تغريبتهم لم تنتهِ بعد.. السوريون يتركون خرائب الأسد أفواجا

تغريبتهم لم تنتهِ بعد.. السوريون يتركون خرائب الأسد أفواجا
كعادة بشار أسد منذ أن ورث حكم أقدم عاصمة في العالم يبيع السوريين وهماً وحديثاً لا أحد يعلم ماذا أراد من ورائه ومحاربة الفساد والتطوير والتحديث ناهيك عن المقاومة والصمود والتصدي ووصل به الحال إلى الحديث عن استعادة الجولان، وذهب بعض زبانيته إلى الحديث عن استعادة الأندلس!.

كلُّ تلك الأحاديث وقبل انطلاق الثورة كانت تمرُّ من آذان السوريين ولا أحد يُلقي لها بالاً، وحتى بعد انطلاق الثورة آثر قسمٌ كبير من السوريين على البقاء تحت حكم أسد وعصابته علّ الأوضاع تتحسن يوماً، غير أنّها -أي الأوضاع- لم تتحسن؛ بل حدث ما توقعه الكثيرون، وبدأت ليرة النظام تسقط سقوطاً حراً، ووقع السوريون المجبرون على البقاء تحت سيطرة أسد بين نار الغلاء داخلياً وإقفال الحدود خارجياً، لتبدأ موجة من الهروب الجماعي من ذلك النظام.

قبل أربعة أشهر وقُبيل مسرحية الانتخابات الهزليّة حاول النظام تأمين ولو الحد الأدنى من الخدمات، فالكهرباء على سبيل المثال صارت تأتي ثلاث ساعات وتُقطع ساعة واحدة فقط، وهو أمرٌ بدأت ماكينة أسد الإعلامية بالترويج له على أنّه "نصرٌ إلهي" وتمّ تأمين بعض من المواد الأوليّة في السوق السورية، وحافظت الليرة على سعر صرفها بأمرٍ من مخابرات أسد، وبالطبع جميع هذه الإنجازات كانت بتوجيه من القائد المُلهم، غير أنّه وبعد انتهاء تلك المسرحية، عاد الحال ليكون أسوأ مما كان عليه.

الشمال مقصد الفقراء

اكتشف المُجبرون على البقاء تحت حكومة نظام أسد ألا أمل لهم في الحياة في ظلِّ تلك السلطة، لتبدأ موجات من اللجوء كانت مصر وأربيل العراقية أهم وجهتين لهم بعد أن أغلقت لبنان والأردن حدودهما بوجه السوريين، غير أنّ تلك الوجهتين كانتا أكبر من طاقة الكثير من السوريين المالية، ليكون الشمال السوري المُحرر الأمل الأخير للسوريين الموجودين تحت سيطرة أسد للهروب من تلك المحرقة.

شبكة فرات بوست المحليّة قالت أول أمس إنّ نحو 5 آلاف شاب فروا من مناطق سيطرة نظام أسد بمحافظة دير الزور خلال الأيام القليلة الماضية، وتشهد المدينة موجة هجرة جماعية باتجاه الشمال السوري بسبب الظروف الاقتصادية والتجنيد الإجباري في مناطق سيطرة أسد.

عائلة مسيحية سوريّة وعدد من الشباب العلوي بعد أن ضاقت بهم السبل في مناطق سيطرة أسد اختاروا مناطق الشمال إمّا للاستقرار كما هو حال تلك العائلة التي وجدت الحرية هناك وقال ربُها إنّهم وجدوا الناس أحراراً هناك، أو كان الشمال ممراً لهم للهروب من محرقة الأسد، للوصول إلى دولة تحترم أدنى حقوق الإنسان بعيداً عن أسد وميليشياته.

اقتصاد مُتهالك

أكثر من ذلك؛ أعلن عضو اتحاد غرف الصناعة في نظام أسد وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة حلب المهندس مجد شاشمان مؤكداً أنّ ما يقارب 47 ألف صناعي سوري غادروا مدينتي دمشق وحلب إلى خارج سوريا، لأسباب مرتبطة بالوضع الاقتصادي، مُشيراً إلى أنّ ما يقارب 19 ألف صناعي غادروا مدينة حلب و28 ألفاً غادروا مدينة دمشق خلال الأسبوعين الماضيين.

وأورد شاشمان عدّة أسباب لهجرة الصناعيين من مناطق سيطرة أسد لعلّ أبرزها واقع الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات وارتفاع تكلفة الإنتاج وصعوبة تأهيل المعامل، التي كبّدت المنتجين أعباءً كبيرة وأثّرت على تنافسية المنتج السوري خارجياً، مُشيراً إلى أنّ رؤوس الأموال وأصحاب المشاريع في حلب فقدوا الأمل من انتظار تحسن الأوضاع، بالتالي بدأ البعض يفكر بالمغادرة لا سيما مع توافر فرص استثمارية جيدة في أماكن أخرى كمصر وأربيل.

ويعتقد الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي في حديث لأورينت وجود عدّة عوامل لعبت دوراً هاماً في خروج الصناعيين من المدن السورية الواقعة تحت سيطرة النظام وحلب بشكل خاص، أولها عدم الاهتمام بالبنية التحتية اللازمة لتشغيل المصانع وتحريك عجلة الصناعة في سوريا كالكهرباء وأسعار المحروقات والخدمات الأخرى، مع التنويه بأنّ نظام أسد المتهالك عاجز عن تأمين كل ما هو لازم لذلك.

هوليود السورية

طُرقٌ عدّة يصفها من تمكّن من الوصول إلى برِّ الأمان بأنّها طُرقات موتٍ، وأنّ رحلتها عبرها كانت عبارة عن قصّة هروبٍ هوليودية، فأحدهم اختار بيلاروسيا لتكون مُنطلقاً لرحلته للوصول إلى أوروبا الغربيّة، وآخر ركب البحر من طرطوس للوصول إلى جزيرة قبرص التي أعلنت في وقتٍ سابق حالة التأهب القصوى بعد موجات نزوحٍ بدأت مع بداية مسرحية الانتخابات.

أحد الناجين من تلك الرحلات الهوليودية يقول لأورينت إنّهم توجهوا إلى مدينة أدرنة التركيّة: "مكثنا في الغابات يومين، وبعدها تقرر عبورنا إلى الجانب اليوناني عبر النهر، كانت تكلفة عبور النهر 100 يورو ، وبعد العبور بدأنا السير داخل غابات في الجانب اليوناني، وفجأة ظهر لنا عشرات الجنود كما لو أننا وقعنا في كمين، وجرى ضربنا بشكل مبرح ومصادرة ما نحمله من أمتعة ومؤونة، لقد جرى تجريدنا من كل شيء وتم رمينا في نهر (ميريتش) الفاصل بين تركيا واليونان، وبعد محاولات ورجاء كبير لحرس الحدود التركي وافقوا على دخولنا وعدنا مرة أخرى إلى تركيا".

الحقيقة التي يعرفها الجميع في سوريا ولا سيما المُجبرين على البقاء تحت سيطرة أسد أنّه لا يُمكن أن تكون سوريا كما نُريد مع بقاء بشار الأسد على رأس السلطة، فالمشكلة لم تكن أبداً بمن هم حوله، دائماً كان هو المشكلة، أمّا ما يُحاول ذلك النظام ترويجه من أنّ المشكلة في الحكومة أو برئيس الحكومة ووزير الكهرباء أو وزير التجارة الداخلية أو أو أو، هي ذرائع واهية سقطت مع أوّل اختبار في العام 2011.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات