعام وغيرها.

وتحدّثت عن طبيعة عملها: "الجيّد في الأمر أن عملي لا يتطلّب مني حمل أوزان ثقيلة أو التعامل مع آلات ضخمة كما هو الحال بالنسبة للنساء اللواتي يعملن في المصانع الضخمة، ولكن أبرز مشكلة أعاني منها أنّني أضطر للوقوف كل يوم لساعات طويلة حتّى أكون جاهزة لاستقبال الزبائن في أي لحظة يدخلون فيها إلى المتجر، وفي بعض الأحيان يُطلب منّي التوجّه إلى الخارج وإلقاء التحيّة على أي شخص ينظر إلى واجهة المحل لأدفعه للدخول والشراء".

وأشارت إلى الصعوبة الكبيرة التي ترافق الوقوف على الأقدام لساعات طويلة مع فترات راحة قليلة، قائلةً: "قبل الحمل كان عبارة عن إجهاد عادي، وفي بدايات العمل بدأت أشعر بآلام شديدة في الجزء الخلفي من أقدامي، ولكن الآن انتقل الألم إلى أسفل الظهر، مع شعور بتضاعف وزن الجنين في أحشائي بسبب الضغط الشديد".

يأتي اضطرار حلا للعمل بشكلٍ رئيسي انطلاقاً من حاجتها لتأمين ظروف حياة جيّدة لأولادها، وهو الأمر الذي لم يتمكّن راتب زوجها من تحقيقه.

وتتابع: "أنا آمل أن يتم تطبيق القوانين في سوق العمل التركي بحيث تحترم خصوصية جسم المرأة خلال فترة الحمل، لأن غالبية النساء السوريات لا يجدن المعاملة اللائقة في سوق العمل" موضحةً أن غالبية أرباب العمل هم من الذكور، وهؤلاء يهمّهم بشكلٍ أساسي تسيير أعمالهم ولا يشعرون بالآلام والمصاعب التي تشعر بها المرأة خلال فترة الحمل، وكذلك الحال فهم غير مضطرين لمنحي إجازة مأجورة براتب خلال فترة الحمل لأنّهم بكل بساطة بإمكانهم البحث عن موظفة غيري بحيث يدفعون لها الراتب وهي على رأس عملها دون إجازات حمل أو أمومة

مجهود مضاعف

وتقع على كاهل النساء مسؤوليات مضافة داخل المنزل إضافةً إلى أعباء العمل ومجهوده، وهو ما تعانيه الثلاثينية سارة، التي تعمل لساعاتٍ طويلة في بيع أدوات تصفيف الشعر النسائي خارج المنزل لمدّة سبع ساعات يومياً، إضافةً إلى تحمّلها كافة أعباء المنزل ورعاية الأولاد.

تقول سارة: "قبل الحمل لم أكن أعاني من أي مشكلة رغم كل هذه الأعباء، ولكن في ظل تبعات فيروس كورونا وما خلّفها من إغلاق واضطراري للبقاء في المنزل لساعات طويلة وتعويضها في العمل، إضافةً للحمل أصبح الأمر لا يطاق".

وتشرح سارة أن هناك مشكلة في المجتمع تتمثّل في أن المرأة ملزمة بكل أعباء المنزل وأن الزوج لا يجب أن يشاركها، موضحةً أنّها تعمل داخل وخارج المنزل ومن حقّها الحصول على الراحة.

بسبب العمل ما يزيد عن ١٣ ساعة يومياً داخل وخارج سوريا حدثت مع سارة عدّة مشاكل خاصة بالحمل، واضطرت لزيارة طبيبتها عدّة مرات وتلقّي أدوية بسبب تثبيت الحمل، كما اضطرت إلى ترك عملها ولكن دون أجر قائلةً: "لم يقدّروا وضعي الصحّي وحملي فاضطررت لترك العمل".

بروتوكولات دولية في مهبّ الريح

ولا يبدو أن البروتوكولات الدولية التي تصون حق المرأة مطبّقة، سواء تلك الخاصة بتقاسم الأعباء داخل المنزل مع الشركاء الذكور، أو حتّى بحقوق المرأة خلال فترة الحمل.

ويعود ذلك بشكلٍ رئيسي إلى العادات الاجتماعية، التي تحصر كافة مسؤوليات المنزل بالمرأة دون أن تكلّف الزوج بشيء، حيث يغيب مبدأ تقاسم الأعباء المنزلية ورعاية الأولاد.

