وكالة سانا التابعة لنظام أسد ذهبت أبعد من ذلك في الترويج لتلك الزيارة، مُدّعيةً أنّها أتت بناء على دعوة من الجانب الأردني، وقالت الوكالة في تعليقها على الزيارة إنّه تمّ بحث علاقات التعاون بين جيشي "البلدين الشقيقين" وآفاق تطويره والتأكيد على أهمية التنسيق حول القضايا المشتركة التي تهم البلدين، ولا سيما في مجال مكافحة الإرهاب وضبط الحدود.
أما الوكالة الأردنية فأكّدت أنّ البحث ركّز على الأوضاع في الجنوب السوري، ومكافحة الإرهاب والجهود المشتركة لمواجهة عمليات التهريب عبر الحدود، خاصة تهريب المخدرات والتنسيق في مجال أمن الحدود.
الزيارة وكما أُسلف لقيت ترويجاً كبيراً في الإعلام الموالي لنظام أسد، غير أنّها -أي الزيارة- لم تلقَ أيّ اهتمام من الجانب الأردني، باستثناء خبر مُقتضب نشرته وكالة الأنباء الأردنية بترا، وكررته صحيفة الرأي، فيما لم تنشر بقيّة الصحف الأردنية أيَّ شيء عن تلك الزيارة.
المُتابع لمسار الأحداث في جنوب سوريا خلال الأشهر الثلاثة الماضية يخرج بخلاصة أنّ ما جرى هناك كان مخطط له منذ زيارة الملك الأردني للولايات المتحدة الأمريكية وبعدها روسيا، وأنّ كافة الأحداث في الجنوب من هجوم للعصابات الإرهابية الموالية لإيران على أهل درعا وتهجير قسم منهم، وانتهاك اتفاقية تسوية 2018، ما كان إلّا ضمن هذا الاتجاه، واليوم تأتي زيارة وزير دفاع أسد تتويجاً لهذا المسار.
المحلل الاستراتيجي العقيد أحمد حمادة أكد لأورينت أنّه وفي الآونة الأخيرة لوحظ تقارب بين النظامين في عمّان ودمشق، وكان الملف الاقتصادي هو الطاغي على ذلك التقارب، إضافة لمسألة فتح المعابر بين الدولتين وخطوط الغاز والكهرباء العابرة إلى لبنان عبر سوريا.
ويعتقد حمادة أنّ زيارة وزير دفاع نظام أسد ولقاءه مع رئيس هيئة الأركان يوسف الحنيطي والتي أتت بعد التسوية الجديدة واستمرارها في مدينة درعا جنوب سوريا، يحمل معه أخباراً تخصُّ التنسيق على الحدود الممتدة من وادي اليرموك حتى مثلث الحدود.
وأشار حمادة إلى أنّ نظام أسد والميليشيات المرتبطة بإيران تحاول تهريب المخدرات إلى الأردن ومنها إلى دول الخليج العربي، وبالطبع فإنّ هذه المسألة ستكون حاضرة بقوّة في ذلك الاجتماع، إضافةً إلى المخاوف الأردنية من وجود ميليشيات إيرانية على الحدود السورية الأردنية، وعلى هذا الأساس فإنّ البحث سيكون أمنيّاً لضبط الحدود.
إذن؛ فنظام أسد يبحث عن أي حدث مهما كان صغيراً في محاولة منه للترويج على أنّه انتصارٌ لنهجه في قتل السوريين، وانتصار لمحور الشر المسمى محور المقاومة، وكل التهليل في إعلامه لتلك الزيارة لا يعدو عن كونه محاولة لترويج إشاعات عن تطبيع المجتمع الدولي معه، وما زيارة عمّان إلّا البداية، غير أنّ واقع الحال يؤكد أنّ استدعاء عمّان لوزير دفاع أسد هو للتنسيق فيما أقرّه الأمريكي والروسي فيما يخصُّ نقل الغاز إلى لبنان.
التعليقات (4)