أزمة الدواء بمناطق سيطرة الأسد.. أسعار خيالية وعقاقيرغير متوفرة

أزمة الدواء بمناطق سيطرة الأسد.. أسعار خيالية وعقاقيرغير متوفرة
يزداد عجز نظام أسد في تأمين حبة دواء للسوريين الذين يعيشون في مناطق سيطرته، حيث أنهكهم ارتفاع الأسعار وأصبح همهم الأكبر الحصول على رغيف خبز بسلام بينما صارت أقصى أحلام مريضهم توفير دواء ولو بسعر مضاعف، قد ينقذه من الموت أو يخفّف عنه بعض الأوجاع الكثيرة.

أزمة دواء تنذر بكارثة

 

"حياة شخص تتوقف عند انعدام دواء اسمه (ريتالين) في كل صيدليات دمشق والبديل عنه يسبب مضاعفات سيئة، ماذا يفعل المريض عندها سوى الرضوخ للأمر الواقع؟"،  بهذه الكلمات يحدثنا أحد المرضى من داخل مدينة دمشق بعد أن وصل لمرحلة العجز في الحصول على دوائه رغم توفر سعره  لكن الدواء بالأصل غير موجود.

ويبدي مريض آخر  يدعى أحمد استغرابه بشيء من الألم عندما يضطر أن يدفع كشفية لطبيب تصل إلى حوالي 15 ألف ل.س مقابل وصفة دوائية "سيتاكودئين"،  بسعر 2500 ل.س، عند صيدلية وزارة الصحة، في حين أن البديل  الأجنبي للدواء متوفر لكن بسعر 14 ألف ل.س، وهو رقم كبير جداً على سوريين متوسط دخلهم لا يتجاوز 100 ألف ليرة شهرياً.

بالمقابل ينتظر شاب مصاب بسرطان في الأمعاء  (٣٤ سنة)، ينتظر  الجرعات من تركيا عن طريق أحد أقاربه بسبب نفادها في مناطق سيطرة نظام أسد وطول مدة انتظاره للحصول على أدويته التي تجاوزت الأسابيع والأشهر  وعدم تجاوب الجمعيات الخيرية لعلاجه. 

المفاضلة بين الدواء والغذاء

 

ريم وهي مريضة سكّري تخبرنا أنها كانت تحصل على حصتها من الأنسولين من أحد المستوصفات في دمشق، ومنذ فترة لم تعد هذه المستوصفات قادرة على تأمين مادة الأنسولين لها وهي مكلفة، ما اضطرها لتوفير ثمن الأنسولين على حساب غذائها فحسب رأيها دواؤها أهم بكثير من الأكل والشرب بحسب وصفها. 

"نابروكس من الأدوية النادرة وهو مخصص للأعصاب والشركة الوحيدة المصدِّرة له أغلقت،  ولا يوجد بديل عنه ووالدتي بحاجة له وحتى الدواء الأجنبي أحياناً يصعب الحصول عليه ويكون غالياً جداً" بحسب ما أردف لنا شاب من داخل دمشق. 

ارتفاع أسعار الدواء يعمّق جراح السوريين 

ناهيك عن ارتفاع الأسعار الكبير، أكدت إحدى الصيدلانيات في حديثها لموقع أورينت انقطاع بعض الأدوية، منها دواء إميودارون (اسمه التجاري كوردان )، يستخدم لاضطراب نظام القلب لدى المريض الذي يعاني من قصور في القلب أو ذبحة قلبية وهو العلاج الوحيد لما سبق، في حين انقطع لفترة تجاوزت 6 أشهر، وتسعيرته بحدود الـ 2000 ليرة، وبلغت ضرورته لدرجة أن هناك مرضى ممكن أن يفقدوا حياتهم لعدم توفر دواء وهذا ما أكّده طبيب في مشفى الباسل حول وجود حالات وفاة بشكل يومي بسبب نفاد أدوية القلب بالإضافة لنقص كبير في بعض زمر الدم والصادات الحيوية وأدوية مرض الصرع. 

