معمل تحت الأرض
يقول الصيدلي والكيميائي وأحد الأشخاص الذين عملوا في مصنع للمخدرات (أحمد سليمان) في حديث لأورينت نت: "منذ عام 2014، عرض عليَّ أحد المقربين العمل لدى شركة أدوية افتُتحت حديثاً قرب بلدة (البودي) بريف جبلة، لقد كانت الشركة تحمل اسم (عَقَار للصناعات الدوائية)، وما جعلني أرغب بالعمل رغم ظروفه الصعبة هو الراتب الجيد، ومن الأمور التي تجعل العمل صعباً هو مكان العمل، حيث سنعمل تحت الأرض في مكان أشبه بالمنجم".
يضيف: "كان المكان أشبه ببيت النمل، هناك غرف على جانبي ممر طويل، وعلى ما أعتقد فقد كان هناك ثماني غرف تقريباً، تمتد على طول نحو 500 متر، كانت كل غرفة مخصصة لشخصين يعملان ضمن مهمة معينة، ولا يمكن للعمال الاختلاط أبداً، وكل شخص يعمل في نطاق معين وهو غير مخول لمعرفة الخطوة التالية للأمر الذي أنجزه، وفي آخر هذا الممر يوجد باب آخر قيل لي إنه يؤدي إلى مستودعات التخزين التي لم أرها طيلة فترة عملي".
هكذا كان شكل المبنى
كانت مهمتي تقتصر على تحضير خلطات كيماوية خاصة بحبوب المسكن ذات التأثير العالي، ومن ثم تسليمها لمشرف القسم، وهو عبارة عن شخص يقف أمام غرفتي التي أعمل بها، والذي بدوره يسلمها للمشرف أمام الغرفة الأخرى، كانت الأمور تسير بشكل جيد وكنت أتقاضى راتباً يصل إلى 250 دولار أمريكياً في بعض الأحيان، وهو مبلغ يعد خيالياً قياساً بالنسبة للظروف الصعبة التي كنت أمر بها بعد أن تركت منزلي في حي الرمل الجنوبي وغادرت إلى جبلة".
"الأمر الذي بعث الريبة لديّ هو الوجود العسكري المكثف في محيط المكان، إذ إن المبنى الرئيسي عبارة عن مستودع كبير مجهز بحمام ومطبخ وغرفة جلوس وتلفاز وغيرها، وفي آخره درج محاط بـ (درابزين حديدية) يؤدي إلى منجم العمل، وفي محيط المبنى سيارات رباعية الدفع مجهزة برشاشات ثقيلة، مع وجود عسكري مكثف لعناصر إيرانيين وسوريين، لقد كان الأمر مريباً جداً، إلا أنني لم أجرؤ على سؤال أحدهم عن السبب، سيما في ظل التحذيرات المستمرة التي كان يوجهها لنا الشخص المسؤول عن المكان والذي يدعى (أبو الليث) والذي علمت لاحقاً أنه ينحدر من قرى القرداحة".
أين الدواء؟
وتابع: "في إحدى المرّات تجرّأت وسألت المشرف على القسم الذي أعمل به ويدعى (زيدان) عن الدواء ومصيره، وأنني لا أجد الأدوية التي ينتجها معملنا في الصيدليات، فأخبرني أن الأدوية جميعها تصدر للبنان والخليج وحتى أوروبا، ولا تباع في السوق المحلية بسبب كلفة الإنتاج المرتفعة وعجز المواطنين عن شرائها، وعندما ألححت في سؤالي عن السعر، غضب مني وطلب مني الصمت... فصمت".
"بعد اكتشافي لطبيعة العمل وأن جميع الخلطات التي كنت أعدها كانت عبارة عن خلطات (كبتاغون)، تركت العمل بدون إذن مسبق وغادرت البلاد خلال أقل من أسبوع دون أن أُعلم المعمل أني تركت العمل أو أني اكتشفت أمر العمل وطبيعته، حيث كنا طوال هذه المدة ننتج (الكبتاغون والكوكائين)، على أنها (حبوب مسكنة وخافضة للحرارة وبودرة للأطفال)".
وكان تقرير نشرته مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية الأمريكية قبل شهرين، كشف من خلاله عن معلومات صادمة عن حجم الأرباح التي يحققها نظام أسد من تجارة وصناعة المخدرات، والتي تحول نظام أسد إلى أحد أكبر المنتجين والمصدرين للمخدرات والمواد الممنوعة في الشرق الأوسط، وعن "الدورة الإنتاجية" للمخدرات بمناطق أسد ابتداءً بالصناعة وانتهاءً بالتصدير".
التعليقات (5)