ففي الأمس، وفي ساحة التحرير في صنعاء قامت الميليشيات الحوثية البربارية المتوحشة بإعدام تسعة أفراد بينهم طفل قاصر، وأمام مئات من الناس بتهمة اغتيال أحد زعمائهم، مع أن المقتول راح بقصف جوي، ولَم يقتل بفعل بشري مباشر.
إن مشهد إعدام السبعة بالرصاص وهم مرميون على الأرض، والجزار يصوب بندقيته إلى رؤوسهم أمر يطعن القلب. وقبلها قامت ميليشيا حزب الله العراقي باغتيال مثقفين وصحفيين لا يملكون إلا أقلامهم وألسنتهم.
وفي لبنان لا تمضي شهور إلا ويغتال أفراد ميليشيا حزب الله بأمر زعيمهم الدموي حسن نصر الله رجال الفكر والسياسة، وهذه البربارية والتوحش هي استراتيجية انتهجها الحزب منذ اغتيال حسين مرة ومهدي عامل مروراً باغتيال الحريري، وانتهاءً باغتيال المفكر لقمان سليم.
وفي سوريا حيث تبارت الجماعة الحاكمة وميليشيا داعش والنصرة أيهما أكثر بربرية وتوحشاً في القتل والتعذيب. ولا تتوانى ميليشيات الحقد القومي الكردي من تصفية الخصوم بالطريقة نفسها التي تصفي فيها ميليشيات الوسخ التاريخي البربارية المتوحشة الخصوم.
أما في عالم مثل إيران وأفغانستان فإن البربارية والتوحش جوهر السلطتين في هاتين الدولتين . فالإعدامات التي تقوم بها دولة الملالي بحق المعارضين من كل القوميات لا حصر لها، وتاريخ طالبان لا يبشر بخير من حيث اعتقاد بعضهم بتحررها من البربارية والتوحش.
ويبدو بأن تاريخ البربارية والتوحش الذي دشنته أنظمة الجيوش المنحطة، وولادة الميليشيات من رحم هذه الأنظمة سيطول زمنه، فقوى والحرية والمدنية والقانون والعقد الوطني والاجتماعي باتت عاجزة أمام تحالف البرباريين والمتوحشين.
وليس هذا فحسب، فإن التحالف مع الميليشيات هذه من قبل الجماعات الحاكمة صار أمراً عادياً جداً.
ففي العراق يعترف النظام السياسي الحاكم بشرعية الميليشيات. والقوى المتخلفة في لبنان بقيادة جنرال أحمق تتحالف مع ميليشيا حزب الله، والعسكر الحاكم في سوريا يد بيد مع الميليشيات في قتل الحياة.
وليس هذا فحسب، فإن دولا كثيرة وجدت مصالحها في التعامل مع هذه الحركات المتوحشة. والأنكى من ذلك فإن الأمم المتحدة تعين مندوباً لها للتحاور مع الوسخ التاريخي كله.
والحق إن التساهل مع أي نوع من أنواع الميليشيات والأنظمة المتوحشة لهو مشاركة في تدمير أية إمكانية للتغير والتطور وحقوق البشر.
والمشكلة أن العالم المتسيّد يفصل بين مصالحه من جهة، ومصالح الشعوب المكتوية بالدكتاتوريات والميليشيات، من جهة ثانية، ولا أدل على ذلك إلا قول رئيس فرنسا ماكرون: بأن بشار الأسد عدو شعبه وليس عدو فرنسا.
ولعمري بأن هذا الرأي الذي تفوه به ماكرون هو رأي عام لكل الدول الأوربية التي هي على شاكلة فرنسا، ولأمريكا وروسيا. والدول المسيطرة على قرارات مجلس الأمن. وإلا كيف نفسر هذا الصمت أمام البربارية والتوحش اللتين أتيت على ذكرهما.
ليس هناك من حركة خلاص إلا من داخل عالمنا العربي. ويجب أن نوطن النفس على صراع طويل جداً، لأن التوحش حالة عنفية فاقدة للضمير الأخلاقي والحس الإنساني، ومغتربة اغترابا كلياً عن روح العالم.
التعليقات (2)