كورونا يفتك بمناطق أسد والشمال المحرر على شفير الهاوية (صور)

كورونا يفتك بمناطق أسد والشمال المحرر على شفير الهاوية (صور)
تختلف أعداد المصابين بموجة المتحور الجديد من فيروس كورونا (دلتا) بين مناطق نفوذ القوى المسيطرة على الأراضي السورية (قسد في الشمال الشرقي والمعارضة في الشمال الغربي ومناطق سيطرة النظام)، وتصعّب البيئة العامة من عملية الإحصاء الدقيق لأسباب مختلفة، كما تختلف القرارات والإجراءات المتبعة للحد من تفشي الفيروس، إلا أن ما هو ثابت تسبب الموجة الرابعة من الجائحة بانهيار القطاع الطبي في عموم سوريا.

شكوك في أرقام مناطق أسد

وسجلت مناطق سيطرة أسد خلال الأيام الأخيرة الماضية ارتفاعاً كبيراً بعدد الإصابات مع الكشف عن وصول معدل الإصابات المسجلة إلى 250 إصابة يومياً خلال الأسبوع الماضي، ما دفع الجهات الطبية إلى دق ناقوس الخطر، والتحذير من خروج الجائحة عن السيطرة.

وشهد يوم الجمعة الماضي تسجيل حصيلة هي الأعلى منذ انتشار الوباء عام 2020، مع الإعلان عن إصابة 397 شخصاً، ليرتفع الرقم الإجمالي لعدد المصابين إلى 32138،  في حين بلغ عدد الوفيات 2187 بعد تسجيل 15 حالة وفاة جديدة، فيما أعلنت وزارة الصحة التابعة للنظام قبل نحو أسبوع أنّ نسبة إشغال أسرّة العناية المركّزة بمرضى كورونا في المشافي المخصصة للوباء بدمشق بلغت 100 بالمئة.

ويشكك كثير من السوريين في الإحصاءات الصادرة عن حكومة أسد، حيث تقدم أرقاماً منخفضة جداً لعدد الإصابات، بينما تكشف وسائل الإعلام المقربة من النظام وأخرى محلية عن أعداد أكبر بكثير من المعلنة، على صعيد الإصابات أو الوفيات.

 ويؤكد الطبيب أ. ن في حلب خلال حديثه لـ"أورينت" أن الحصيلة المعلن عنها أقل بكثير من الأرقام الحقيقية للمصابين، ويوضح أن الرقم الكلي الذي أعلنته وزارة الصحة لا يصل إلى الرقم الحقيقي من نسبة المصابين في مدينة حلب وحدها، وهي من المدن التي يعد معدل الإصابة فيها أقل من دمشق، نظراً لفارق الكثافة السكانية في العاصمة.

ويقول أيضاً: بالنسبة إلى عملي في أحد مستوصفات المدينة، فإن معدل المراجعين يتراوح بين 20_40 مصاباً يومياً، فضلاً عن عملي في العيادة الخاصة، حيث تبلغ النسبة بين 8_20 مصاباً، وغالبية هؤلاء يتلقّون العلاج المنزلي، إذ لا تتم سوى إحالة الحالات الحرجة جداً إلى المشافي.

ويشير إلى أن "النسبة الأكبر من المصابين يكونون خارج دائرة التوثيق، بناءً على تلقيهم العلاج المنزلي، بالإضافة إلى من تعتبر إصابته خفيفة، أو من يجدون أنفسهم غير مضطرين إلى اجراء الفحوصات".

تحذير من تدهور الوضع في الشمال

الأمر ذاته ينطبق أيضاً على مناطق شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة، حيث أعلنت المؤسسات الطبية والإنسانية المختصة، إشغال كامل الأسرّة في المشافي ومراكز العزل الصحي البالغ عددها 26 مركزاً.

وبحسب آخر حصيلة أعلنتها المؤسسات المعنية بالتصدي للوباء، فقد بلغت حصيلة الإصابات 67665، بعد تسجيل 1167 إصابة يوم الجمعة الماضي، في حين ارتفع عدد الوفيات إلى 1093 حالة، بحسب وزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة والدفاع المدني السوري.

وفي تصريح خاص لموقع "أورينت"، حذر وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة الدكتور "مرام الشيخ"، من أن "المنطقة الآن دخلت بالموجة الثانية و تصعد باتجاه ذروة جديدة أشد من الذروة التي حصلت في الشهرين 11 و 12 من عام 2020". 

وقال أيضاً: لوحظ ارتفاع بالحالات بمعدل 50 إصابة في اليوم خلال شهري حزيران و تموز الماضيين بعد أن انحسرت الإصابات لتصل إلى صفر حالة يومياً أو بما لا يتجاوز 10 حالات يومياً في الفترة بين شباط وحزيران 2021، ثم عادت الحالات للانخفاض في الأسبوع الأول من شهر آب، قبل أن ترتفع بشكل حاد لتصل إلى معدل 75-95 إصابة يومياً، ثم قفزت قفزة واضحة لتصل لحوالي 1000 إصابة باليوم في آخر أسبوعين، و تتجاوز حد 1500 حالة جديدة في اليوم خلال الشهر المنصرم.