وتشير المادة الأولى من "إعلان القضاء علي التمييز ضد المرأة" الصادر موجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2263 في نوفمبر/ تشرين الثاني 1967، إلى أن "التمييز ضد المرأة، بإنكاره أو تقييد تساويها في الحقوق مع الرجل، يمثل إجحافاً أساسياً ويكون إهانة للكرامة الإنسانية".

ونصّت المادة الثانية على ضرورة اتخاذ جميع التدابير المناسبة لإلغاء القوانين والأعراف والأنظمة والممارسات القائمة التي تشكل تمييزاً ضد المرأة، ولتقرير الحماية القانونية الكافية لتساوي الرجل والمرأة في الحقوق.

وفيما يخص الأعباء المنزلية، أوضحت المادة السادسة من ذات القرار، أنه "تتساوى المرأة مع الرجل في الحقوق وأثناء قيام الزواج وعند حله، ويكون لمصلحة الأولاد في جميع الحالات الاعتبار الأول، كما يترتب للوالدين وعليهما حقوق وواجبات متساوية في الشؤون المتعلقة بأولادهما، ويكون لمصلحة الأولاد في جميع الحالات الاعتبار الأول" حسب الفقرة ج من ذات المادة.

وتطرّق هذا القرار إلى حقوق المرأة الحامل، حيث أشار الجزء الثاني من المادة العاشرة إلى أنّه "بغية منع التمييز ضد المرأة بسبب الزواج أو الحمل، وكفالة حقها الفعلي في العمل، تتخذ التدابير اللازمة لمنع فصلها في حالة الزواج أو الحمل، ولإعطائها إجازة أمومة مأجورة مع ضمان عودتها إلي عملها السابق، ولتوفير الخدمات الاجتماعية اللازمة لها بما في ذلك خدمات الحضانة".

الراحة المفقودة

تؤكّد الطبيبة صفاء سليمة المتخصّصة بالأمراض النسائية، أن الإرهاق هو العنوان العريض لحياة المرأة الحامل طيلة فترة حملها، لذلك فإن الراحلة وممارسة بعض العادات الصحّية المهمّة هي السبيل الوحيد، لكنّها أشارت إلى أن تلك العادات السليمة مفقودة بالنسبة للنساء اللواتي يعملن داخل وخارج المنزل إذ تمارس تلك النساء عادات حمل غير صحّية بحكم الظروف الشديدة التي تمر فيها.

وقالت سليمة: "خلال الشهرين الأولين من فترة الحمل، يبدأ الجسم بالتغيّر بصورة واضحة، حيث يفرز هرمونات تجعل المرأة الحامل تشعر بوهن عام بالجسم والنعاس المستمر، ما يجعل جسمها يطلب المزيد من الراحة، حيث ينخفض ضغط الدم ويؤثّر ذلك على طاقة الجسم والشعور المستمر بالإرهاق" موضحةً أن الحل الوحيد في هذه الحالة هو الراحة وتقليل الإجهاد قدر الإمكان.

أما خلال فترة الشهرين والستة أشهر من الحمل، يكون جسم المرأة قد بدأ يتأقلم مع الظرف الجديد، ولكن هذا لا يعني أن الإرهاق قد زال، بل تحوّل من تعب وإرهاب دائم إلى متقطّع، كما إن المرأة في هذه المرحلة عليها أن تمنح نفسها المزيد من الراحة والنوم لساعات كافية لأن هذه المرحلة تشهد بدء تكوّن الجنين وعلى المرأة أن تتعامل بعناية، حسب ذات الطبيبة.

وتابعت سليمة: "الفترة الممتدة من ستة إلى تسعة أشهر تكون مفصلية، حيث يزداد الإرهاق بالتزامن مع نمو الطفل، وتصبح الحامل بحاجة إلى مزيدٍ من النوم والراحة لساعاتٍ أطول، ما يتطلّب قيامها بمزيد من العادات الصحّية خلال فترة الحمل".

وتوضّح الطبيبة، أن فترات الإجهاد هذه خلال فترة الحمل، تتطلّب أن تكون المرأة حذرة في ساعات العمل اليومية، إضافةً إلى ضرورة تجنّب نمط الحياة اليومية المجهد مثل حمل أشياء ثقيلة أو القيام بأعمال مجهدة أو الوقوف لساعات طويلة بل على العكس يتطلّب الأمر الراحة والنوم وممارسة رياضات الحوامل بشكلٍ منتظم.

التعليقات (1)

    عمادالشاهر

    ·منذ سنتين 6 أشهر
    لماذا دائمن لاتذكرون البوحسوني مع انهم هم البيت الكبير بقبيلة الجبور
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات