ما بين معركة ومعبر ... تكتمل مهمة الجولاني

ما بين معركة ومعبر ... تكتمل مهمة الجولاني
تندرت بعض صفحات الناشطين بالثورة السورية قائلة: هل أساء فهمنا "الجولاني أبو محمد" أمير تنظيم "هيئة تحرير الشام" عندما طالبناه بفتح معركة عسكرية نصرة لأهل جبل الزاوية والفزعة لأهل درعا البلد, لكنه استعاض عن فتح المعركة بفتح معبر ومتنفس لنظام أسد؟؟

قالوا أيضاً: طالبنا بدعم الجبهات وشحن المقاتلين لخطوط التماس بدل انشغالهم بمراقبة الناس والتضييق عليهم واعتقالهم وسجنهم وأحياناً إعدامهم, وبدلاً عن ذلك أدخل "الجولاني" شاحنات ميليشيات النظام, وسهل لها ممراً للعبور للثورة قبل العبور لمناطق ظن البعض أنها محررة!!!

على مدار سنوات ثلاث كانت الخطة الروسية لإعادة تعويم بشار الأسد تعتمد على خطوات عديدة أهمها وقف المعابر التي لا تخضع لسلطات ميليشيات أسد عبر تجميد قرارات تمديد إدخال المساعدات في مجلس الأمن, أو السيطرة على تلك المعابر عبر حملات عسكرية تتبع سياسة القضم البطيء والمتلاحق, ومن ثم حاول الروس الترويج والعمل على فتح ممرات ومعابر بين مناطق النظام ومناطق الشمال الغربي من سوريا لغايات سياسية واقتصادية تستطيع من خلالها روسيا إعادة تدوير العصابة التي تحتل قصر الشعب في دمشق, وبنفس الوقت تساعد تلك المعابر مع عملية التبادل التجاري عبرها ومع تدفق الأموال بالقطع الأجنبي من تخفيف آثار العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على مافيا الأسد والدائرة السياسية والعسكرية المقربة منه من مجرمين وتجار وأمراء حرب بما فيهم ضباط يقودون حملته العسكرية على الشعب السوري سواء بأوامر إيرانية أو روسية أو حتى من الضاحية الجنوبية في بيروت.

لتحليل وتوضيح مهمة أبو محمد الجولاني وتنظيمه الإرهابي في اختراق وتدمير الثورة السورية, لا تحتاج إلى الكثير من البحث والتتبع والملاحقة والملاحظة, بل تحتاج فقط لرفع غشاوة أسدلها شرعيو الجولاني وتنظيمه متعدد التسميات على عيون الناس, عبر أجندة دينية حاول من خلالها توظيف الدين لطمث الحقيقة (والدين الإسلامي براء من ذلك), فمن التضييق على الحاضنة الشعبية وإفقار الناس ودفعهم للكفر بالثورة, إلى مصادرة وسرقة ونهب السلاح الثقيل كأحد أبرز أسباب إضعاف الجبهات ومنع الانتصار, إلى سجن مقاتلي الجيش الحر والناشطين الثوريين, إلى تكميم أفواه الإعلاميين ومنع مراسلي محطات الثورة (قناة أورينت) من العمل بمناطق عبوديتها, إلى سرقة المحاصيل وفرض الضرائب على المواطنين, واليوم تكتمل مهمة "تنظيم الجولاني" وبمراحلها الأخيرة عبر فتح المعابر مع عصابة الأسد ذهاباً وإياباً لمنافع اقتصادية وسياسية لجماعة الجولاني وأمرائه ولشريكهم بالعمالة نظام الأسد.

منذ ما يزيد عن 75 يوماً وأهلنا في درعا البلد تحت حصار قاتل, وممنوع عنهم كل مقومات الحياة من طعام وشراب ودواء, ومع ذلك لم يرفع أهالي "حوران" راية الاستسلام, وما استكانوا لا للروس ولا لعصابات الأسد وإيران, حتى إنهم لم يطلبوا الفزعة من أحد لأن شموخ أهل "حوران" لا يسمح لهم بذلك, لكن رابط الدم الذي يربط أهالي "حوران" بإخوانهم في مدينة "إدلب" وأريافها مع أرياف "حلب والساحل", دفع بسكان شمال غرب سوريا لطلب الفزعة من كل من حمل السلاح شمالاً نصرة للمحاصرين في "درعا البلد", والفزعة لا تعني شد الرحال للقتال على أبواب "درعا", ولا تعني فتح جسور للدعم, ولا بنقل تعزيزات من المقاتلين, الفزعة تكون بفتح معارك وخوض عمليات عسكرية على جبهات إدلب وحلب والساحل, معارك تضعف نظام الأسد وداعميه, وتشتت جهودهم وتفرض عليهم أن يفهموا أن الجسد الثوري السوري واحد وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر ". (متفق عليه)