حالات تسول الأدوية 

بعض الأدوية إن توفرت فسعرها يقارب نصف راتب موظف بحسب ما قاله أحد الأطباء من داخل دمشق لموقع أورينت -نتحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية-، معتبراً أن الأسعار مرتفعة جداً من دون أي منطق وليس بمقدور المواطن تغطيتها وقد انتشرت الكثير من حالات تسول الأدوية من الأطباء والصيدليات وبالأخص أدوية الأطفال من خافضات الحرارة وأدوية التحسس وغيرها، مضيفاً أن هناك  ٨٠% من الشعب لا يملك ثمن الدواء لأنه أصبح تحت خط الفقر. 

رعاية بالحدّ الأدنى

  

 بالنسبة لمرض السرطان يرى الطبيب أنه سابقاً كان هناك رعاية بالحد الأدنى مثل تأمين الجرعات والإقامة بالمشفى للحالات الحرجة، بينما حاليا و بعد خروج الكثير من المرافق الصحية عن الخدمة خاصة بالأرياف وزيادة الضغط على القطاع الصحي، فإن معظم مرضى السرطان والكُلى لا يتلقون الرعاية ويحصلون على مواعيد بعد شهر أو شهرين أحياناً، ويغطون تكاليف ثمن الجرعات من حسابهم الخاص ناهيك على أن أسعار الجرعات الشهرية تتراوح بين 4 و5 مليون ل.س،  وغالبا ما يتم شراؤها عن طريق الأقارب من تركيا و مصر أو الأردن. 

غياب التوعية الصحية

 

فشل جديد لنظام أسد في عدم قدرة منظومته الصحية على تقديم الرعاية الكافية للمرضى إذ يؤكد الطبيب لموقع أورينت أن مرضى الكورونا لا يتلقون رعاية صحية أبداً ولا تتوفر لهم أماكن للعزل أو تلقي العلاج، في حين  سعر فحص pcr  بلغ 160 ألفاً في المركز بينما في المنزل قرابة 180 ألفاً، وهذا الرقم يمنع معظم الناس من إجراء الفحص، يضاف إلى ذلك عدم نشر توعية صحية كافية عن المرض، ما تسبب بتعامل الناس معه كمرض الكريب . 

معامل خرجت عن الخدمة

 

هناك الكثير من معامل الأدوية خرجت عن الخدمة خاصة معامل المنطقة الصناعية بحلب، إضافة لهجرة الكثير من أصحاب معامل الأدوية إلى مصر وأوروبا، في حين أن الاستيراد موجود طبعاً، لكن سعر الدواء يباع بالدولار بأرقام فلكية قد تصل إلى 5 أضعاف سعر الدواء المحلي، لذلك لا أحد يشتري دواء مستورداً إلا الأغنياء وأصحاب الأمراض الخطيرة.  

 

أدوية مستوردة مزوّرة 

يؤكد الطبيب أن هناك الكثير من الأدوية المستوردة المزورة (صناعة محلية بلصقات أجنبية مع غياب أي رقابة) لذلك فقد الناس الثقة بهذه الأدوية. 

وحول أرقام وفيات كورونا تحديداً لا يوجد جهة تعطي إحصاءات لكن بحسب الأطباء الموجودين بالمشافي الحكومية الرئيسية، يؤكدون أنه يومياً هناك حالات وفيات بسبب الوباء و قد تصل بدمشق إلى ٣٠حالة يومياً بالحد الأدنى، أما في مناطق أخرى مثل حمص وريف دمشق ودرعا والقنيطرة فالوضع أسوأ (نسبياً) وهناك أيضاً 15 إلى 20 حالة وفاة يومياً بكل من هذه المحافظات. 

