18 شابا وشابة يطلقون مبادرة لإعادة ترميم وتأهيل المدارس بإدلب

يُعد قطاع التربية والتعليم من أهم ركائز نهوض أي مجتمع ودليل تقدمه وحضارته، ويحظى باهتمام الحكومات والهيئات للوصول إلى أعلى مراتب الرقي.   وفي سوريا يعاني قطاع التربية والتعليم من التهميش وعدم الاهتمام سواء على دور الأسد الأب "حافظ" الذي همّش قطاع التعليم والمدارس والمعلمين أو ابنه بشار الذي تابع مسيرته وهدم معظم المدارس بفعل إجرام ميلشياته وطائراته وحوّل الباقي لثكنات عسكرية، وقتل وهجّر المعلمين بل حوّل تفكير الطلاب ليتماشى مع حكم حزب البعث وسياسته القومية. وفي المناطق المحررة تستمر معاناة قطاع التعليم مع ضعف دور القائمين على الأمر من حكومات وهيئات ومنظمات وليبقى الأمر مقتصراً على عدة محاولات ومبادرات للنهوض بالواقع التعليمي نحو الأفضل، كلٌّ بحسب استطاعته، كمبادرة "أثر" التي أطلقها مجموعة من الشباب الواعي والمثقف وتهدف إلى إعادة هيكلة بعض المدارس وترميمها لتكون جاهزة لاستقبال العام الدراسي الجديد.

 مبادرة أثر.. الفكرة والانطلاق

الشح الخدمي المقدم لقطاع التعليم وعدم اهتمام الكثير من المنظمات والمؤسسات بتلك الناحية، والحاجة الملحة لتخديم المدارس وترميمها وتزيينها، جعل مجموعة من المتطوعين يطلقون مبادرة محلية من بلدة دركوش في ريف إدلب الغربي والتي حدثنا عنها قائد المبادرة (نور عز الدين) قائلاً: "نحن ثمانية عشر شاباً وشابة جامعيين من عدة محافظات سورية جمعتنا الثورة السورية في بلدة دركوش، وأحببنا تقديم دعم إيجابي للطلاب الذين أنهكتهم ظروف الحرب والتشريد والقصف بإصلاح مدارسهم وذلك بحسب إمكانياتنا مع اقتراب العام الدراسي الجديد، فجاءت فكرة تنظيف وطلاء المدارس وتزيينها برسومات تعبيرية داعمة وتشجيعية، في ظل لجوء معظم المنظمات للدعم الإغاثي والنفسي وعدم إعطاء التعليم حقه من الرعاية والاهتمام، فكان لزاماً علينا أن نعتمد على أنفسنا أولاً وبادرنا نحن بالدعم وتقديم كل ما نستطيعه".

البداية مدرسة الحي الغربي..والهدف مدارس إدلب

"بدأنا بمدرسة حيِّنا الغربي في بلدة دركوش كونها الأقرب إلينا، بجهود جبارة وهمم تعانق السحاب، ورؤية مستقبلية قد تعمّ كل مدارس المحرر إن شاء الله" وذلك بحسب (محمد النعسان) أحد أعضاء الفريق المبادر والذي تابع: "باشرنا بقشر الدهان القديم، وإصلاح الجدران، وطلائها بدهان جديد بألوان متناسقة ورسومات هادفة تعبيرية ومشجعة على التحصيل العملي وبذل الجهد لذلك، في الصفوف والممرات والباحة بأيدي متطوعين موهوبين". وعن طبيعة الرسومات وغايتها حدثتنا الرسامة في الفريق (صباح الصالح) قائلة: "نحن ثلاث رسامات في الفريق التطوعي، قمنا بالعديد من الرسومات التي من شأنها أن تزرع في نفوس طلابنا البسمة والفرح وحب التعلم والإيجابية، وتم مراعاة نوع الرسمة وطبيعة ألوانها حسب المكان المرسومة فيه، فعلى سبيل المثال رسمة كتاب وقلم ضمن المكتبة، ورسمة اللعب والتعاون في الباحة وهكذا". من جهته لفت (نور عز  الدين) قائد المبادرة إلى تكاتف الأهالي معهم وقال: "في بداية عملنا طرحنا الفكرة على عدة أشخاص، رحبوا بالفكرة وأثنوا عليها، وترجموا ذلك بدعمهم المباشر لنا على الصعيدين المادي والمعنوي، كون المبادرة تعود بالنفع على أطفالهم بالدرجة الأولى والمجتمع بشكل خاص، للوصول إلى أعلى المراتب في التفوق والنجاح".

 أثر إيجابي.. ورسالة هادفة

خطوة تكميلية وجهد مشكور قام به فريق أثر التطوعي لاستكمال ما بدأته منظمة "سيرياريليف" في مدرسة بنات الحي الغربي بدركوش والتي توقفت ولم تؤتِ ثمارها آنذاك بسبب ضعف الدعم وقلة الإمكانيات، وذلك بحسب (إيمان سليمان)  مديرة المدرسة، والتي أضافت: "هذا العمل يترك أثراً إيجابياً في نفوس المعلمين ويشجعهم على الإعطاء بحيوية ونشاط ويغير من نفسياتهم نحو الأفضل، ويساعد الطلاب أيضاً على الفهم أكثر بسبب كسر الروتين عبر جمال الرسومات وتناسق ألوانها، التي جعلت المدرسة تبدو بحلة جديدة وصورة جميلة إلى أبعد حد، وبدوري أشكر كل من قام بهذا العمل وساهم في إنجازه، وكان له أثر ولو بسيطاً في دعم قطاع التعليم وإسعاد الطلاب، وأتوجه برسالة لكل الشباب والقادرين على تحفيز ودعم ذلك القطاع، ويعمل الخير بشكل عام أن يقدموه ويعملوا عليه في أي مجال وأي إمكانية". بدوره وجه (نور عز الدين) نداء للمعنيين عبر أورينت نت جاء فيه: "نتمنى من كل المنظمات والهيئات أن يتوجهوا لأهم قطاعات المحرر ودعمه ومنحه ما يستحقه، للنهوض بواقع الجيل والطلاب، فهم أمان المحرر المعقود عليه أمل المستقبل الأفضل، ويجب تعميم فكرة المبادرة وتوسيع مجال عملها ورقعة استهدافها الجغرافية لتعم أكبر قدر ممكن من المدارس، وبالتالي ينعكس ذلك إيجاباً على طلابنا ونحصد جميعاً الخير جراء ذلك الأمر".