هل يُفلت مجرمو سوريا ولبنان من العقاب وما كلفة ذلك على العالم؟

هل يُفلت مجرمو سوريا ولبنان من العقاب وما كلفة ذلك على العالم؟
كتبت الإعلامية اللبنانية بارعة علم الدين مقالاً في صحيفة "العرب نيوز" تحدثت فيه عن إفلات المجرمين من العقاب، وقالت علم الدين: "كانت الأرامل والآباء المتظاهرون يحملون صوراً لأحبائهم المفقودين في انفجار ميناء بيروت بمثابة تذكير لا يُنسى الأسبوع الماضي، بسبب عدم تحمل الإفلات من العقاب أخلاقياً وعملياً، وعندما يكون للقتلة القدرة على عرقلة التحقيقات في جرائمهم، فإن ذلك يضمن أن الأجيال الجديدة ستعاني من الفجيعة".

وأضافت علم الدين أنّه في عام 1982، تظاهر العالم بعدم الانتباه عندما ذبح حافظ الأسد أكثر من 20 ألف سوري، وسُمح لابنه بقتل ما يقرب من مليون شخص، "بشار اليوم ليس لديه سوى سيطرة ضعيفة على سوريا، إنه لا يتمتع بالشرعية الشعبية، وهو مجبر على الرقص على أنغام فلاديمير بوتين والخامنئي، إذن على أيّ أساس يجب أن نتعامل مع مجرم الحرب هذا كقائد وطني؟".

ضعف الأسد إلى درجة أن مجموعة المرتزقة الروسية فاغنر تمكّنت من احتكار امتيازات النفط والغاز السورية، في حين أن الكيانات الإيرانية والروسية وميليشيا حزب الله تقتسم الاقتصاد بينها، وتحوّلت سوريا إلى دولة مصدِّرة للمخدرات من الكابتاغون والكريستال ميث والقنّب.

خلال منتصف العقد الأول من القرن الحالي، احتفى أمثال توني بلير ببشار وزوجته أسماء، في ذلك الوقت، سعوا بنشاط إلى نقل قشرة من الحداثة والبريق، وزرعوا أنفسهم على أنهم يمثلون فجراً جديداً لسوريا، وخلص مجموعة من الدبلوماسيين إلى أنه يجب التعامل مع الأسد كحل لجميع مشاكل المنطقة، حتى عندما أرسل مئات الجهاديين إلى العراق لقتل قوات التحالف، وتآمر مع حسن نصر الله لقتل رفيق الحريري وشخصيات وطنية لبنانية أخرى، في هذه الأيام، تقوم أسماء وعائلتها بسحب الخيوط بشكل انتقامي، وتصفية الحسابات مع المنافسين وإدامة السيطرة على القصر الرئاسي.

ومع ذلك، فإن اقتراح خط أنابيب غاز إلى لبنان عبر سوريا قد يكون أحد الوسائل القليلة القابلة للتطبيق بالنسبة إلى لبنان للوصول إلى الوقود الأساسي، لا يمكن حرمان لبنان من الموارد لمجرد أنه من المؤسف أن تطوقه دول يقودها فاشيو الإبادة الجماعية، ومع ذلك، يجب عدم السماح للأسد بالاستفادة مالياً أو سياسياً، على دول مثل الأردن والعراق ومصر ألا تتسرع في إعادة الأسد إلى الحظيرة العربية بينما يظل دمية في يد طهران.

استغلت موسكو احتمال أن تقدم أمريكا إعفاءات من العقوبات مقابل المضي قدماً في هذه الصفقة كمؤشر على انهيار التحالف المناهض للأسد، ومن هنا جاء بيان وزارة الخارجية القوي بشكل غير عادي بأن الولايات المتحدة لن "تطبّع" العلاقات معه، ومع ذلك، قد يكون الضرر حدث بالفعل، ليس سراً في الدوائر الدبلوماسية أن الرئيس بايدن يريد إخراج الولايات المتحدة من سوريا والعراق، مع قيام عناصر في حزبه بالضغط لتسريع مثل هذه الخطوة، وهذا يعني الاعتماد على الأسد لاحتواء داعش، ومع ذلك، أنشأ الأسد داعش، جزئياً من خلال فتح أبواب السجون المكدّسة المليئة بالجهاديين في عام 2011، وسيواصل استغلالهم لغايات خبيثة.

في كل مرة نتساءل عمّا إذا كان الوقت قد حان للتخفيف من مقاطعة الأسد، يجب أن نتذكر تلك الصور التي لا توصف والتي تم تهريبها من السجون حيث تمّ تعذيب عشرات الآلاف من السوريين الأبرياء بشكل منهجي حتى الموت، لا أحد يقول إن هتلر، أو مهندسي الإبادة الجماعية في رواندا، كان ينبغي إعادة تأهيلهم، لا أحد يجادل عندما يواجه موظفو معسكر الموت النازي من غير الأطفال العدالة في وقت متأخر، يجب ألا يختلف مصير الأسد وشركائه.

وبالمثل، أصبح لبنان هو تعريف الإفلات من العقاب، زعماء لبنان المجرمون يسرقون مليارات الدولارات، أفعالهم - أو تقاعسهم - تتسبب في مقتل المئات، يمكنهم ارتكاب الاغتيالات وجني الملايين من التجارة القاتلة في الأسلحة والمخدرات، لكن لا تتوقع منهم أن يواجهوا العدالة في أي وقت قريب، حتى وهم يدفعون الاقتصاد الوطني إلى الهاوية، بسبب الإخفاقات الإجرامية لقادتهم، يعيش 80٪ من اللبنانيين تحت خط الفقر، في ظل إضراب المعلمين الفقراء وتعطل الحافلات المدرسية بسبب نقص الوقود، فإن معظم الأطفال لا يذهبون حتى إلى المدرسة.

"أما فيما يتعلق بإيقاف القاضي بيطار عن التحقيق في انفجار الميناء، فقد تفاقم غضبنا لأنه كان متوقعاً للغاية، بالطبع، لن يسمح حزب الله وأعوانه أبداً بإحراز تقدم في تحقيق من شأنه إثبات مسؤوليتهم على عدة مستويات، وإذا انتهى التحقيق كما حدث مع اغتيال الحريري، فإن هؤلاء القتلة والعصابات الذين لا يمكن المساس بهم سيحتمون من العدالة، مهما كانت التكاليف على لبنان نفسه، أين الضغط من القادة الأجانب لتدويل هذا التحقيق، وبالتالي منع التخريب المتعمد لحزب الله؟".

يرى العديد من الدبلوماسيين أنّ العودة إلى العمل كالمعتاد مع الأسد وحزب الله ستجعل كل شيء أسهل، لكن بالنظر إلى الصورة الأكبر، فإن العكس هو الصحيح: يتعلم الدكتاتوريون من سوريا أنهم قد يذبحون مليون مواطن ويُفلتون من العقاب.

ربما لا يوجد مسار فوري لإزاحة الأسد، لكن يجب أن يعلم الطغاة في جميع أنحاء العالم - من ميانمار إلى بيلاروسيا، ومن إيران إلى إثيوبيا - أنهم إذا ذبحوا مواطنيهم، فإنهم يجعلون أنفسهم منبوذين بشكل لا رجعة فيه، وأفضل نتيجة ممكنة لهم هي زنزانة في لاهاي.

العدالة ليست رخيصة أو سهلة أبداً، لكن الكوكب الذي يصبح فيه الظلم أمراً طبيعياً يحمل تكاليف يصعب علينا فهمها.

التعليقات (1)

    عبد الله العلي

    ·منذ سنتين 6 أشهر
    العالم بشرقه وغربه منافق لا يحترم الإنسانيه عند الشعوب المستضعفة وخاصة المسلمون السنة فليس هنا نزاع في ارض أوقتل الا في أراضي السنة والدم السني هو الأرخص، فهذه الهند والصين تقتل بالمسلمين وتمزقهم ليل نهار وتحهجرهم من بيوتهم لتحبسهم بأقفاص كالحيوانات ولم يعترض احد ، وهذا النظام المجرم الذي تجاوز كل الخطوط الحمر وقتل وهجر الملايين يعود العالم لتاءهيله من جديد انه نفاق اخر الزمان، والغاية واضحة هي قهر الاسلام السني فقط، ربنا على الظالم ولا تحسبن الله غافلا عما يعملون
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات