ومع إعلان حسن نصر الله أول أمس، أن سفينة إيرانية محملة بالوقود ستصل لبنان لمصلحة "دويلة الضاحية الجنوبية" خلال الأيام المقبلة، بدأت الأصوات اللبنانية تحذر من تعريض لبنان لعقوبات دولية شديدة وتعقيد أزماتها السياسية والاقتصادية بشكل أكبر، خاصة مع انهيار الوضع الاقتصادي في البلاد ومحاولة تحدي العقوبات المفروضة على أسياده في طهران.
وقال نصر الله محذرا من التعرض للسفينة الإيرانية خلال كلمة متلفزة "أقول للأمريكيين والإسرائيليين إن القارب الذي سيبحر خلال ساعات من إيران هو أرض لبنانية"، مضيفا: “لا نريد الدخول في مشكلة مع أي شخص. نريد مساعدة شعبنا.”
دويلة الضاحية
غير أن موقع "نورن نيوز" التابع للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أعلن أن سفينة الوقود المتجهة إلى لبنان "اشتراها مجموعة من رجال الأعمال الشيعة في لبنان"، وأن "الشحنات تعتبر ملكا لهم منذ لحظة التحميل”.، وهي رسائل تحمل إشارتين، أولها محاولة التهرّب من العقوبات الأمريكية التي تمنع التعامل مع إيران، والإشارة الثانية لطمأنة الداخل الإيراني بأن تلك الشحنة دُفع ثمنها، كما إن ذلك الاعتراف يفقد نصر الله أي "منّية" سياسية أو اقتصادية مترتبة على الشعب اللبناني، باعتبار أن تلك الشحنات (إن وصلت) ستكون بأموال خاصة وليس كما يدعي أنها "دعم إيراني".
ويحاول زعيم "حزب الله" ذو الولاء الإيراني التعامل من داخل معاقله (الضاحية الجنوبية) على أنها محافظة إيرانية أو دويلة خاصة بجماعته ومنفصلة عن بقية المناطق اللبنانية الغارقة بأزمات صنعتها الميليشيا بهيمنة السلاح بهدف السيطرة على كامل السيادة اللبنانية وسلب ما تبقى من قرارها وإمكانياتها لمصلحة مشروع نظام الملالي الإيراني.
وفي هذا الصدد، حذر رئيس الوزراء السابق سعد الحريري من عواقب وخيمة قد تجنيها تصريحات نصر الله الأخيرة، رافضا وصف السفن على أنها "أراض لبنانية" والتعامل مع لبنان كمحافظة إيرانية، إضافة للتحذير من "تعريض البلاد لمصير فنزويلا التي تخضع لعقوبات شديدة"
فيما قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إن الميليشيا "بعد أن اغتصبت السلطات الحكومية في الشؤون الأمنية والعسكرية، أصبحت الآن تتولى صنع القرار الاقتصادي على حساب اللبنانيين".
من جهتها قالت السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا ، في تصريحات نقلتها قناة العربية الإنكليزية، إن لبنان لا يحتاج إلى ناقلات نفط إيرانية لإنقاذه من أزمته ، مشيرة إلى وجود “مجموعة كاملة” من سفن الوقود قبالة الساحل اللبناني في انتظار تفريغ حمولتها.
أزمة هي الأسوأ
ويعيش لبنان أسوأ ظروفه السياسية والاقتصادية مع تراكم الأزمات، ولاسيما الانهيار الاقتصادي والفراغ الحكومي وقضية انفجار مرفأ بيروت العام الماضي، وذلك بسبب هيمنة أذرع إيران على البلاد وجرها إلى مصير مجهول ينذر بكارثة غير مسبوقة، في وقت بات الشعب اللبناني على شفا كارثة حقيقية بسبب انعدام الخدمات الأساسية كالمحروقات والكهرباء والأدوية، إلى جانب فوضى أمنية نتيجة تسلط الميليشيات المحلية وتجار الحرب.
وخلال الأيام الماضية تفاقمت الأزمات الاقتصادية والأمنية بشكل متسارع في البلاد، ولاسيما الطوابير التي تقطع أوصال معظم المناطق، خاصة مع قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة برفع الدعم عن الوقود في لبنان لوقف عمليات التهريب إلى سوريا، وهو أمر زاد من تعقيد الأزمات وأدخل البلاد في نفق مظلم، ما دفع لبنانيين لإطلاق على مواقع التواصل الاجتماعي وسمَ "بلد مخطوف" للتعبير عن اختطاف عملاء إيران للبنان، وهيمنتهم على مؤسساته واقتصاده والوقوف في وجه مبادرات الإصلاح وعرقلة تشكيل الحكومة بالتوازي مع انطلاق احتجاجات شعبية في مناطق متفرقة.
التعليقات (2)