ذهبت إلى مقر الهيئة في منطقة دمر.. وقدمت له وثائق حول عدة مواضيع فساد على مستوى كبييييييير أهمها بما يتعلق بماهر الأسد مباشرة!
ارتجفت يداه وارتعدت من الخوف وهو يستلم الوثائق.. وبدا لي مرتبكا يكلم نفسه ببضع كلمات لم أفهمها. قدرت مدى إحراجه لكني قبل أن أستأذن منه بالذهاب أخبرته بأنني انتظر ردا منه.. وبدون طول سيرة عندما قابلته بعد شهر في مكتبه كدت لا أعرفه، فقد تبخرت شخصيته كرئيس أعلى هيئة تفتيشية بسوريا من خلال طريقة حديثه وهو يحاول شرح الظروف الموضوعية والتاريخية للقطر العربي السوري في مواجهة العدو الصهيوني، والتصدي للإمبريالية العالمية والرجعية العربية، والطابور الخامس، والتحدي الكبير للمؤامرة التي تحاك ضد سوريا بسبب مواقفها المبدئية.. وأهمية الصمود والتصدي في وجه أعداء سوريا وقائد مسيرة التطوير والتحديث السيد الرئيس بشار الأسد.
في الحقيقة كنت أتأرجح متمايلا على حافة الضحك وأطراف الحزن عليه.. فبالرغم من كوني رسام كاريكاتير فكنت حينها عاجزا عن نقل ملامحه المبعثرة بين الحزن والخوف والأسى والترجي بالعدول عن قراري من خلال الابتسامة الخائفة. فهو يدرك تماما أن ماهر الأسد وشركاه من بهجت سليمان وآصف شوكت وجميل حسن ومحمد منصورة وضباط كبار من شتى أصقاع السلطة لهم حصص في مشروع سكني أطلق عليه مشروع (قرى الشيخ زايد) وهو لا يمت للراحل الشيخ زايد حاكم دولة الإمارات العربية المتحدة بصلة، ولكنهم استخدموا الاسم للدعاية والتسويق.. وقد تمت فبركته والدعاية له كأكبر مشروع وهمي وفي الحقيقة كان لغسيل الأموال.. وهذا المشروع بالذات يعدّ من أكبر عمليات النصب والاحتيال والسطو على جيوب المواطنين منذ استيلاء حثالات البعث على السلطة ومن ثم إنتاج نظام التشبيح والتعفيش الأسدي.
ولتوضيح حجم ما تم سرقته من هذا المشروع يكفي أن تعلموا أن كومبارس المشروع من شركاء الاحتيال الصغار، أحدهما وهو (أحمد مرديني) وكان رئيس اتحاد التعاون السكني قد خرج وبجيبه مبلغ 3 مليارات ليرة سورية عندما كان الدولار يساوي 40 ليرة سورية والثاني (محمد الهوا) صاحب الأرض الذي جمع ضعف المبلغ الذي جمعه أحمد.. وعليكم بعدها تخيل ما جمعه اللصوص الكبار إذن؟؟؟
ويقال إن اللصوص الكبار لاحقا نالوا من اللصوص الصغار بطريقة رائعة حيث قاموا بسجنهم ومن ثم ابتزازهم بدفع مالديهم كي يفرجوا عنهم.. رغم أن بعض اللصوص الصغار تمكنوا من الهرب إلى أوروبا!
بالرجوع لحديثنا عن مشروع (قرى الشيخ زايد) فأصل المشروع عبارة عن أرض تقع بين تضاريس جبلية غير مؤهلة للسكن تابعة للفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، وكانت الفكرة والخطة أعدها رئيس اتحاد التعاون السكني بذكاء الثعلب ومكره، حين اقترح عرض بيع الأرض بنشر إعلان عبر الصحف لتأخذ شرعية القانون علما أنها لاتباع ولاتشترى لأنها جزء من ثكنة عسكرية.
وبعد 15 عشر يوما من النشر بالصحف دون اعتراض قانوني متفق عليه مع الحكومة، باشر (محمد الهوا) كصاحب الأرض وكمهندس للمشروع بأخد (الأوكي) واشتعل المشروع بالدعاية وفاق حجم المسجلين به حجم ربع سكان الصين ودفعوا الأموال مقدما وسددوها كاملة قبل انتهاء المشروع وقد جمعوها من مدخرات وبيع أساور نسائهم ومن استدانت تمت هنا وهناك وأخرى من رهونات، ومن ثم بدأت لعبة بيع أرقام الدور والتسجيل ودفع الفروغات للحصول على فيلا من المشروع الأسطوري، الذي تبين فيما بعد أنه يخلو من أي خدمات صحية أو كهربائية أو حتى من شروط وأسس البناء الحقيقي، وكان أقرب للماكيت المرسوم على الأرض.. وخصوصا بعد أن تبين فيما بعد أنه كان مبنيا على أرض تقع فوق حوض دمشق المائي... ولو قيض له التنفيذ لا سمح الله لأصيب معظم أهالي دمشق والضواحي بجوائح تلوث لا ترقى إليها الكورونا جراء تسرب كهاريز المشروع وصرفه الصحي ومجاريره عبر ترشحها واختلاطها بالمياه الجوفية لحوض دمشق المائي.. لكن الله لطف وستر بأن المشروع كان مجرد غسالة أتوماتيك للأموال لصاحبها ماهر الأسد جوز الست منال.
بعد شيوع القصة في أروقة هيئة الرقابة والتفتيش، اتصل بي العقيد (محمد سليمان) الذي تم اغتياله فيما بعد وكان وسيطا بين بشار ومجموعة ممن تم خداعهم من مثقفين وفنانين باسم حرية التعبير واعتقالهم فيما بعد.. وقال لي محمد سليمان الذي يعتبر برتبة الهدهد الرئاسي:
"أخ علي:.. بالنسبة للموضوع اللي قدمته لأحمد يونس رئيس الهيئة التفتيشية نحن كتبنا مذكرة (للسيد الرئيس) وأجابنا السيد الرئيس بأنه ستتم الإجراءات اللازمة بحق المذكورين ورح يجري التحقيقات في الأمر ورح نمسح فيهم الأرض علنا وأمام الجماهير وبكل وسائل الإعلام.. ولكن حاليا منحب نبلغك على لسان سيادته بأنه هو مهتم جدا بالموضوع اللي قدمته لرئيس الرقابة والتفتيش لكن هلأ مو وقتها ننشر غسيلنا الوسخ بهالفترة".
وأردف العقيد الهدهد قائلا:
" لاسيما أن السيد الرئيس متل ما بتعرف أمامه مهمات صعبة وشاقة للغاية ولازم نوقف جنبه في مواجهة المؤامرات والمدسوسين ولازم نوقف معه، ولكن حاليا المطلوب التريث لأنه لايجب نشر غسيلنا القذر أما الأعداء".
بحب قلكم بالمناسبة بهديك الفترة تسربت للدومري من داخل الهيئة ومن قبل موظفين في داخلها صورة عن مذكرة صادرة عن القضاء ردا على مذكرة قدمها رئيس هيئة الرقابة والتفتيش بخصوص المشروع السكني والتحقق منه وكان الرد المخابراتي أنه تم تعيين قاضية من قبل (بهجت سليمان) رئيس كل فروع الأمن بسوريا وكان رئيسا للرئيس، وقد قام بشطب المذكرة التي قدمها التفتيش وتم شطب كل التهم الموجهة لهم، وتبرئته بما نسب إليهم من شكوك واتهامات.
سمعت بعد ذلك بأن بهجت سليمان غضب من أحمد يونس رئيس الهيئة ولم أعد أسمع عنه شيئا، وعلى ما يبدو أن يونس قد بلعه الحوووووووت..!؟؟ ولمن يرغب بزيارة المشروع في منطقة الديماس سيجد هياكل أسمنتية عشوائية خالية من أي مقومات للسكن ولا تصلح حتى لعابر سبيل يقضي فيها حاجته؟!
التعليقات (4)