لكن من طالب بالفزعة من أهالي شمال سوريا نصرة لأهل "درعا البلد" كانوا يعلمون الحقيقة ويدركونها جيداً, فهم يعرفون أن من خذل أهالي "جبل الزاوية" في ريف "إدلب" الذين يقتلون ويهجرون وينزحون منذ قرابة ثلاثة أشهر, وتستشهد منهم عائلات كاملة على يد عصابات الأسد وإيران وعبر حمم غربان قاعدة حميميم الروسية, هل يعول على من خذلهم في نصرة أهالي درعا؟؟

دخول ثلاث شاحنات تحوي مساعدات غذائية من معبر "ميزناز" بريف حلب الغربي الواقع تحت سيطرة ميليشيات النظام باتجاه قرية "معارة_النعسان" بريف إدلب الشمالي الواقعة تحت سيطرة فصائل الشمال كان حدثاً غريباً ومفاجئاً, سواءً في توقيته أو معناه, لأن نظام الأسد يعاني من جائحة اقتصادية وغذائية وهو يعجز عن تأمين متطلبات الحياة لمن يعيش في اللاذقية وجبلة وبانياس وطرطوس وأريافها, وكذلك لمن فرض عليه العيش في حمص وحماه ودمشق وحتى السويداء ودير الزور وحلب, ومع ذلك يرسل شاحنات تحمل مساعدات إغاثية للشمال؟؟ هو أمر يدعو للشك والارتياب, فكيف لقاتل هجَّر ورحَل وقتل السوريين أن يتحول بلمحة بصر لحمامة سلام؟؟ بل ويرسل عبر هلاله الاستخباراتي الأحمر مساعدات لسكان الشمال!!! أليس الأمر بعجيب وغريب؟؟

العارف بتفاصيل حركة المعابر اللاشرعية التي افتتحها تنظيم الجولاني وأمراء الحرب في الشمال الغربي السوري, يعلم أن تلك المعابر لم تتوقف يوماً حتى في أوقات الحرب, ويعلم أنها تنقل وعبر الاتجاهين كل ما يجلب رزم الدولارات لجيوب القائمين عليها بعيداً عن مصلحة الثورة ومصلحة الناس, بدليل أن تلك المعابر مع نظام أسد تعمل بينما معابر الجولاني مع مناطق درع الفرات وغصن الزيتون وأرياف حلب تضيق على الناس بل وتمنعهم من إدخال بعض المواد كالتين والملوخية والفليفلة والفروج والبيض وبعض المواد الأخرى, والمنع يأتي على خلفية منع تخفيف مرابح تجار وأمراء حرب الجولاني.

والعارف بخفايا صفقات الجولاني الاستخبارتية يعلم أيضاً أن مهام تنظيم الجولاني اليوم تغيرت وباتت أكثر حساسية, فإضعاف الجبهات وتسليمها والزج بمقاتلي الجيش الحر بالمعتقلات أصبح خلف الظهر, لأن المهام الجديدة اليوم تتطلب من الجولاني وعبر أوامر استخباراتية تنفيذ مهام ترسيخ حكم الأسد سياسياً والترويج له إعلامياً عبر "بروبوغاندا" إدخال المساعدات لسكان الشمال, والمهام الجديدة تتطلب أيضاً من "الجولاني" فك الحصار عن النظام عبر معابر  روسية_ جولانية تخفيفاً لعقوبات الغرب التي كبلت أيادي وأقدام نظام الأسد, ومن ثم بفتح الممرات "الإنسانية" التي تحدثت عنها روسيا في مؤتمر إعادة اللاجئين الذي انعقد مؤخراً في دمشق, وروّجت له روسيا أيضاً في مجلس الأمن, وبلحظة دهماء سنجد أن الطرق باتت مفتوحة ومهيئة لإعادة تدوير نظام الأسد محلياً وعالمياً, أما عربياً فتلك مهمة يقودها بعض زعماء العرب الذين يحاولون اليوم إعادة مقعد الأسد إلى الجامعة العربية رغم أن الأسباب التي دعت قادة العرب لتجميد عضويته ما تزال قائمة بل زادت بإجرامها بحق شعب سوريا.

التعليقات (1)

    آشور

    ·منذ سنتين 6 أشهر
    لا معجزات .. لا حلول سحرية ... الأعداء كُثُر ... توحيد الصفوف والمواجهة حيث يمكن فعل هذا .. لا يوجد أية حلول أخرى .. التصدي للخطاب الطائفي المافيوي الجهادي ضرورة ملحة الآن
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات