بدايةً لماذا فيلم (فارس الحلو..الخروج عن النص) فيلم تسجيلي؟!
لأنه يجسدالواقع بكل تفاصيله وأبعاده، مكتسباً ميزة النوع الإعلامي، والبحث في الواقع هو هدف مشترك للإعلام والفيلم التسجيلي. وكذلك يعالج الفيلم الواقع بأسلوب فني ويرصد حياة المجتمع الديناميكية، بشكل مؤثر ومقنع، يحاول الفيلم مداعبة عقلنا وقلبنا وذاكرتنا.
الإقناع
لغة التواصل هي فكرة ومضمون مراد توصيله للمتلقي، وهي جوهر الفيلم، فارس الحلو فنان سوري معروف يصدح مع السوريين "الله أكبر حرية" و"خاسر خاسر النظام السوري خاسر". تصل هنا الرسالة بطريقة مفهومة للمتلقي، وهو ما يحتاجه المتلقي السوري اليوم، الخبرات والتجارب والجوانب السيكولوجية، أشياء تضفي على حركة الكاميرا واللغة البصرية واللغة الحوارية تشكلات جمالية بالمعنى البصري.
المعالجة تتناول قضية فنان وكوميدي سوري هو فارس الحلو، حيث يخرج عن صمت باقي الفنانين، هنا حركة كاميرا المخرج السوري رامي فرح، ترصد هذه الشخصية منذ البدايات، تقدم صورة للثورة مغايرة عن تصنيفها كصراع سياسي، وكيفية المعالجة. والمضمون هنا فنان يخوض معركته الشخصية ضد النظام الحاكم على إيقاع ثورة شعب واقف.
جوهر الفيلم
يُعد الفرنسيون أول من استخدموا مصطلح الأفلام التسجيلية عام 1916، يعتمد المخرج رامي فرح على الواقع من منظور واقعية الفنان فارس الحلو، وتمثيله للواقع بحوادث جرت وتجري، الحلو يزور عزاء لشهداء الثورة في القابون، قبلها خرج بالتظاهرات الحاشدة؛ هنا تنقلب حياة الحلو، رأساً على عقب، يطارَد من قبل الأمن والشبيحة، والجيش الإلكتروني للنظام ينشر عنوانه وأرقام تلفوناته وعائلته، ليكونوا موضعاً للمضايقات المباشرة.
الفيلم على الرغم من كونه تسجيلاً لا يحتاج أداء ممثلين، رغم ذلك تشعر حينما يؤدي ويتحدث الحلو، تشعر نفسك أمام ومضات سينمائية روائية. لا يحتاج الحلو حب الظهور والإعلام، لذلك لا يتوخى الربح الشخصي، بل يتوخى أن يربح المتلقي. الفيلم التسجيلي لا يحتاج الكثير من النقود، ولا يجلب الكثير من النقود؛ هذا عكس الحاصل في ربح الفيلم المتناول. الفيلم من إنتاج ليانا صالح، وسيني بيرجي سنوريسن وسيندي لوتامبليه. وقد حظي بدعم جهات عديدة أبرزها: مؤسسة صنداش غير الربحية، برنامج الأفلام الوثائقية التابع للمجتمع المفتوح، ومؤسسة الدوحة للأفلام، والصندوق العربي للثقافة والفنون.
في نفس الوقت؛ اعتمد الفيلم التسجيلي على التنقل، حيث نجد في بداية الفيلم مقطعاً من الأرشيف، يرمز لديكتاتورية النظام الحاكم، وملاحظة الفرق بين الماضي والحاضر، الماضي المرعب والحاضر المنتفض على الماضي من خلال شخصية جديرة أن تُروى بصرياً وإعلامياً.
عيوب وثقوب
وما يُعاب على الفيلم غياب بعض المشاهد الحية والوقائع الحقيقية، على حساب اصطناع بيئة مؤلفة أو مجسدة. ناهيك عن محدودية التواصل بين الحلو وثقافته الواسعة من جهة واستجواب الكاميرا الذي بقي قاصراً على استنطاق الحلو في العمق من جهة أخرى.
يحاول مخرج الفيلم رامي فرح في بعض الوقائع الحية إبعاد المناظر المصطنعة، وتظهير المشاهد الحية بأمانة، لكنها محاولة تبقى رهن الشخصية المتناولة. تلك الشخصية الاحترافية التي رقعت الثقوب السوداء لكاميرا المخرج والبقاء على السطح لكن بعيداً عن هذه الملاحظات يبقى فيلم (فارس الحلو..الخروج عن النص)، مادة منتقاة بعناية بسبب خصوصية بطلها وعناده، وهي ترمز للصراع بين طلاقة الحرية المنشودة وثقل الاستبداد المرعب، وأحد أبطالها الأحياء الفنان والكوميدي السوري فارس الحلو.. الذي يخرج هنا على نص الاستبداد والحكم الشمولي لا على نص مخرج أو كاتب في مسلسل أو فيلم.
التعليقات (2)