وعن الوضع الطبي في مراكز العزل يجيب الشيخ: "ارتفعت بشكل حاد وواضح نسب الإشغال في مراكز العزل (البالغ عددها 15 مركزاً)، و مشافي العزل (البالغ عددها 11 مشفى) سواءٌ في الأجنحة (حيث يوجد 355 سريراً بالمجموع) و العناية المشددة (حيث لدينا 173 سريراً مع 157 جهاز تنفس اصطناعي) لتصل نسب الإشغال إلى 100% في معظم المنشآت، مع ملاحظة أن الارتفاع في حالات التهوية الاصطناعية كان أقل مقارنةً بحالات الاستشفاء العادية الخفيفة والمتوسطة.

وأوضح أن الأزمة الحالية تزامنت مع انتهاء التمويل للعديد من مراكز العزل المجتمعي، ما أدى إلى إغلاق حوالي عشرة مراكز خلال الشهور الثلاثة الأخيرة ليبقى فقط 15 مركز عزل من أصل 34 مركزاً، بإجمالي عدد أسرّة حوالي 780، بالإضافة إلى المشافي العشرة بقدرة استيعابية 355 سرير جناح و173 سرير عناية مشددة، مع 157 جهاز تنفس آلي فقط، مشيراً إلى أن هذه المراكز "تقدم  خدمات الحجر و العزل و العلاج للحالات المشتبهة و المؤكدة التي تظهر عليها أعراض متوسطة و شديدة وحرجة، بالإضافة لخدمة إجراء المسحات".

معدل وفيات مرتفع

الأرقام الرسمية لحصيلة الإصابات والوفيات في سوريا عموماً، تكشف عن ارتفاع معدل الوفيات مقارنة ببقية دول العالم، التي حددتها منظمة الصحة العالمية سابقاً بنصف في المئة، الأمر الذي أعاد التساؤلات عن حقيقة الأوضاع الطبية في سوريا.

ويعتبر معدل الوفيات في مناطق أسد مرتفعاً جداً بالنسبة إلى عدد الإصابات الموثقة، ويقدر بنحو 7 في المئة، وهو معدل كبير مقارنة بالمعدل الوسطي لحالات الوفاة في بقية المناطق السورية، إذ تبلغ نسبة الوفيات بمناطق قسد نحو 3 بالمئة في حين لا يتجاوز المعدل الوسطي في مناطق سيطرة المعارضة 2,3، وهي أقل نسبة وفيات في أنحاء سوريا مقارنة بمعدل الإصابة، ومع ذلك، تبقى أعلى من المعدل العالمي.

ويوضح الطبيب حمزة مروح عضو المجلس العلمي للأمراض القلبية، أن نقص مولدات الأوكسجين الذي تعاني منه جميع المناطق السورية، يعتبر السبب المباشر في ارتفاع معدل الوفيات في عموم سوريا، إضافة إلى قلة المشافي المتخصصة بالوباء، إذ إن جميع المراكز ممتلئة ولم يعد هناك مكان لمصابين جدد.

ويقول: يعتبر الاكتظاظ السكاني وعدم تطبيق الإجراءات الوقائية من أبرز العوامل المساهمة في تفشي الوباء، خاصة في الشمال السوري الذي يعد من أكثر المناطق كثافة بالسكان، حيث تتركز التجمعات السكانية في المخيمات، وهو ما يساعد على انتشار الوباء بمعدل متسارع. 

وعن الحلول المفترضة لتدارك الموقف الحالي وتحسين المؤشر الوبائي، يقول الطبيب مروح: يجب العمل على زيادة الدعم المخصص لمراكز الاستجابة، وزيادة عددها، من خلال تخصيص أقسام في جميع المشافي العامة والخاصة وتحويلها إلى مراكز علاجية، إذ إن المشافي الخاصة ترفض استقبال المصابين. إضافة إلى فرض التدابير الوقائية على السكان، بما أن تجاوبهم ضعيف جداً على مستوى ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي وفض التجمعات. 

إقبال ضعيف على اللقاح

ويشدد مروح على ضرورة أخذ اللقاحات، حيث إن "الإقبال على التلقيح لا يزال ضعيفاً ودون الحد المأمول".

وبحسب وزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة، فقد بلغ عدد الجرعات المعطاة للسكان حوالي 123828 جرعة تم تلقيح 102080 شخصاً بها، منهم حوالي 21748 شخصاً تلقوا جرعتين كاملتين، والباقي حوالي 80332 تلقوا جرعة واحدة.

 كما بلغت نسبة متلقي اللقاح في مناطق سيطرة أسد مايقارب 80 ألف شخص، ضمن الحملة التي أطلقتها وزارة الصحة، بمعدل لا يتجاوز 4 في المئة من مجموع السكان، في ظل الحديث عن رفض الغالبية تلقي اللقاح ومنهم عاملون بالقطاع الصحي.

فيما يبقى غياب الشفافية عائقاً أساسياً يحجب واقع الإصابات على امتداد الأراضي السورية التي سجلت ارتفاعاً كبيراً منذ بدء انتشار متحور دلتا، في ظل تدهور واضح في البنية التحتية الطبية، الأمر الذي يتطلب اتخاذ إجراءات صارمة والتزام السكان بالتدابير الوقائية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات