هل اقترب الروس والأمريكان من الاتفاق في سورية؟

هل اقترب الروس والأمريكان من الاتفاق في سورية؟
نعاني كسوريين من نقص حاد في الشفافية، ما يجعلنا غائبين ليس عن كثير من تفاصيل اتفاقات الدول المتدخلة في الشأن السوري، بل وحتى عما يجري في اللقاءات بين زعماء ومسؤولي هذه الدول، الأمر الذي يترك حلقات مفقودة لدينا تعقّد قدرة الجميع على استيعاب التطورات.

لا يمكن القول إن هناك اتفاقات ناجزة بين هذه الدول حتى الآن، وكل ما يمكننا الحديث عنه هو توافقات تنتظر نضوج المسألة، التي لا يمكن أن تنضج طالما أن المتحكمين بنارها يتلاعبون بشكل فوضوي، ما يجعل غالب التدخلات، سواء السياسية والعسكرية حتى اليوم، تدخلات سلبية يهدف كل طرف من خلالها إلى التشويش على تدخلات الآخرين، وفي هذا الإطار يمكن وضع الحراك الدبلوماسي الأخير الذي شهدته القضية السورية، دون الاستهانة بما يمكن أن ينتج عنه بطبيعة الحال.

لا يمكن القول إن هناك اتفاقات ناجزة بين هذه الدول حتى الآن، وكل ما يمكننا الحديث عنه هو توافقات تنتظر نضوج المسألة، التي لا يمكن أن تنضج طالما أن المتحكمين بنارها يتلاعبون بشكل فوضوي

كان مفاجئاً على المستوى الإعلامي لقاء وزير خارجية تركيا مع رؤساء مؤسسات المعارضة الرئيسية الثلاث يوم الجمعة الماضي، وتصريحه اللافت أن "الائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة وهيئة التفاوض هي الممثل الشرعي للشعب السوري". تصريح بدا لحظتها خارج أي سياق، لكن انفجار الحراك الدبلوماسي على إثر هذا اللقاء أظهر أن الاجتماع والتصريح لم يأتيا بدون مناسبة.

فبعد يومين فقط استدعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشار الأسد إلى قصر الكرملين، ليجدد من هناك موقف موسكو التقليدي بدعم النظام واعتباره السلطة السورية "الشرعية" في موقف لا يمكن فصله قطعاً عن الموقف التركي المناقض.

لم تدعُ أنقرة قادة المعارضة الرسمية بشكل عبثي، و بالتأكيد كانت قد اطلعت على شيء يجري تداوله بما لا يتفق وموقفها أو مصالحها، بين كل من واشنطن وموسكو، اللتين يفترض أن تعقدا اجتماع لجنتهما المشتركة خلال وقت قصير لبحث القضية السورية، تنفيذاً لتوافقات بوتين-بايدن التي تفاهما عليها في لقاء القمة الذي جمعهما بجنيف في يونيو/حزيران الماضي.

وعليه لن يكون الحديث عن استئناف أعمال اللجنة الدستورية، الذي عاد إلى الواجهة مجدداً من خلال اللقاءات التي عقدها المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسون، مع كل من وزير خارجية النظام في دمشق وقادة المعارضة في تركيا، سوى محاولة من قبل الدول الكبرى والإقليمية لإشغال السوريين بقضية باتت مستهلكة، في الوقت الذي تعمل من خلاله هذه القوى على استكمال ترتيبات توافقها وتبدو عصية.

 الحديث عن استئناف أعمال اللجنة الدستورية، الذي عاد إلى الواجهة مجدداً من خلال اللقاءات التي عقدها المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسون، ليس سوى محاولة من قبل الدول الكبرى والإقليمية لإشغال السوريين بقضية باتت مستهلكة

قد يكون من حسن حظ السوريين، وللمرة الأولى اليوم، وجود خمس دول تتنافس على بلادهم، وهو أمر سيئ من حيث المبدأ، بما فرضه من تعقيدات أخرت الحل، لكن هذا التنافس وما يحدثه من تضارب في مصالح هذه الدول، حتى تلك التي تبدو متحالفة، مثل روسيا وإيران، أو إسرائيل وأمريكا، سيدفع بعضها وربما كلها إلى عرقلة تطبيقات غير متوازنة، وربما لا يكون بعيداً ذلك اليوم الذي يفضح بعضها بعضاً، ويكشف تفاصيل دور كل منها في المأساة السورية.

لكن انتظار ذلك اليوم، بل حتى لو حل غداً  ترفٌ لا يملكه السوريون، وسيكون في النهاية تحصيل حاصل حتى لو حمل ما يقدم أو يؤخر، فالمهم بالنسبة لنا هو البحث عما يمكن لنا القيام به من أجل الاستفادة من تناقضات بل وصراعات الدول المتنافسة من أجل تحصيل أفضل المكاسب، وهو أمر لا يبدو اليوم وارداً في ظل ارتهان مختلف الأطراف السورية.

بل ما يلفت الانتباه أن النظام يُبدي جرأة أكبر في محاولة الاستفادة من هذه التناقضات وبعض الخلافات بين حليفتيه روسيا وإيران، ما يستدعي بين الحين والآخر استدعاء قادته إلى موسكو وطهران، أو إرسال الدولتين مندوبين عنهما إلى دمشق وهم يحملون عصا الترهيب أو التأديب، بينما وضعت المعارضة الرسمية كل بيضها في سلة الحليف التركي.

 النظام يُبدي جرأة أكبر في محاولة الاستفادة من  التناقضات وبعض الخلافات بين حليفتيه روسيا وإيران، ما يستدعي بين الحين والآخر استدعاء قادته إلى موسكو وطهران، أو إرسال الدولتين مندوبين عنهما إلى دمشق وهم يحملون عصا الترهيب أو التأديب

سيحاجج الكثيرون أن المعارضة لم تفعل ذلك إلا مضطرة، وهو صحيح نسبياً، كما يمكن سرد العديد من فوائد هذا الخيار، وهو صحيح أيضاً، لكنه خيار كان له سلبيات باتت واضحة حتى للجانب التركي نفسه، الذي وجد نفسه اليوم يخوض معركته السورية وحيداً تقريباً بمواجهة روسيا وإيران الشرستين، وبشكل غير مباشر ضد الولايات المتحدة وأوربا اللتين ظهر مدى اختلاف أجندتهما مع الأجندة التركية وتطلعات المعارضة السورية، ما استدعى إعادة الانفتاح على المحيط العربي، ليس من أجل المعركة السورية وحسب، بل ومختلف الملفات الإقليمية، وهو انفتاح من الواضح مدى تسارعه، ما يدل على وجود ترتيبات قد تبدو قريبة من الإنجاز ولا تريد أنقرة أن تكون على حسابها.

نحن إذن أمام تطورات تفرض على المعارضة وضع حد لطفولية تصرفاتها وتغير سلوكها السياسي، لكن هل تستطيع وفق واقعها الراهن القيام بذلك؟ بالطبع لا.. وعليه لن يبقى أمام هذه المعارضة إلا التمسك بالحد الأدنى من تطلعات الشعب السوري ومطالبه، وعدم منح الدول المتداخلة توقيعها على ما ينتقص من هذه المطالب والتطلعات في حال كان هناك ترتيبات يتم الإعداد لها حالياً، ولا يمكن لأحد من السوريين الزعم أنه مطلع عليها، بمن فيهم النظام وكل المعارضات.

التعليقات (2)

    جلجامش بن اوروك

    ·منذ سنتين 6 أشهر
    وهل بينهما خلاف حتى يختلفا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!

    ماجد

    ·منذ سنتين 6 أشهر
    كذابين كلهم تحالفوا مع ابليس ضد الشام..لكن النصر قريب بعون الله
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات