وفي بيان نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم الأربعاء، يحمل توقيع "حراس الدين" وبعنوان: (غزوة العسرة الثانية) قال فيه: "قامت سرية لإخوانكم في تنظيم حراس الدين بتفجير حافلة تقل ضباطاً للحرس الجمهوري في مدينة دمشق، ضمن سلسلة غزوة العسرة وثأراً ونصرة لإخواننا في درعا".
كما دعا التنظيم (وهو أحد أفرع تنظيم القاعدة في سوريا) من وصفهم بـ"جميع المجاهدين على أرض الشام إلى العودة إلى خط الجهاد الأصيل فلا حل مع هذا النظام إلا القتل والقتال في سبيل الله بعيداً عن المؤامرات الدولية".
وجاء البيان بعد ساعات على تفجير استهدف حافلة مبيت لميليشيا أسد ضمن مساكن "الحرس الجمهوري" بمنطقة دمر غرب العاصمة دمشق، في اختراق واضح لمنطقة تعد أهم وأكبر معقل للميليشيات، وأسفر عن مقتل وإصابة نحو 19 عنصراً بينهم ضباط، بينما حاول الإعلام الرسمي لنظام أسد إخفاء حقيقة الاختراق الأمني وادعى أن التفجير ناتج عن "ماس كهربائي" وأدى لمقتل السائق وإصابة ثلاثة آخرين.
خلط أوراق أم رسائل؟
لكن تبني "حراس الدين" للعملية الأمنية ضد ميليشيا أسد وسط دمشق من شأنه خلط الأوراق مجدداً على الساحة السورية، ويفتح باب التساؤلات حول الأهداف والرسائل المرسلة إلى جميع الأطراف الدولية والمحلية، خاصة أن التنظيم "المصنف إرهابياً" ينشط في ريفي إدلب واللاذقية وتفصله مساحات واسعة عن العاصمة، ما يضعّف روايته بحال تأكد البيان.
ويرى المحلل الكاتب والباحث في الجماعات الجهادية، خليل المقداد أن أموراً عديدة لافتة للانتباه يمكن ملاحظتها في بيان التنظيم الجهادي حول تفجير دمشق الأخير، ولاسيما اسم العملية "غزوة العسرة الثانية"، معتبراً ذلك "انعكاساً طبيعياً للتنظيم الذي يتعرض للتضييق والملاحقة منذ فترة طويلة، من قبل هيئة تحرير الشام في إدلب والتحالف الدولي بقيادة رأسه الولايات المتحدة الأمريكية".
ويضيف المقداد في حديثه لأورينت نت: "إن صحَّ البيان فهذا يعكس إصرار التنظيم على المضي في نهجه، وهي رسالة للأطراف الدولية والمحلية مفادها أنه اذا ضيّقتم علينا في إدلب وريف اللاذقية فنحن سننقل العمل إلى أبعاد جديدة، وسنضرب في العمق"، كما اعتبر أن التفجير "آلم نظام أسد" بسبب الاختراق الأمني الذي أحدثه في أهم معاقل حاضنته وسط دمشق، مستبعداً في الوقت ذاته ارتباط البيان بعمل استخباراتي باعتباره "رمزياً يعطي رسائل في كل الاتجاهات".
إحراج لجميع الأطراف
غير أن العملية التي جاءت نصرة لأهالي درعا تشكل في مضمونها إحراجاً لنظام أسد وحليفه روسيا من جهة، ولفصائل الشمال السوري وخاصة "تحرير الشام" من جهة ثانية، بحسب المقداد، الذي يعتقد أن البيان يعكر صفو الاحتلال الروسي ونظام أسد اللذين يحاولان رسم صورة مغايرة للواقع السوري أمام المجتمع الدولي من خلال مسرحيات مختلفة وعمليات عسكرية على حساب المدنيين، إلى جانب توجيه رسائل إحراج داخلية لفصائل الشمال في إدلب وريفي حلب لتقصيرها عن نصرة درعا وفتح الجبهات لوقف الحملة العسكرية الشرسة عليها.
وما يثير الشكوك أيضاً هو محاولات إعلام نظام أسد الرسمي الذي سارع لإخفاء الحقائق بشتى الوسائل حول أسباب التفجير والخروج برواية محددة مفادها أن أسباب التفجير تعود لـ "ماس كهربائي أدى إلى انفجار خزان الوقود في الباص واشتعاله"، وذلك لإيهام الرأي الداخلي والخارجي بعدم وجود خرق أمني أو تهديدات أمنية في مناطق سيطرته وخاصة العاصمة.
خطوات متكررة
بالمقابل، ليست المرة لمحاولات "حراس الدين" خلط الأوراق وتوجيه رسائل من خلال تبنّيه عمليات وتفجيرات بعيدة عن مناطق نشاطه بريف إدلب، حيث أعلن مطلع كانون الثاني الماضي مسؤوليته عن هجوم بسيارة مفخخة على قاعدة عسكرية للاحتلال الروسي في بلدة تل السمن شمال الرقة، وحمل البيان حينها اسم (غزوة العسرة)، وأثار شكوكاً واسعة تجاه التنظيم باعتباره يقدم مبررات للاحتلال الروسي لاستهداف المنطقة وفق محللين.
وينشط تنظيم "حراس الدين" بريف إدلب الغربي، وهو مصنف على قوائم الإرهاب الدولية باعتباره تابعاً لتنظيم "القاعدة"، ويشكل إلى جانب فصائل أخرى غرفة عمليات “فاثبتوا”، وخلال الأعوام والأشهر الماضية تعرض لغارات أمريكية مكثفة بهدف إنهاء نفوذه بشكل كامل، إلى جانب ملاحقات واعتقالات نفذتها "هيئة تحرير الشام" تجاه معاقل التنظيم وعناصره، ما أدى لانحسار نفوذه بعد خسارته معظم قادة الصف الأول.
ويعارض التنظيم جميع الاتفاقيات الدولية حول القضية السورية ولاسيما الاتفاق التركي الروسي بمحافظة إدلب، وخاصة منطقة خفض التصعيد، ونفذ عمليات عديدة ضد تلك القوات المشتركة في المنطقة بالتعاون مع فصائل جهادية أخرى انضوت ضمن غرفة "وحرّض المؤمنين"، إلى جانب تنفيذ عمليات بشكل منفرد ضد مواقع ميليشيا أسد بأرياف حماة واللاذقية.
التعليقات (8)