اللقاحات بمناطق النظام تجرى عن طريق WHO بعدة نقاط بكل محافظة بمعدل  2000 جرعة يومياً لكل محافظة، 5000 جرعة لدمشق وبهذا العدد يجب الأخذ بعين الاعتبار أن اللقاح بجرعتين بحاجة لـ3 سنوات لتطعيم الفئات المطلوبة وبالتالي مخاطر الإصابة والعدوى ستستمر طويلاً. 

أهم التحديات 

 غياب التنسيق بين نقابة الصيادلة ووزارة الصحة أحد المعوقات برأي الصيدلانية، مضيفة: "فطلب تخفيض سعر للأدوية قد يصل للنقابة لكن ليس بالضرورة أن يصل لوزارة الصحة في حين أغلب العلاجات المزمنة التي يحتاجها المريض لفترات طويلة مقطوعة وهناك  أدوية قلبية شهدت فترة انقطاع كبيرة، ما أسفر عن سوء حالة المرضى وتراجع صحتهم بالإضافة للصادات الحيوية فتوفرها يكاد يكون قليلاً والغريب أنه فور ارتفاع سعر الدواء يصبح متوفراً". 

الأدوية ومشابهاتها تنقطع بآن معاً 

 تضيف الصيدلانية: "ما نلحظه أنه عند انقطاع صنف دوائي يتبعه انقطاع مشابهاته من الشركات الأخرى في نفس الوقت وبهذه الحالة إذا قبل المريض أخذ دواء بديل فالبديل أيضاً غير متوفر، والحجة جاهزة أن المادة الأولية غير متوفرة فهي تأتي مستوردة من الخارج بسبب انعدام مصدر المواد الأولية في البلد وإلى الآن.

سعر الدواء يوضع وفق سعر الصرف المركزي

 

وهناك فرق كبير بين سعر العملة بالمركزي وبين سعرها المتداول بالسوق، وذلك أحد الأسباب التي تفرض على معمل أدوية عدم الربح عبر طرحه للدواء بسعره الحالي بعد شراء مادته بالسعر المرتفع،  على حسب قولها. 

المريض يدفع زيادة ليحصل على دوائه

 

 أحياناً يكون الدواء متوفراً في المستودعات أو المعامل لكن نحن كصيادلة ننتظر أن يرتفع سعر الدواء من الوزارة، ليتوفر بالصيدليات أو يمكن عرض دواء بسعر حرّ دون فواتير نظامية وبهذه الحالة فالمريض المضطر على الدواء يدفع زيادة على السعر مقابل حصوله عليه. 

أو مثلاً نُضطر لشراء الدواء من المستودع نفسه بكمية كبيرة من دواء آخر كاسد وصلاحيته شارفت على الانتهاء لنحصل على علبة أو علبتين من دواء مقطوع.

 

غياب اطلاع الأطباء 

 قد يكون الطبيب غير مطلع على نوعية الأدوية المتوفرة بالصيدليات باعتقاد الصيدلانية،  لافتة إلى أنه "يمكن اعتبار الطبيب واحد من الأسباب التي تجعل المريض بلا دواء بمجرد أن يصف له دواء مع التشديد على المرضى بعدم أخذ البديل وهنا المريض يكون في وضع صعب" .

 

الأدوية المجانية 

أشارت الصيدلانية إلى وجود جمعيات تتكفل بتوزيع الدواء المجاني للمرضى بعد تقديم ثبوتيات تؤكد حاجتهم للدواء، يعني وصفة طبية دائمة مثلاً، وهذه الأدوية تطرحها إما شركات تتبرع بها أو عن طريق أشخاص توفرت لديهم أدوية لا يحتاجونها، وغيرهم ممن يتبرع للجمعية بمبالغ مالية، حيث تتكفل الجمعية بتأمين الأدوية وتقديمها بشكل أكبر  للمرضى المصابين بالأمراض المزمنة كأمراض الضغط والسكري إضافة للأمراض العصبية والغدد.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات