وبعد سيطرة حركة طالبان على مدينة مزار شريف، كبرى مدن شمال أفغانستان، احتفل مُقاتلو الحركة بالسيطرة على المسجد الأزرق الشهير بالمدينة الذي يمثل رمزية كبيرة بالنسبة للشيعة الأفغان الذين يقطنون بجواره، ويقاتل أغلبهم تحت راية ميليشيا الحرس الثوري الإيراني في سوريا، لتخرج الحركة في بيانٍ لها وتؤكد على ضرورة عدم المساس بالحسينيّات والتكايا العائدة "للأخوة الشيعة" في أفغانستان، بحسب تعبير البيان.
وعلى الجانب الآخر وفي مغازلة لحركة طالبان دافع مدير عام مكتب الشؤون الخارجية لوكالة أنباء "تسنيم"، إحدى أذرع الحرس الثوري الإيراني الإعلامية، حسام رضوي، في مقابلة مع التلفزيون الحكومي مؤخرا عن الحركة محذراً الشيعة الهزارة في أفغانستان من التطوع للحرب ضد طالبان، مؤكداً أن الشيعة الذين يُقاتلون ضد طالبان هم الملومون وليس طالبان.
بدورها صحيفة "كيهان" الناطقة باسم المرشد الإيراني علي خامنئي، أشادت في افتتاحيةٍ لها حملت عنوان "طالبان غيرت مسارها ولم تعد تذبح" بالحركة الأفغانية، وقالت الصحيفة: "قوات طالبان التي نتحدث عنها اليوم، أولاً، ليست قوة موحدة ومنسجمة، وثانياً، تختلف عن طالبان التي عرفناها وكانت على سبيل المثال تجز الرؤوس، فقد أعلنت الحركة رسمياً هذا التغيير، كما إنّ العديد من أعضاء الحركة هم من ضحايا الحرب والشباب الذين فقدوا عائلاتهم في الاضطرابات وانضموا إلى المجموعة بسبب الفقر والعيش أو الانتقام أو الشعور بالواجب".
وإلى الجنوب من طهران العاصمة السياسية لإيران، قمعت قوّات الأمن الإيرانية في مدينة قم وهي العاصمة الدينية لإيران عدداً من المُحتجين الأفغان الذين ينحدرون من عرقية الهزارة الأفغانية ويدينون بالمذهب الشيعي، وذلك بعد مُحاولاتهم التظاهر ضدّ حركة طالبان في المدينة.
وفي السيِّاق ذاته؛ قالت وسائل إعلام إيرانية مُعارضة إنّ العديد من التقارير الموثوقة تفيد بأن الجمهورية الإسلامية زادت من دعمها المالي والأسلحة لمقاتلي طالبان خلال العامين الماضيين.
وفي العراق؛ وبعد إنزال مُقاتلين من الحركة رايات شيعية في مدينة مزار شريف، خرجت صفحات عراقيّة تابعة لميليشيا الحشد الشيعي لتؤكد أنّ من قام بتلك الأعمال ليسوا مُقاتلي حركة طالبان "الكيوت" ولكنهم مُقاتلون من تنظيم القاعدة بعد هربهم من السجن، وأكّدت بعض الصفحات أنّ عبد القادر مولوي وأثناء دخوله لمسجد وحسينية "محمد رسول الله" اعتذر عن تصرف أفراد من جماعته بإنزال الرايات العاشورائية، وقال إنه تصرف غير مسؤول.
المعارض العربي الأحوازي والخبير بالشأن الإيراني نوري آل حمزة أكّد في تصريحات سابقة لـ "أورينت نت" أنّ ما نشهده اليوم من تقارب بين النظام الإيراني وحركة طالبان ليس وليد اليوم أو الظروف الراهنة، يقول آل حمزة: "إذا أردنا الرجوع بالخلف إلى علاقة إيران بهذه التنظيمات التي تعتبر حركة طالبان ابناً شرعياً لها كأفكار تنظيم القاعدة، فمنذ عام 1992 وحتى قبل انتشار حركة طالبان التقى رئيس أركان الحرس الثوري الإيراني المعروف بـ "ذو القدر" بأسامة بن لادن، ونسق ذلك الاجتماع عماد مغنيّة، واستمرت العلاقات بين الحركة والنظام الإيراني حتى سقوط حكومة طالبان في أفغانستان".
وأشار آل حمزة إلى أنّه ومنذ سقوط الحركة وحتى اليوم لم يضمحل نشاطها، لكن العلاقات بين الحركة ونظام الملالي تطوّرت لدرجة أنّ الولي الفقيه افتتح مكتبين للحركة واحدا منهما في مدينة زاهدان، والآخر في مدينة مشهد، وسُميّت بـ (مكتب الشورى في زاهدان ومكتب الشورى في مشهد)، حيث كانت تُقيم قيادات الحركة الأفغانية في المدينتين الإيرانيّتين، وكانت علاقتهما محصورة بالمخابرات الإيرانية وميليشيات الحرس الثوري الذين سمحوا لهم بإقامة معسكرات للتدريب في المدينتين.
يُشار إلى أنّ نظام الملالي الذي كثيراً ما اتّهم دول الجوار بالعمل مع التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش، كشفت تحرّكاته الأخيرة أنّه الرّاعي الرّسمي لتلك الفصائل، فهي وحدها من تتفق مع الولي الفقيه من حيث الخلافة والولاية، فهو يعُدّ نفسه خليفة المُسلمين، كما كان المُلّا عمر وابن لادن والبغدادي واليوم يعتبرون أنفسهم.
التعليقات (4)